تم تأسيس عهد جديد بين الولايات المتحدة وحلفائها العرب، عبر التزام أميركي دائم بأمن الشركاء والدفاع عن أراضيهم، وتحقيق أمن واستقرار أسواق الطاقة، ومنع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة ودعوة إيران أيضًا للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ودول المنطقة.
جاء ذلك في بيان مشترك لقمة جدة للأمن والتنمية بين أميركا ودول الخليج العربي إلى جانب مصر والأردن والعراق.
مقررات قمة جدة للأمن والتنمية
والتقى الرئيس الأميركي جو بايدن في قمة جدة زعماء وقادة مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى العراق ومصر والأردن، حيث أكد على أن بلاده لن تتخلى عن الشرق الأوسط وأنها ستعتمد رؤية جديدة للمنطقة الإستراتيجية بما يمنع حدوث فراغٍ فيها قد تملأه قوى أخرى.
وانعكس هذا الموقف الأميركي في البيان الختامي الذي أكد أهمية الشراكة الإستراتيجية بين الدول الخليجية والولايات المتحدة، وضرورة خلو منطقة الخليج من أسلحة الدمار الشامل.
وفي بنود البيان الأخرى، جرى التأكيد أيضًا على تطوير قدرات الدفاع والردع المشتركة إزاء المخاطر المشتركة لانتشار أنظمة الطائرات المسيرة وتسليح الجماعات الإرهابية، بحسب البيان.
ورحب القادة بإنشاء قوة المهام المشتركة 153 وقوة المهام المشتركة 59، بين دول المجلس والقيادة المركزية الأميركية.
ومع أهمية الملف الأمني، لم يغب ملف الطاقة عن أجندة القمة حيث تم التشديد على ضرورة تحقيق أمن واستقرار أسواق الطاقة.
وبينما لم يخض الرئيس الأميركي في تفاصيل القضية الفلسطينية خلال القمة، سمع من القادة العرب موقفًا صريحًا إلى أهمية التوصل إلى حل عادل على أساس حل الدولتين، وهو هدف يتطلب أولًا وقف الإجراءات الأحادية التي تقوض الحل واحترام الوضع التاريخي القائم في القدس ومقدساتها.
هل حققت السعودية نجاحها المرجو من قمة جدة؟
ومن الرياض يتحدث منيف عماش الكاتب والمحلل السياسي، عن التفاؤل السعودي من القمة الخليجية الأميركية، مشيرًا إلى أن سياسة الرياض هي التحدث دائمًا "بلغة المنتصر".
ولفت لـ"العربي" إلى حدوث تطوير للسياسة الخارجية السعودية منذ عام 2015، بحيث لم تعد شراكة المملكة الإستراتيجية فقط مع أميركا والغرب بل امتدت إلى موسكو والصين والهند.
لذلك، يعتقد عماش أن الولايات المتحدة أدركت أهمية الشراكة مع الخليج بوقت متأخر، بعد أن اصطدمت بالأزمة الأوكرانية الروسية فتبين لها بعد إعلان دول الخليج الحياد الإيجابي أن المنطقة لم تعد بخندق واحد معها على غرار الحرب الباردة.
انتهاء عهد النفط مقابل الأمن؟
وفي السياق، يرى الدكتور خليل جهشان مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في واشنطن، أن هناك نوعًا من "المبالغة" في وصف العلاقة الثنائية بين أميركا والسعودية بأنها انتهاء عهد النفط مقابل الأمن.
ويقول جهشان من واشنطن، إن هناك علاقة إستراتيجية تاريخية بين الطرفين فيها الكثير من الثوابت، ولا يزال النفط من قبل الطرف الأميركي أمرًا مهمًا ولا سيما من جهة تأثير الضخ السعودي على أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وأردف مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات: "لذلك قرر الرئيس الأميركي المساهمة في هذه الزيارة للتأكيد على هذا الدور الأميركي في حماية هذه المصالح.. فغامر بايدن وذهب إلى جدة بالرغم من عدم اقتناع الرأي العام الأميركي بضرورتها بحسب الاستطلاعات".
أما عن المكاسب التي تحققت في قمة جدة، فيقول جهشان إنها تختلف من طرف إلى آخر ولا تزال نوعًا ما مجهولة حتى الساعة.