فشل أركان المجتمع البشري في اتخاذ "التغيير التحويلي" اللازم لتجنب أكثر العواقب الكارثية لأزمة المناخ، مع خطوات بطيئة للغاية أو متراجعة أحيانًا، وفقًا لتقرير جديد لـ"سيستمز تشاينج لاب".
ومن بين 40 قطاعًا مختلفًا تشمل الطاقة والصناعة الثقيلة والزراعة والنقل والتمويل والتكنولوجيا، لا يظهر أي قطاع السرعة الكافية لتجنب زيادة 1.5 درجة مئوية من حرارة الأرض، وهو هدف حاسم لاتفاقية باريس للمناخ، بحسب التقرير، الذي نقلت صحيفة "الغارديان" تفاصيله.
وتسلط الوتيرة البطيئة الخطيرة لإزالة الكربون، التي ظهرت بوضوح قبل أيام فقط من بدء محادثات المناخ الحاسمة للأمم المتحدة في اسكتلندا، الضوء بشكل أكبر على انحراف العالم عن المسار الصحيح في محاولاته للحد من الانهيار المناخي.
البقاء دون عتبة 1.5 درجة مئوية
وقد وصلت مستويات غازات احترار الكوكب في الغلاف الجوي إلى مستوى قياسي جديد العام الماضي، وحذرت الأمم المتحدة من أن كمية الوقود الأحفوري التي تخطط لها البلدان "تتجاوز إلى حد كبير" الحد المطلوب للإبقاء على ما دون عتبة 1.5 درجة مئوية.
من جهتها، قالت كيلي ليفين، رئيسة العلوم في "بيزوز إيرث فاند" إحدى الشركات المشاركة في التقرير: "نحن بحاجة إلى تغيير تحويلي، ومن الواضح جدًا أن القطاعات لا تتحرك بالسرعة الكافية".
ومن توليد الكهرباء المتجددة إلى استهلاك اللحوم والتمويل العام للوقود الأحفوري، وجد التقرير أنه لا يوجد مؤشر يُظهر التقدم المطلوب لخفض الانبعاثات في نصف هذا العقد قبل القضاء على غازات الاحتباس الحراري تمامًا بحلول عام 2050، الأمر الذي من شأنه أن يمنح العالم فرصة للبقاء دون السقف المطلوب.
خطوات عملية
ويتوجب التخلص التدريجي من الفحم بمعدل أسرع بخمس مرات مما هو عليه الآن، وفقًا للتقرير، بينما يجب أن تكون وتيرة إعادة التحريج أسرع ثلاث مرات. كما يحتاج العالم لاستعادة الأراضي الرطبة الساحلية بشكل أسرع بثلاث مرات تقريبًا، ويجب أن ينمو تمويل المناخ بمعدل أسرع 13 مرة، كما يجب أن تنخفض كثافة الطاقة في المباني بمعدل أسرع بثلاث مرات تقريبًا من الآن.
كما تحتاج البلدان الغنية في جميع أنحاء أوروبا وأميركا الشمالية، إلى التقليل من استهلاك لحوم البقر. ففي هذه البلدان ذات الاستهلاك المرتفع للحوم، فإن التقليل إلى ما يعادل نصف وجبة من البرغر للفرد في الأسبوع من شأنه أن يقلل بشكل كبير من الطلب على الأراضي وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
Well damn... New report by @WorldResources, @ClimateWorks & others finds that 0 out of 31 indicators are on track to meet targets necessary to limit #warming to 1.5C by 2030. Strong (and fiercely depressing) graphic by @guardianhttps://t.co/88lbQFw2t0 pic.twitter.com/C7YQH2M3p3
— Lucas Snaije (@lucas_snaije) October 28, 2021
بصيص أمل
ورغم ذلك، وجد التقرير بصيص أمل، فقد نمت الحصة العالمية للكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بنسبة 15% سنويًا على مدى السنوات الخمس الماضية، وأصبحت مصادر الطاقة المتجددة البديل الأكثر فعالية من حيث التكلفة للفحم في معظم الأماكن. كما يتزايد اعتماد السيارات الكهربائية، حيث احتلت هذه السيارات أكثر من 4% من مبيعات السيارات في جميع أنحاء العالم العام الماضي.
ووجد التقرير أيضًا أن هناك فرصة جيدة، في ظل الدعم المناسب، للتقدم "الأسي" في التكنولوجيا مثل الإزالة المباشرة لثاني أكسيد الكربون من الهواء، والتي قال العلماء: "إنه من المحتمل أن يتم نشرها على نطاق واسع للحد من التدهور". لكن الصورة العامة للواقع هي أن العالم يتحرك ببطء شديد لمواجهة أزمة المناخ.
وقالت باحثة المناخ في معهد الموارد العالمية والمؤلفة المشاركة للتقرير، صوفي بوهم: "إنه بينما تسير الأمور في الاتجاه الصحيح في بعض المناطق، فإننا نتحرك ببطء شديد لتجنب 1.5 درجة مئوية". وأضافت: "إذا استمر ذلك، فإننا سنقصر بشكل محزن عن تحقيق الأهداف لتجنب تغير المناخ الكارثي. إنه لأمر مقلق للغاية أننا لسنا على المسار الصحيح لأي من هذه المناطق المستهدفة ".
الإرادة السياسية
وينبع القليل من التفاؤل بأن الدول ستقدم الالتزامات المطلوبة لإنقاذ هذا الوضع في قمة غلاسكو، المعروفة باسم كوب 26. وقال جون كيري، مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن للمناخ، إنه من المحتمل أن تكون هناك "فجوات" في خطط خفض الانبعاثات التي قدمتها الحكومات.
وإذا اخترق العالم 1.5 درجة مئوية في ظاهرة الاحتباس الحراري، فسيُضرب الكوكب بتواتر متزايد من موجات الحر المميتة والعواصف المدمرة والفيضانات الكارثية وفشل المحاصيل، ومحو تريليونات الدولارات من النشاط الاقتصادي وإجبار ملايين الأشخاص على النزوح. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أن العالم يخاطر بـ"مستقبل جهنمي" من غياب الإلحاح لمواجهة الأزمة.
وأشار بيل هير، الرئيس التنفيذي لمنظمة "كلايمت أناليسز"، التي ساهمت في التقرير الجديد، إلى توفر التكنولوجيا اللازمة لإزالة الكربون، "لكن ما نحتاجه هو الإرادة السياسية، وأن تلحق الحكومات بالفرصة التي سيوفرها هذا التحول لاقتصاداتها".