تطوَّر الخلاف بين وزارة الداخلية في تونس وبعض النقابات الأمنية إلى اصطدام مباشر بين الطرفين، وهو تطور يصفه كثيرون بالخطير وقد ينتج عنه ما يهدد أمن البلاد بدل حفظه.
ففي عدد من المحافظات، أزالت الأجهزة الأمنية خيامًا لاعتصام عدد من منتسبي بعض النقابات الأمنية المطالِبة بضمان العمل النقابي.
وقالت وزارة الداخلية في مؤتمر صحافي، إنها جادة في إنفاذ القانون على الجميع، مؤكدة أن احترامها للعمل النقابي لا يعني السكوت على التجاوزات.
وأشار وزير الداخلية توفيق شرف الدين في لقاء بعدد من ممثلي وسائل الإعلام، إلى أن الوزارة تضمن العمل النقابي، لكنها لا يمكن أن تسكت على التجاوزات.
الأمر نفسه أكدته الناطقة الرسمية باسم الوزارة، مشددة على أن قرارات الأخيرة نافذة وأن لا مجال للتراجع عنها.
النقابيون يتحضرون للرد
بدورهم، يقول النقابيون إنهم يرفضون رواية وزارة الداخلية، وإنهم بصدد التحضير للرد عليها في مؤتمر صحافي لإطلاع الرأي العام على بعض الحقائق.
وكانت وزارة الداخلية التونسية قد بنت موقفها من النقابات على نقاط خلافية كثيرة؛ من بينها الاقتطاعات التي تسحب من رواتب ضباط الأمن وعناصره لصالح النقابة؛ التي تقول الوزارة إنها بلا سند قانوني.
إلى ذلك، تتهم الوزارة بعض النقابيين بإصدار قرارات للانسحاب من مواقع العمل من دون الرجوع إلى القيادات الرسمية، وقد عدّت هذا الأمر سابقة خطيرة لا يمكن السكوت عليها.
"ليست معركة تقنية قانونية"
ويشير الكاتب الصحافي سرحان شيخاوي، إلى أن المعركة بين النقابات الأمنية في تونس ووزارة الداخلية كهيكل رسمي ليست معركة تقنية قانونية، على غرار ما يتم الترويج له رسميًا.
ويقول في حديثه إلى "العربي" من تونس، إن هذه المعركة أبعد من ذلك بكثير، وفيها الجانب السياسي بشكل كبير جدًا.
ويلفت إلى أنها تأتي في مسارَين؛ الأول اجتماعي حيث تشكل المعركة بين النقابة ووزارة الداخلية جزءًا مصغرًا عما يحدث في المجتمع التونسي، الذي أصبح مجتمعًا شديد التوتر والاحتقان، موضحًا أن المزاج العام التونسي المتوتر أثر بشكل مباشر على كل هياكل الدولة تقريبًا، حيث تسرّبت هذه التوترات حتى إلى داخل وزارة الداخلية.
وفي المسار الثاني، يتحدث عن الزاوية السياسية التي لها علاقة بهذا الملف، شارحًا أن البصمة السياسية واضحة؛ فعلاقة التوتر بين نقابة الأمن ووزارة الداخلية تأتي في إطار عام.
ويفيد بأن الدولة التونسية تسيّر الآن بعقل واحد؛ هو عقل رئيس الجمهورية، المبني في سياق بنية سياسية واضحة تعتمد أساسًا على القضاء على كل ما يُسمى بالأجسام الوسيطة؛ بما فيها المجتمع المدني والنقابات والإعلام، وخلق علاقة مباشرة بين السلطة والشعب التونسي.