أعلن البنك الدولي اليوم الأربعاء أن عددًا من الدول النامية تواجه نقصًا في إمدادات القمح على المدى القريب، بسبب اعتمادها الكبير على صادرات القمح الأوكرانية التي تعطلت بسبب الهجوم الروسي.
وذكر البنك في أحدث تقرير لمراقبة التجارة أن غامبيا ولبنان ومولدوفا وجيبوتي وليبيا وتونس وباكستان هي الأكثر انكشافًا بعد اضطرابات صادرات القمح من أوكرانيا، التي تشمل ما يصل إلى 40% أو أكثر من واردات تلك البلدان من القمح.
وأضاف: "سيواجه أولئك المستوردون متاعب في التحويل السريع إلى مصادر بديلة، مما قد يؤدي إلى نقص في الإمدادات على المدى القصير".
وفاقم وضع إمدادات القمح فرض روسيا لقيود على صادراتها من الحبوب إلى البلدان الواقعة خارج الاتحاد الاقتصادي الأورو آسيوي، والذي يضم بالإضافة لها كل من أرمينيا وروسيا البيضاء وقازاخستان وقيرغيزستان.
ولم تستهدف العقوبات الغربية على روسيا بسبب هجومها على أوكرانيا صادرات القمح الروسية على وجه التحديد، لكن العقوبات حظرت المعاملات بالدولار واليورو مع كبار البنوك الروسية، الأمر الذي جعل تمويل التجارة أكثر صعوبة.
تأثير ارتفاع أسعار القمح
وذكر تقرير البنك الدولي أنه إلى جانب النقص المباشر في الإمدادات إلى كبار مستهلكي القمح الأوكراني؛ فإن ارتفاع أسعار القمح في الأسواق سيؤثر على البلدان متوسطة الدخل في أنحاء العالم.
وارتفع مؤشر أسعار الحبوب في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) 14.8% على أساس سنوي، وقال البنك الدولي: "إن العقود الآجلة للقمح زادت بـ 60% منذ بدء الصراع".
وقال البنك: "إضافة إلى ذلك سيؤثر اضطراب صادرات القمح على أسواق الذرة والأرز، وهي من بدائل القمح، مما يفيد مصدري هذه المنتجات ويضر مستورديها".
مخاوف أمنية عربية من نقص القمح
وفي الوقت الذي تستعر فيه الحرب في أوكرانيا بعد الهجوم الروسي، قد يجد المصريون واللبنانيون واليمنيون ومواطنون من دول عربية أخرى، صعوبة في توفير الخبز باعتبار أن روسيا وأوكرانيا أول مورّدي القمح لهم.
وحذّر معهد الشرق الأوسط للأبحاث في وقت سابق من أنه "إذا عطّلت الحرب إمدادات القمح" للعالم العربي الذي يعتمد بشدة على الواردات لتوفير غذائه، "فقد تؤدي الأزمة إلى تظاهرات جديدة وعدم استقرار في دول عدة".
ويخشى اليمنيون من تحوّل الخبز إلى سلعة فاخرة بالنسبة للملايين الذين يعانون من الجوع في بلد نخرته الحرب.
ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، تتسبّب حرب أخرى في سوريا في تجويع 12.4 مليون سوري. وأشار موقع "ذي سيريا ريبورت" إلى أن البلد الذي كان مكتفيًا ذاتيًا من القمح حتى عام 2011، اضطر بعد سنوات من الحرب التي ساعدت فيها روسيا النظام عسكريًا، "إلى شراء 1.5 مليون طن من القمح عام 2021، معظمها من موسكو".
أما المخزون في لبنان فهو أقلّ، حيث أدى انهيار النظام المصرفي وانفجار مرفأ بيروت إلى إفقار 80% من السكان وتدمير أهراء القمح.
وفي المغرب العربي، حيث يعتبر القمح أساسيًا لصناعة الخبز أو الكسكس، قررت الحكومة المغربية زيادة مخصّصات دعم الطحين إلى 350 مليون يورو، وعلّقت الرسوم الجمركية على استيراد القمح.
لكن تونس غير قادرة على فعل ذلك. ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، رفضت البواخر تفريغ حمولتها من القمح لعدم دفع ثمنها، حيث يتزايد الدين مع ذوبان احتياطيات العملات الأجنبية.
وتعتبر مصر أكبر مستورد للقمح في العالم وثاني أكبر مستورد من روسيا. وأشارت شركة "أس أند أس غلوبال" إلى أن القاهرة اشترت 3.5 ملايين طن من القمح حتى منتصف يناير الماضي.