لا تزال تتعالى الأصوات المحذرة من حدوث انتكاسة في مجال حقوق الإنسان ومعاملة النساء، في أفغانستان، عقب عودة حركة طالبان لتسلم مقاليد الحكم وتشكيلها حكومة جديدة.
وأعرب وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، اليوم الجمعة، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الباكستاني شاه محمود قرشي من العاصمة الباكستانية إسلام اباد عن قلقه، إزاء وضع النساء وحقوق الإنسان وحرية الحركة في أفغانستان.
ومضى قائلًا: "بوسعي أن أؤكد لكم أن حقوق النساء وحقوق الإنسان تهمنا دائمًا في أي منطقة في العالم".
ويزور ألباريس باكستان سعيًا لطلب المساعدة، في تأمين عملية إجلاء من أفغانستان لمن عملوا مع القوات الإسبانية.
وشهدت أفغانستان، منذ سيطرة طالبان عليها في 15 أغسطس/ آب الماضي، تفريق عدد من الاحتجاجات بالشوارع قادتها نساء واعتقال وضرب أشخاص، حيث وعدت طالبان بالتحقيق في تلك الأحداث.
وقال قرشي: إن هذا هو السبب في أن حكومات الدول الأخرى تحجم عن الاعتراف بحكومة طالبان التي شكلتها في السابع من الشهر الجاري.
وأضاف "أرى اهتمامًا ورغبة في التعامل لكني لا أرى اندفاعًا للاعتراف".
وطلب ألباريس تعاون باكستان في تأمين مرور آمن، لجميع من عملوا مع القوات الإسبانية، أو المؤسسات الأخرى في أفغانستان خلال وجود حلف شمال الأطلسي هناك على مدى 20 عامًا.
وأجلت إسبانيا ما يزيد على 2200 شخص من أفغانستان، معظمهم أفغان مهددون بانتقام حكومة حركة طالبان منهم.
وكانت مدريد أرسلت 27 ألف جندي خلال مشاركتها في الحرب، التي استمرت 20 عامًا، وتوفي 102 من جنودها هناك.
انتكاسة التعليم في أفغانستان
وفي سياق متصل، أكدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، اليوم الجمعة، أن أفغانستان تواجه خطر حدوث انتكاسة لمسار عقدين من المكاسب التعليمية للأطفال، وخصوصًا الفتيات، في ظل احتمال اندلاع أعمال عنف جديدة مع عودة حكم طالبان.
وتوقعت الوكالة الأممية في بيان لها أن "يرتفع عدد النازحين في الداخل، ما يزيد خطر حدوث خسائر في التعليم في أوساط الأطفال، وكارثة أجيال ستؤثر سلبًا على التنمية المستدامة للبلاد لسنوات".
ومنذ 2001، عندما أطاحت القوات الأميركية بأول نظام أقامته حركة طالبان بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة، ارتفع عدد الفتيات في المدارس الابتدائية من "نحو صفر" إلى 2,5 مليون في 2018، وفق آخر تقرير للوكالة التي تتخذ من باريس مقرًا.
وتضاعف التعليم في أوساط الإناث إلى 30% وبات حاليًا أربعة من كل 10 طلاب في الصفوف الابتدائية فتيات.
وفي المجمل، هناك نحو 10 ملايين شخص مسجّلين في النظام التعليمي، مقارنة بمليون فقط سنة 2001.
قرارات جديدة لطالبان
لكن حكومة طالبان الجديدة أصدرت مرسومًا ينص على وجوب فصل الرجال عن النساء اللواتي يرتدن الجامعات الخاصة، التي ازدهرت في السنوات الأخيرة، وأمرتهن بارتداء عباءات ونقاب.
ويتوقّع صدور قواعد متشددة أخرى في مجال التعليم بالنسبة للمؤسسات العامة، مثل منع الرجال من تدريس النساء، وهو أمر سيشكل أزمة في البلد الذي يعاني في الأساس من نقص في المعلّمات.
واعتبرت اليونسكو أن ذلك "سيسدّد ضربة هائلة"، لمشاركة النساء في التعليم العالي، ولتعليم الفتيات على نطاق واسع، ما سيؤثر سلبًا على حياتهن وعملهن ومواطنتهن.
كما سيشكل تراجع المساعدات الدولية التي تساهم في نصف مصروفات أفغانستان في مجال التعليم؛ مصدر تهديد آخر.
ولطالما كان يتأخر دفع رواتب المدرّسين، حتى بوجود تلك المساعدات، ما يثني كثيرين عن امتهان التدريس.
وأشار التقرير إلى أنه قبل عودة طالبان إلى السلطة كانت التحديات التي يواجهها التعليم في أفغانستان "ضخمة"، موضحًا أن نصف الأطفال ممن هم في سن المرحلة الابتدائية غير مسجّلين في المدارس، فيما لا يتقن 93% من الأطفال في المراحل الابتدائية المتأخرة القراءة.
ودعا التقرير إلى بذل جهود "لإزالة العقبات" أمام تسجيل الفتيات في المدارس عبر توظيف مزيد من المدرّسات خصوصًا في الأرياف.