في أعماق غابة الأمازون، تقوم البرازيل ببناء مجمّع من الأبراج مصفوفة في ستّ حلقات، لرشّ ضباب ثاني أكسيد الكربون في الغابات المطيرة، بهدف فهم كيفية استجابة أكبر غابة استوائية في العالم لتغيّر المناخ.
وسيبحث المشروع، الذي أُطلق عليه اسم "أمازون فايس" (AmazonFACE)، في قدرة الغابة على عزل ثاني أكسيد الكربون، وهو جزء أساسي في لغز تغيّر المناخ العالمي.
وسيُساعد هذا الأمر العلماء على فهم ما إذا كانت المنطقة تشهد نقطة تحوّل يُمكن أن تدفعها إلى حالة من التدهور الذي لا رجعة فيه.
وسيحوّل مثل هذا الحدث المخيف، المعروف أيضًا باسم "موت غابات الأمازون"، الغابات الأكثر تنوعًا بيولوجيًا في العالم إلى منظر طبيعي أكثر جفافًا يُشبه "السافانا".
ويرمز اختصار "FACE" إلى تكنولوجيا تخصيب الهواء من ثاني أوكسيد الكربون مجانًا، والتي طوّرها لأول مرة مختبر بروكهافن الوطني، الواقع بالقرب من مدينة نيويورك، والتي تتمتع بالقدرة على تعديل البيئة المحيطة بالنباتات النامية بطريقة تكرر المستويات المستقبلية لتركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
تفاصيل المشروع
ويجري حاليًا بناء الحلقتين الأوليين من المشروع، ومن المتوقّع أن يتمّ تشغيلهما بحلول أوائل أغسطس/ آب المقبل. وستتألف كل حلقة من 16 برجًا من الألومنيوم يصل ارتفاعها إلى مبنى مكون من 12 طابقًا. وسيتمّ توفير ثاني أكسيد الكربون من قبل ثلاث شركات لتجنّب أي نقص.
ويقع المشروع على بُعد 70 كيلومترًا شمال ماناوس، ويقوده المعهد الوطني لأبحاث الأمازون، وهو مؤسسة فيدرالية، بدعم مالي من الحكومة البريطانية التي تعهّدت بدفع مبلغ 9 ملايين دولار، ويجب أن يكون جاهزًا للعمل بكامل طاقته بحلول منتصف عام 2024.
وقال ديفيد لابولا، أحد العلماء البارزين في المشروع، لوكالة أسوشييتد برس: "تمتص النباتات ثاني أكسيد الكربون مع الماء والضوء لإنتاج السكريات وإطلاق الأكسجين. لكننا لا نعرف ماذا سيحصل إذا ارتفعت نسبة هذه المدخلات"، مشيرًا إلى وجود أدلة من تجارب مماثلة في الغابات المعتدلة، ولكن "ليس هناك ما يضمن أن السلوك سيكون هو نفسه هنا في الأمازون".
ويُجادل لابولا بأنّ نقطة التحوّل في غابات الأمازون المطيرة مُرتبطة بتغيّر المناخ بدلًا من معدل إزالة الغابات؛ وبالتالي، من الأهمية بمكان دراسة تأثير التركيزات الأعلى من ثاني أكسيد الكربون في الغابة لفهم ما ينتظرنا.
فقدان 18 شجرة في الثانية.. ارتفاع نسبة إزالة الغابات من الأمازون بنسبة 20٪ العام الماضي تقرير: حسين كساب #صباح_جديد pic.twitter.com/dPeC3QxYot
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 25, 2022
ويتحدّى هذا المنظور الدراسة التي قدّمها العالِم كارلوس نوبري التي تُشير إلى أنّه "إذا وصلت إزالة الغابات إلى عتبة حرجة تتراوح بين 20% و25% عبر الأمازون، فسوف يتعطل توازن نظام هطول الأمطار في المنطقة، مما يؤدي إلى تحويل الغابات المطيرة المورقة إلى سافانا".
وقال لابولا: "حتى لو أوقفنا إزالة الغابات في حوض الأمازون اليوم، فستظلّ الغابة معرّضة لخطر التعرّض لعواقب نقطة التحوّل بسبب تغيّر المناخ. وفي حين أن وقف إزالة الغابات لا يزال مسؤوليتنا الأساسية، فإن مكافحة تغيّر المناخ الناجم عن عوامل الغلاف الجوي ليس شيئًا يُمكن للبرازيل أو دول الأمازون الأخرى معالجته بمفردها".
بدورها، أشادت لوتشيانا غاتي، عالمة كيمياء الغلاف الجوي، بالمبادرة، وقالت إنّه سيكون من المفيد للغاية تكرار المشروع في المساحات الأخرى (الأرباع الأربعة) من الأمازون، حيث تختلف قدرة امتصاص الكربون بشكل كبير في جميع أنحاء المنطقة، التي تبلغ ضعف حجم الهند.