البعض "لا يبكي أبدًا".. لمَ لا يذرفون الدموع؟
يُعد البكاء رد فعل شائعًا في التعبير عن المشاعر والتفاعل مع الأحداث، لا سيما المؤلم والضاغط منها.
وسواء بدمعة أو بالكثير من الانتحاب، يختلف ما يذرفه كل شخص تبعًا لمقدار تأثره، ولطبيعة شخصيته.
لكن ثمّة في المقابل أشخاص لا "تنزل لهم دمعة" حتى في أصعب المواقف.
وبينما يحاولون التعبير عن تعاطفهم بالكلمات أو الأفعال، قد يحاولون تبرير الأمر بأنهم "لا يبكون على الإطلاق".
فهل هذا صحيح؟
يشير موقع psychologytoday إلى أن عدم القدرة على البكاء أمر شائع جدًا، رغم عدم وجود إحصاءات رسمية.
ويورد الموقع مجموعة من الأسباب، بسؤال باحثَين في مجال العواطف هما آد فنغرهوتس ولورين بايلسما عنها.
ويلفت إلى أن وجود تاريخ من الصدمات العاطفية يمكن أن يؤدّي إلى إضعاف التعبير الصريح عن المشاعر.
وينقل عن فنغرهوتس، وهو أستاذ متقاعد في قسم علم النفس بجامعة تيلبورغ في هولندا أن السبب عادة ما ينطوي على آلية دفاعية لحماية النفس من المشاعر غير السارة، سواء أكان ذلك بوعي أو غير قصد.
ومن الأسباب الأخرى التي يوردها، استخدام مضادات الاكتئاب التي يُمكن لها أن تجعل بعض المرضى يشعرون بالخدر.
في المقابل، تُعتبر الكآبة نفسها سببًا لعدم القدرة على البكاء بخلاف ما يُتوقع، من حيث إنها تؤدي إلى ذرف الكثير من الدموع وليس العكس أبدًا.
لكن وفقًا لمقال psychologytoday، اتضح أن بعض المرضى، الذين يعانون من اضطراب اكتئابي حاد يبلغون عن مشاعر الفراغ وليس الحزن، لا سيما في نوع حاد من الاكتئاب يُعرف باسم "السوداوية".
من جهة أخرى، وفي إطار "وصمة العار الاجتماعية"، ينقل الموقع عن بيلسما، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي وعلم النفس بجامعة بيتسبرغ، أن "الحاجة إلى السيطرة يمكن أن تمنع بعض الناس من البكاء".
هل من حالات طبية؟
يشير المقال إلى وجود حالات طبية يُمكن أن تمنع إفراز الدموع، منها التهاب الغدة الدمعية نفسها.
كما يتحدث عن اضطراب نادر يُعرف باسم متلازمة موبيوس، وهو عيب خلقي يُعيق حركة عضلات العين ويؤثر على الغدد التي تنتج الدموع.
ويقدّم مثالًا أيضًا عن تلك الحالات الطبية اضطرابًا مناعيًا يُسمى "متلازمة شوغرن".
وفي إطلالة سابقة على شاشة "العربي2"، كان الاختصاصي في طب وجراحة العيون معز الحسن قد أشار إلى هذه المتلازمة بالحديث عن أسباب جفاف العين، الذي ينجم بدوره إما عن قلة في إنتاج الدموع أو زيادة في تبخر الدمع بالعين، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض مستوى الدمعة على سطح القرنية.
ويشرح أن من أعراض هذه المتلازمة القلّة في إنتاج كل من الدموع في العين واللعاب في الفم.
وبينما يوضح أنها قد تترافق مع وجود مشكلات مناعية مثل الالتهاب الروماتيزمي أو مرض بهجت، يلفت إلى أنها تنعكس جفافًا على سطح القرنية.