فاز ثلاثة خبراء اقتصاد أميركيين، اليوم الإثنين، من بينهم الحاكم السابق للاحتياطي الفدرالي الأميركي بن برنانكي، بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2022.
فقد منحت جائزة هذا العام لبرنانكي إلى جانب مواطنيه دوغلاس دايموند وفيليب ديبفيغ، تقديرًا لأعمالهم على صعيد الأزمات المالية والمصارف ووضعهم أسس إدارة عالم اليوم لأزمات عالمية مثل جائحة كوفيد-19 أو الركود الكبير في عام 2008.
وأعلنت لجنة نوبل أن الخبراء الثلاثة "حسّنوا بدرجة كبيرة فهمنا لدور المصارف في اقتصادنا، خصوصًا خلال الأزمات المالية، وأيضًا طريقة تنظيم الأسواق المالية".
البنوك وأمد الأزمات
وشغل بن برنانكي البالغ 68 عامًا، حاكمية البنك المركزي الأميركي بين عامي 2006 و2014، في فترة طبعتها خصوصًا الأزمة المالية سنة 2008 وانهيار مصرف "ليمان براذرز" الأميركي.
وشملت تحليلاته الاقتصادية خصوصًا مرحلة الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي، وهي أسوأ أزمة اقتصادية في التاريخ المعاصر. وقد أثبت خصوصًا كيف أن التهافت الكبير على سحب الأموال من المصارف يشكّل عاملًا حاسمًا في إطالة أمد الأزمات وتفاقمها.
ووفرت الحكومات في جميع أنحاء العالم حزم إنقاذ للبنوك في عامي 2008 و2009، مما أثار موجة من الانتقادات بعد أن فقد كثير من الناس منازلهم حتى مع إنقاذ البنوك التي كانت المسب~ب الرئيس في الأزمة، إلا أن أبحاث الفائزين أشارت إلى أن المجتمع ككل استفاد.
أما دوغلاس دايموند الذي يناهز 69 عامًا، وفيليب ديبفيغ البالغ 67 عامًا، فقد طوّرا نماذج نظرية تظهر سبب وجود المصارف وكيف أن دورها في المجتمع يجعلها عرضة للشائعات بشأن انهيار وشيك لها.
وقال دايموند في مؤتمر صحافي مشترك مع الأكاديمية الملكية السويدية: "على الرغم من أن عمليات الإنقاذ تلك بها مشكلات.. فإنها يمكن أن تكون مفيدة للمجتمع"، مشيرًا إلى أن منع انهيار شركة مالية مثل ليمان براذرز كان من شأنه أن يجعل الأزمة أقل حدة.
وقالت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم: "تكشف إحدى نتائج أعمالهم البحثية عن سبب ضرورة تجنب انهيار البنوك.. كانت تحليلاتهم ذات أهمية عملية كبيرة في تنظيم الأسواق المالية والتعامل مع الأزمات المالية".
وأضافت الأكاديمية أن برنانكي أظهر بالتحليل الإحصائي أن تدفق العملاء على السحب من حساباتهم البنكية أدى إلى إخفاقات للبنوك، وأن هذه كانت الآلية التي حولت الركود العادي نسبيًا إلى ركود في الثلاثينيات كان الأشد في العالم، وإلى أزمة حادة.
ويمكن أن ينجم تدفق العملاء على السحب من حساباتهم البنكية بسهولة عن توقعات المستثمرين المتشائمة، مما يؤدي إلى انهيار مؤسسة وتعريض القطاع المالي بأكمله للخطر.
وقالت الأكاديمية: "يمكن منع هذه الآليات الخطيرة من خلال توفير الحكومة تأمينا على الودائع والعمل كمقرض وملاذ أخير للبنوك".
أميركا تهيمن على نوبل الاقتصاد
وعلى غرار سائر جوائز نوبل، تُرفق هذه الجائزة بمكافأة مالية قدرها عشرة ملايين كرونة سويدية أي حوالي 920 ألف دولار، يتم تقاسمها بين الفائزين في الفئة عينها.
يذكر أنه فاز في السابق بهذه الجائزة شخصيات بارزة مثل بول كروغمان وميلتون فريدمان، حيث كان غالبية الفائزين السابقين بالجائزة من الولايات المتحدة.
والعام الماضي، فاز الأميركي الكندي ديفيد كارد والأميركي الإسرائيلي جوشوا أنغريست والأميركي الهولندي غيدو إيمبه بنوبل الاقتصاد تقديرًا لأعمالهم في مجال الاقتصاد التجريبي.
ولا تزال الأميركية إلينور أوستروم (2009) والفرنسية الأميركية إستير دوفلو (2019) المرأتين الوحيدتين على قائمة الفائزين بهذه الجائزة.
نوبل "مزيفة"
في المقابل، تعد نوبل الاقتصاد "دخيلة" على جوائز نوبل الأصلية التي تأسست عام 1895 بموجب وصية من مخترع الديناميت ألفريد نوبل، فقد أسس البنك المركزي السويدي هذه الجائزة التي مُنحت أول مرة في عام 1969.
فكانت جائزة نوبل للاقتصاد، واسمها الرسمي جائزة بنك السويد للاقتصاد، أضيفت سنة 1969 إلى المكافآت الخمس التقليدية التي هي الطب والفيزياء والكيمياء والآداب والسلام، ما دفع بالبعض إلى وصف جائزة الاقتصاد بأنها "نوبل مزيفة".
نوبل 2022
وانطلق موسم نوبل 2022 قبل أسبوع، بجائزة الطب التي فاز بها السويدي سفانتي بابو تكريمًا لدوره في تحديد التسلسل الكامل لمَجين الإنسان البدائي وفي تأسيس هذا الاختصاص الذي يسعى من خلال درس الحمض النووي العائد لمتحجرات العصور القديمة، إلى معرفة خصائص الجينات البشرية في غابر الأزمنة.
كما كللت جائزة نوبل للفيزياء يوم الثلاثاء الفائت، الفرنسي آلان أسبيه والأميركي جون كلاوسر والنمساوي أنتون زيلينغر، على أعمالهم الرائدة على صعيد "التشابك الكمي"، وهي ظاهرة يكون فيها جزيئان كميان مترابطين بصورة كاملة، أيًا كانت المسافة الفاصلة بينهما.
ثم فاز الثلاثي الدنماركي مورتن ميلدال والأميركية كارولين بيرتوتزي ومواطنها باري شاربلس، الأربعاء، بنوبل الكيمياء لابتكارهم مجالين جديدين في الكيمياء المعاصرة هما "الكيمياء النقرية والكيمياء الحيوية المتعامدة".
أما الخميس، فكانت جائزة نوبل للآداب من نصيب لروائية الفرنسية آني إرنو لـ"شجاعة" مؤلفاتها المستمدة من سيرتها الذاتية، والتي جعلت منها وجهًا نسويًا.