تتزامن ذكرى مرور 6 أشهر على شن روسيا حربًا على أوكرانيا مع ذكرى استقلال كييف عن الاتحاد السوفيتي ووريثته روسيا، التي تخلّف ما تسميه بعمليتها الخاصة نتائج وخيمة في أوكرانيا وغيرها من بلدان الجوار.
يحصي القائد العام للجيش الأوكراني فاليري زالوجني مقتل نحو 9 آلاف جندي، وتحصي الأمم المتحدة نحو 6 ملايين نازح ومثلهم لاجئ أوكراني، وقرابة مليوني أوكراني بحاجة إلى مساعدات.
في خطاب بمناسبة عيد الاستقلال، تعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن تواجه بلاده "الغزو الروسي حتى النهاية، وألا تقدم أي تنازل أو تسوية"، مشيرًا إلى أنه لا يرى في روسيا غير استمرار حربها على بلاده.
مزيد من المساعدات لأوكرانيا
ولا يبدو العالم من حول أوكرانيا قادرًا على حسم المعركة، إلا من خلال تقديم مزيد من المساعدات لأوكرانيا.
وفي هذا الإطار، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن تقديم مساعدات عسكرية جديدة لكييف هي الأكبر منذ بدء الحرب، تبلغ قيمتها نحو 3 مليارات دولار.
وزودت ألمانيا أوكرانيا بثلاث منظومات للدفاع الجوي من طراز "آيرس تي" ونحو عشر مدرعات لسحب الدبابات وعشرين قاذفة للصواريخ.
لكن الأزمة الأكبر في العالم تمتد إلى غذاء الملايين، بعدما فقدت أسواق العالم نصف صادرات الغذاء الأوكراني منذ بدء الحرب، فضلًا عن أزمة الطاقة التي تعقد العلاقة مع أوروبا وتضرب أكبر الاقتصادات فيها.
"بوتين لن يتراجع"
وتعليقًا على تلك التطورات، يشير نائب وزير الخارجية الروسي السابق أندريه فيديروف، إلى أن أحدًا لم يكن يتوقع أن تأخذ الحرب هذا الوقت الطويل، وأنها قد تأخذ وقتًا أطول بالفعل.
ويقول في حديثه إلى "العربي" من موسكو، إنه لا بد من التفهم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يتراجع وموقفه واضح جدًا؛ من حيث أنه لا بد لروسيا أن تتحكم في كل مناطق أوكرانيا.
ويوضح أنه "بناء على ذلك، فإن العملية العسكرية ستستمر".
ويتطرق إلى ما يصفه بالمناحي الخطيرة، فيلفت إلى خسارة في الحرب على مستوى الجيش الروسي، وضرر على اقتصاد البلاد بسبب العقوبات.
ويقدم مثالًا في هذا الصدد، أنه لأول مرة منذ سنوات طويلة، كان لدى روسيا في شهر يوليو/ تموز الماضي عجز في الموازنة.
"لا نعلم إن كان سيبقى مقاومًا"
من ناحيته، يعرب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف حسني عبيدي، عن اعتقاده بأن روسيا كانت على أتم الاستعداد لمواجهة العقوبات الاقتصادية.
ويقول في حديثه إلى "العربي" من جنيف، "صحيح أن موسكو تفاجأت بقوة العقوبات الاقتصادية التي شملت كل الميادين، وأوصلت بالنظام البنكي السويسري لإخراجه من النظام الدولي، إلا أن الاقتصاد الروسي استطاع في الوقت نفسه أن يقاوم".
ويردف بأن "هذه المقاومة استمرت 6 أشهر، لكن لا نعلم إن كان الاقتصاد الروسي سيبقى مقاومًا، وكذلك قيمة العملة الروسية ستستمر".
ويلفت إلى أن دول الاتحاد الأوروبي لم تكن تراهن على أن هذه الحرب ستستمر لستة أشهر وربما أكثر، مذكرًا بأنها كانت ترى أن هذه العقوبات ستكون مدمرة للاقتصاد الروسي.
ويشير إلى أن العديد من الدول الأوروبية كانت، أكثر من ذلك، تراهن على تغيير النظام وليس فقط تغيير السلوك الخارجي لدى روسيا.
ويوضح أن هذا السيناريو لم يتحقق وبدأت أوروبا الآن تعيد حساباتها، ولم يبق لها في النهاية إلا الخيار الأول المعتمد بالولايات المتحدة، وهو الدفع بمزيد من المجهود الحربي.
"لن نخسر هذه الحرب"
بدوره، يذكر النائب في البرلمان الأوكراني أوليكسي هونشارينكو، بأن أوكرانيا دولة مستقلة، مؤكدًا أن كل أوكرانيا تنخرط في الدفاع عن حريتها.
ويصف في حديثه إلى "العربي" من كييف، بوتين بأنه "ديكتاتور مجنون، ويعتبر نفسه بشكل ما إمبراطورًا" على حد تعبيره، لافتًا إلى أن الحرب على بلاده "توسعية وكأن أوكرانيا مستعمرة، ولكنها ليست كذلك".
ويردف: "نحن شعب فخور بإرثه، ولن نخسر هذه الحرب، وربما تكون هذه نهاية الإمبراطورية الروسية".
ويعرب عن اعتقاده "في ما يخص مستقبل روسيا، بأنها ربما لن تكون على خريطة العالم قريبًا"، مشددًا على أن أوكرانيا ستدافع عن استقلالها وعن وحدة أراضيها.
وبينما يذكر بأن بوتين، ورغم تصريحاته، لم يستطع السيطرة على كييف ولا على أوديسا ولا على خاركيف، يقول إن الرئيس الروسي "هو فقط يضرب المدنيين بهجومه كل يوم، ويزعج النساء والأطفال النائمين ويرعبهم".
وعن العوامل التي ساهمت في صمود السلطة في الدولة الأوكرانية فلم تتمكن روسيا من إسقاطها كما تمنت، يعدد "الجيش القوي، وشعب متحد في أوكرانيا يعرف ما هي تداعيات خسائر الحرب وعما يكافح، وكذلك الأمم المتحدة".