على مدار عقدين، نجا المزارع الأفغاني نعمة الله من الصراع في أفغانستان، حيث كان يزرع حقله في ولاية هلمند، على الرغم من اندلاع الحرب من حوله. الشهر الماضي، قرّر الرحيل هو وعائلته من القرية بسبب الجفاف لا الحرب.
ووفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، تعاني أفغانستان خلال الأشهر الماضية من واحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ عقود.
وبعد جفاف أرضه، لم يكن أمام نعمة الله (38 عامًا) أي خيار سوى الهجرة مع أسرته المكونة من 15 شخصًا إلى مكان أخر. وقال للصحيفة: "أبناؤنا يبكون لأنه ليس هناك ما يأكلونه".
أزمة أمن غذائي
وأدى الجفاف الشديد هذا العام إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في أفغانستان. وتؤدي ندرة المياه إلى انخفاض دخل المزارعين، وارتفاع فواتير الغذاء. وتقدر الأمم المتحدة أن الجفاف يهدد حياة نحو 9 ملايين أفغاني ويؤثر على 25 من أصل 34 مقاطعة في البلاد.
ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن 14 مليون شخص، أي أكثر من ثلث السكان الأفغان، يعانون من أزمة أمن غذائي. ورجّحت أن يكون محصول أفغانستان الحالي أقلّ من المتوسط بنسبة 15% بسبب الجفاف.
وقال ريتشارد ترينشارد، مدير منظمة الأغذية والزراعة في أفغانستان: "هذه أسوأ موجة جفاف منذ 35 عامًا. العديد من المؤسسات العامة، التي توفر شبكة أمان، توقفت عن العمل بعد استيلاء طالبان على السلطة. المزارعون لديهم القليل جدًا ليستندوا إليه".
وتعتمد سبل الحياة في أفغانستان على تقلّبات الطقس، مثل الزراعة البعلية (الزراعة التي تعتمد على الأمطار) وتربية الماشية. وغالبًا ما يفتقر القرويون الفقراء إلى رأس المال والتكنولوجيا للتحوّل إلى أساليب الزراعة الأكثر حداثة ومرونة.
ووفقًا لصميم هوشمند، كبير مفاوضي المناخ السابق في الوكالة الوطنية لحماية البيئة في أفغانستان، فإن حوالي 12% من أراضي أفغانستان فقط صالحة للزراعة، لكن حوالي 80% من السكان يعتمدون على الزراعة لتوفير سبل العيش.
وأضاف هوشمند: "إذا استمرّ الجفاف، وعدم الاستقرار السياسي، فإن المستقبل سيكون كارثة".
الغضب قد يتحوّل إلى اضطرابات
وحتى الآن، لم تقدّم حكومة طالبان أي خطة لكيفية ايجاد الوظائف أو تقديم الدعم للسكان الذين يغرقون في الفقر. وقال مزارعون أفغان: إن الغضب من الصعوبات الاقتصادية قد يتحول إلى اضطرابات.
وقال محمد أمير، مزارع يبلغ من العمر 45 عامًا من ولاية وردك: "سننتظر ستة أشهر. إذا لم تتحسن الأمور، فسنقف ضد طالبان".
وأكدت الصحيفة أن الجفاف لا يؤثر على الزراعة فقط، بل أيضًا على توليد الكهرباء من سد كاجاكي في ولاية هلمند.
توترات مع الجيران
والعام الماضي، أدت ندرة المياه إلى صراع مع إيران التي تتلقّى المياه من نهر هلمند عبر فتحات سد كاجاكي. وتتّهم طهران أفغانستان بالحصول على أكثر من الحصة المتّفق عليها بموجب معاهدة المياه المبرمة عام 1973 بين البلدين.
وقال أولي براون، كبير الباحثين المشاركين في مركز أديلفي بألمانيا: إن تغيّر المناخ يمكن أن "يقلّل من تدفّق المياه العذبة عبر حدود أفغانستان، ما قد يؤدي إلى زيادة التوترات مع جيرانها".
وأشار براون إلى أنه يمكن أن يؤدي أيضًا إلى زيارة هجرة المزارعين لأراضيهم، أو يشجّعهم على زراعة الأفيون، الذي يحتاج إلى كميات مياه قليلة.
وفي ولاية وردك، يشتكي المزارعون من عدم وجود آبار للري، ولا يستطيع سوى عدد قليل من المزارعين الأثرياء شراء ألواح الطاقة الشمسية لاستخدامها في تشغيل وسائل الري.