الكرملين يعتبره منظمة "معادية".. الناتو يبحث سبل إيصال العتاد لكييف
خلال لقاء في بروكسل، ستتمّ خلاله مناقشة تزويد كييف بالطائرات المقاتلة لتمكينها من مقاومة الهجوم الروسي، تبحث الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" اليوم الثلاثاء، سبُل تسريع شحناتها من الأسلحة والذخائر إلى أوكرانيا.
وقبل اجتماع لـ"مجموعة رامشتاين"، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ: إن "ما هو أولوي ومُلحّ يتمثل في تزويد الأوكرانيين بالأسلحة التي وُعدوا بها للحفاظ على قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم".
ويتم اتخاذ جميع القرارات الخاصة بتوريد الأسلحة إلى أوكرانيا ضمن هذه المجموعة التي شكلتها وترأسها الولايات المتحدة، والتي تشارك فيها حوالي 50 دولة. وتعقد معظم اجتماعاتها في القاعدة الأميركية في رامشتاين الألمانية.
وتعهد الحلفاء بتزويد أوكرانيا بالمدفعية والعربات المدرعة والدبابات وأنظمة الدفاع الجوي، كما "سيتم تقديم التزامات أخرى"، حسبما أكد ستولتنبرغ.
وأضاف أنّ "الطائرات المقاتلة ليست القضية الأكثر إلحاحًا، ولكن النقاش جار" بشأنها.
تعزيز "حلف الدبابات"
من جهته، شدّد وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف الموجود في بروكسل، في رسالة عبر حسابه على "تويتر"، على الحاجة لتأمين مخزونات كافية من الذخيرة وصيانة المعدات وحماية الأجواء الأوكرانية وتعزيز "حلف الدبابات".
وقال ستولتنبرغ: إنها "حرب استنزاف ومعركة لوجستية"، معتبرًا أنّ الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين لا يستعد للسلام". وأضاف: "إنه يستعد لعدوان جديد وهجمات جديدة. لذلك، يجب أن نواصل تزويد أوكرانيا بما تحتاج إليه للنصر".
وتطلب أوكرانيا طائرات مقاتلة وصواريخ بعيدة المدى، الأمر الذي كرره الرئيس فولوديمير زيلينسكي الذي زار لندن وباريس وبروكسل الأسبوع الماضي.
"ضغط على الصناعات الدفاعية"
إلا أن الخوف من التورط في الصراع يمنع عددًا من الحلفاء من تزويد أوكرانيا بهذه المعدات. وأكدت وفود عدة أنه "من غير المتوقع اتخاذ قرار الثلاثاء بشأن الطائرات المقاتلة".
بدوره، أشار ستولتنبرغ إلى أن "دعم أوكرانيا تطور منذ بداية الصراع. وستتم مناقشة تزويدها بالطائرات المقاتلة"، غير أنه أضاف أنّ "الأمر سيستغرق وقتًا والأولويات قصيرة المدى هي الذخيرة والأسلحة الموعودة مع الوقود وقطع الغيار".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد شدد، بعد اجتماعه مع نظيره الأوكراني، على أنه "يجب أن نعطي الأولوية لعمليات التسليم المفيدة لتمكين الأوكرانيين من المقاومة وتنفيذ العمليات بدلاً من الالتزامات التي ستصل متأخرة جدًا".
وتحوّلت ذخائر الأسلحة المقدمة للأوكرانيين إلى أولوية ومشكلة بالنسبة للحلفاء.
وفي هذا الإطار، حذر ستولتنبرغ من أن "المعدل الحالي لاستخدام أوكرانيا للذخيرة أعلى بكثير من معدل إنتاجنا".
وأضاف: "هذا يستنزف مخزوننا ويضع صناعاتنا الدفاعية تحت الضغط"، داعيًا إلى زيادة معدلات الإنتاج من جهة والاستثمار في الطاقات الإنتاجية من جهة أخرى.
وأشاد ستولتنبرغ، كنموذج يُحتذى، بالعقود الجديدة التي تمتد على سنوات، والتي وقعتها الولايات المتحدة وفرنسا والنروج مع شركات الصناعات الدفاعية، مما يسمح لها بالاستثمار في زيادة الطاقة الإنتاجية.
وكانت رئيسة الوزراء الإستونية كاجا كالاس قد اقترحت الخميس خلال قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، أن تستخدم الدول الأعضاء آلية مماثلة لتلك المستخدمة في شراء اللقاحات بهدف دفع الصناعة الدفاعية على إنتاج المزيد.
وقالت كالاس: "الدول الأعضاء تقدم التمويل، والمفوضية تهتم بالمشتريات وتذهب المساعدات مباشرة إلى أوكرانيا"، مضيفة أن ذلك "يمكن أن يساعد في تسريع العملية".
الكرملين يعتبر الناتو "منظمة معادية"
وعلى المقلب الآخر، شدد الكرملين اليوم الثلاثاء على أن حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة يظهر عداءه لروسيا كل يوم وبات منخرطًا على نحو متزايد في الصراع بأوكرانيا.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين: "حلف شمال الأطلسي منظمة معادية لنا وتثبت هذا العداء كل يوم".
وأضاف: "إنه (الحلف) يبذل قصارى جهده لجعل مشاركته في الصراع بأوكرانيا واضحة قدر الإمكان".
وكانت روسيا حذرت من أن إمداد دول حلف شمال الأطلسي أوكرانيا بأسلحة يؤدي إلى إطالة أمد الصراع ويرفع احتمال زيادة التصعيد، فيما تقول أوكرانيا والغرب إن تسليم كييف معدات عسكرية متطورة أمر ضروري في مساعدة البلاد على الدفاع عن نفسها في مواجهة الهجوم الروسي.
أوكرانيا تتعرض لهجوم روسي جديد
ميدانيًا، تعرضت مدينة باخموت الأوكرانية للقصف بنيران المدفعية الثقيلة، في حين أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي التقارير الواردة من مسؤولين في المنطقة بأن روسيا شنت هجومًا كبيرًا جديدًا قبل أيام من اكتمال مرور عام على بدء الهجوم.
وأفاد مسؤولون عسكريون أوكرانيون أن قوات الدفاع الأوكرانية الصامدة منذ شهور في المدينة الواقعة شرق البلاد تتصدى لهجمات برية جديدة في ظل قصف عنيف.
وفي وقت مبكر اليوم الثلاثاء، قال الجيش الأوكراني: إن "قواته صدت على مدار الـ24 ساعة الماضية هجمات روسية في أحد التجمعات السكنية بمنطقة خاركيف ونحو خمسة تجمعات في منطقة لوغانسك وستة في منطقة دونيتسك، بما في ذلك مدينة باخموت".
وأشار نائب القائد في إحدى الكتائب أمس الإثنين إلى أن جميع المواقع في مدينة باخموت محصنة ولا يدخلها سوى الأشخاص الذين لهم دور عسكري، بينما سيتعين على أي مدني يريد المغادرة مواجهة نيران العدو.
وقال حاكم منطقة دونيتسك بافلو كيريلينكو للإذاعة الوطنية الأوكرانية في وقت متأخر أمس الإثنين: "لا يوجد متر مربع واحد في باخموت آمن أو بعيد عن مرمى نيران العدو أو طائراته المسيرة".
ومدينة باخموت هدف رئيسي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن شأن الاستيلاء عليها أن يمنح روسيا موطئ قدم جديدًا في منطقة دونيتسك، وانتصارًا نادرًا بعد عدة أشهر من الانتكاسات.
"هجوم جديد"
وقال ستولتنبرغ للصحافيين في بروكسل: "نرى كيف يرسلون مزيدًا من القوات والأسلحة والقدرات"، مضيفًا أن ذلك بداية هجوم جديد.
من جهتها، كشفت وزارة الدفاع البريطانية اليوم الثلاثاء أن الهجوم الروسي على باخموت يقوده مرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية حققوا خلال الأيام الثلاثة الماضية انتصارات محدودة في الضواحي الشمالية لباخموت.
وقالت الوزارة في نشرة دورية: إن "التقدم التكتيكي الروسي في جنوب باخموت لم يحرز تقدمًا يذكر على الأرجح".
وفي خطاب ألقاه مساء أمس الإثنين، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: إن "القوات الروسية تحاول محاصرة باخموت".
وأضاف: "شكرًا لكل جنودنا الذين يمنعون المحتلين من تطويق باخموت... ويدافعون عن مواقعنا الرئيسية في الجبهة".
وأعلن حاكم لوغانسك سيرهي هايداي أن القوات الروسية تريد الاستيلاء على منطقة لوغانسك بأكملها والوصول إلى حدودها الإدارية.
وقال لوسائل الإعلام: "لقد جلبوا بالفعل كمية كبيرة من الجنود والعتاد ونحن بالفعل نلاحظ زيادة في القصف المدفعي والجوي".
توتر في مولدوفا
في غضون ذلك، أفاد مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أمس الإثنين أنه سجل مقتل 7199 مدنيًا وإصابة 11756 آخرين منذ بداية الهجوم الروسي، معظمهم من جراء القصف والضربات الصاروخية والجوية. لكنه قال إنه يعتقد أن العدد الفعلي أكبر بكثير.
ووجهت رئيسة مولدوفا اتهامات لروسيا أمس الإثنين بالتخطيط لنشر مخربين أجانب للإطاحة بحكومتها واستخدام بلادها في الحرب على أوكرانيا. ونفت موسكو هذه الاتهامات.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان اليوم الثلاثاء: "مثل هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة".
وقال زيلينسكي الأسبوع الماضي إن بلاده كشفت مخططًا للمخابرات الروسية "لتدمير مولدوفا". واستقالت حكومة مولدوفا، المتاخمة لأوكرانيا ورومانيا، بعد ذلك بعدة أيام.
وكانت روسيا نفت العام الماضي رغبتها في التدخل في مولدوفا بعد أن قالت السلطات في ترانسنيستريا، وهي منطقة انفصالية صمدت على مدى ثلاثة عقود بدعم من موسكو، إنها تعرضت لسلسلة من الهجمات.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي أمس الإثنين: إن التقارير عن المخطط الروسي لم يتم التأكد منها بصفة مستقلة لكنها "مقلقة للغاية" و"بالتأكيد ليست خارج نطاق السلوك الروسي".