أعلن التحالف السعودي الإماراتي أنه سيوقف العمليات العسكرية في اليمن خلال شهر رمضان، فيما اتفق الحوثيون والقوات اليمنية على هدنة لمدة شهرين.
وأكدت الأمم المتحدة أمس الجمعة اتفاق طرفي النزاع في اليمن على هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد تبدأ السبت، أول أيام شهر رمضان، وتوافقهما بشأن شحنات الوقود ومطار صنعاء.
ويعطي إعلان الجمعة بصيص أمل في حرب طاحنة أودت بمئات الآلاف ودفعت الملايين إلى شفا المجاعة في اليمن الذي يعتبر منذ فترة طويلة أفقر دولة في العالم العربي.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ في بيان الجمعة: "إن أطراف النزاع تجاوبوا بإيجابية مع مقترح للأمم المتحدة لإعلان هدنة مدتها شهران تدخل حيّز التنفيذ السبت في الساعة السابعة مساءً بتوقيت اليمن".
وأضاف: "الهدنة قابلة للتجديد بعد مدة الشهرين بموافقة الأطراف".
ترحيب بالهدنة
من جانبه، رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة بإعلان الهدنة، آملًا في أن تتيح إطلاق عملية سياسية لسلام دائم.
وصرح غوتيريش: "ينبغي الآن استخدام هذه الاندفاعة" للتأكد من "التزام (هذه الهدنة) في شكل تام وتمديدها"، مضيفًا "هذا يثبت أنه حتى عندما تبدو الأمور مستحيلة، يصبح السلام ممكنًا حين تتوافر إرادة التسوية".
بدوره، أعلن التحالف العسكري السعودي الإماراتي في اليمن الذي يدعم الحكومة المعترف بها دوليًا، ترحيبه بالهدنة.
ونقلت قناة "الإخبارية" عن الناطق باسمه العميد تركي المالكي قوله: "نرحب وندعم قبول الحكومة اليمنية لهدنة عسكرية لشهرين". وأضاف: "التحالف يدعم جهود الأمم المتحدة وترتيباتها لتثبيت الهدنة في اليمن".
بدوره، رحّب الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة بالهدنة في اليمن التي وصفها بأنها "متنفس انتظره الشعب اليمني طويلًا"، لكنه اعتبرها "غير كافية".
وصرّح بايدن في بيان "هذه خطوات مهمة لكنها غير كافية. يجب التزام وقف إطلاق النار. وكما قلت سابقًا، من الضروري إنهاء هذه الحرب".
I welcome the announcement of a two-month truce in Yemen by @OSE_Yemen. We now have a window of opportunity to finally secure peace and end the humanitarian suffering – I urge all parties to work towards a lasting political solution.
— Boris Johnson (@BorisJohnson) April 1, 2022
كذلك رحب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بإعلان الجمعة وحضّ على "العمل من أجل حل سياسي دائم". وقال جونسون عبر تويتر: "لدينا الآن فرصة سانحة لإحلال السلام أخيرا وإنهاء المعاناة الإنسانية".
وتزامن الإعلان مع نقاشات حول النزاع المدمر في اليمن تستضيفها السعودية. ورغم رفضهم المشاركة في المحادثات الجارية على أرض السعودية، قدّم الحوثيون الأسبوع الماضي عرضًا مفاجئًا لهدنة موقتة وتبادل أسرى.
وإثر ذلك، أعلن التحالف أنه سيوقف العمليات العسكرية في اليمن خلال شهر رمضان.
"خطوة آن أوانها"
ويلتزم طرفا النزاع حتى الآن بوقف إطلاق النار، وهو الأول منذ أبريل/ نيسان 2020.
وتابع غروندبرغ: "وافق الأطراف على وقف كل العمليات العسكرية الهجومية، بما فيها الجوية والبرية والبحرية، داخل اليمن وعبر حدوده".
وأوضح المبعوث الأممي أنهم وافقوا على "دخول سفن المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة وتسيير الرحلات الجوية التجارية من وإلى مطار صنعاء نحو وجهات في المنطقة محدّدة مسبقًا".
وأردف: "اتفق الأطراف أيضًا على الالتقاء برعايتي للبحث في فتح الطرق في تعز ومحافظات أخرى في اليمن".
وشكر غروندبرغ الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا على العمل معه "بحسن نية ولتقديم التنازلات الضرورية للوصول إلى هذا الاتفاق".
واعتبر أن "الهدنة ما هي إلا خطوة أولى آن أوانها بعد تأخر طويل".
وشدد مبعوث الأمم المتحدة على أن "الهدف من هذه الهدنة إعطاء اليمنيين مهلة هم بأمسّ الحاجة اليها، تُفرّج عنهم المعاناة الإنسانية، وأهم من ذلك تعطي الأمل في أنّ إنهاء هذا النزاع ممكن".
"وقف دائم لإطلاق النار"
ورفض الحوثيون المحادثات التي بدأت في الرياض الأربعاء برعاية مجلس التعاون الخليجي وتستمر أسبوعًا.
ولطالما طالب الحوثيون التحالف السعودي الإماراتي برفع الحصار الجوي والبحري المفروض منذ 2016 قبل أي وقف لإطلاق النار أو مفاوضات.
وفي المحادثات الأخيرة التي عقدت في السويد عام 2018، اتفق طرفا النزاع على وقف إطلاق النار في الحديدة التي تمثل نقطة دخول أساسية للسلع وإيصال المساعدات إلى اليمن.
وأكد غروندبرغ أنه سيواصل العمل خلال شهرين "بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار"، حاضًا الطرفين على التزام الهدنة.
صفقة تبادل أسرى
وجرت آخر عملية تبادل للأسرى في حرب اليمن في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 عندما أفرج كل من الجانبين عن 1056 أسيرًا، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وكان الحوثيون قد أعلنوا مساء الأحد التوصل إلى صفقة تبادل جديدة تشمل 1400 من أسرى الحوثيين مقابل 823 من الطرف الآخر، بينهم 16 سعوديًا وثلاثة سودانيين.
ونقلت وكالة فرانس برس عن دبلوماسيين سعوديين أن الاتفاق محتمل خلال الأيام المقبلة بين القوات الموالية للحكومة والحوثيين.
وقال دبلوماسي سعودي كبير: "هناك مؤشرات ايجابية أنه سيتم تبادل الأسرى قريبًا. الأعداد اتفقوا عليها بالفعل والمشكلة (حاليًا) في الأسماء".
وضع إنساني متدهور
يُطرح على طاولة المحادثات في الرياض ملف الاقتصاد اليمني المدمر ووضعه السياسي المعقد وكذلك المسائل العسكرية والمساعدات الإنسانية لسكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة وهم في حاجة ماسة للمساعدة.
وقد جمع مؤتمر للمانحين عقدته الأمم المتحدة الشهر الماضي أقل من ثلث الهدف البالغ 4,27 مليارات دولار، ما أدى إلى تحذيرات قاتمة بشأن البلد الذي يعتمد 80% من سكانه على المساعدات.
وتحذر وكالات الأمم المتحدة من أن ما يصل إلى 19 مليون شخص في اليمن قد يحتاجون إلى مساعدات غذائية في النصف الثاني من عام 2022، مع توقع زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون ظروف مجاعة خمسة أضعاف خلال العام ليصل إلى 161 ألفًا.