يمكن أن يكون للصداع العديد من الأسباب المختلفة، ويمكن أن تختلف الأعراض على نطاق واسع، بحيث تساعد على تحديد نوع الصداع الذي تعاني منه.
فعلى الرغم من مرور أكثر من 20 عامًا على الدراسات والأبحاث التي تناولت الصداع وأسبابه، تمكّن العلماء من تحديد مناطق الدماغ التي تولّد الألم، لكن من دون صورة واضحة كاملة حول المرض.
وشرح الدكتور محمد حتّو، استشاري أول في أمراض الأعصاب في مؤسسة حمد الطبية، في حديث سابق إلى "العربي"، أنّ الصداع من أكثر الأمراض شيوعًا في العالم، مشيرًا إلى أنّ صداع التوتر هو الأكثر شيوعًا يليه الصداع النصفي، مع وجود أنواع أخرى أقلّ شيوعًا من الصداع.
أنواع الصداع
قد يعتبر البعض أنّ الصداع واحد، ويعني الشعور بالألم، خصوصًا في منطقة الرأس. لكنّ الحقيقة أنّ الصداع كلمة عامة تنطوي على أنواع عدّة، فصداع التوتر على سبيل المثال، ليس نفسه الصداع العنقودي، أو صداع الجيوب الأنفية.
لكن، هل كنت تعلم أنّ ثمّة ما يُعرف بـ"صداع البوظة"، أو "صداع النشوة الجنسية"، أو "صداع الدورة الشهرية"، أو "صداع الصباح الباكر"؟
في ما يلي كلّ التفاصيل عن هذه الأنواع من الصداع وغيرها، وأسباب كل نوع، وكيفية التخلص منها في أسرع وقت ممكن، وفقًا لتقرير لمجلة "هيلث" (health.com).
صداع التوتر (Tension Headaches)
العضلات المشدودة في كتفيك ورقبتك وفروة رأسك والفكّ هي السبب الرئيسي وراء هذا الصداع، والذي غالبًا ما يرتبط بالتوتر أو الاكتئاب أو القلق.
يُمكن أن تساهم عادات نمط الحياة مثل العمل لوقت طويل، أو عدم الحصول على قسط كاف من النوم، أو عدم تناول الطعام بشكل جيد، أو تعاطي الكحول في صداع التوتر.
ويُسبّب صداع التوتر ألمًا مستمرًا خفيفًا، وغالبًا ما يحدث على جانبي الرأس، ولا يصاحبه الغثيان والقيء.
ولعلاج صداع التوتر، ينصح الأطباء بالراحة، وتناول الأدوية مثل الاسيتامينوفين (Acetaminophen )، والايبوبروفين (Ibuprofen)، ومزيج من المسكنات مع الكافيين، وكمادات الثلج، ومرخيات العضلات، ومضادات الاكتئاب، والعلاج النفسي.
الصداع العنقودي
يحدث الصداع العنقودي في مجموعات أو دورات، يستمر كل هجوم حوالي ساعة إلى ثلاث ساعات في المتوسط. ويتكرّر الصداع العنقودي بانتظام، حتى عدة مرات يوميًا، خلال فترة معينة، ثمّ قد تتبعه فترة خالية من الصداع لأشهر أو حتى سنوات.
يظهر هذا الصداع فجأة، ويتميّز بألم شديد وموهن على الجانب الأيمن أو الأيسر من الرأس. وغالبًا ما يكون مصحوبًا بعيون دامعة، أو احتقان الأنف، أو سيلان الأنف، على الجانب نفسه من الوجه.
أما علاج الصداع العنقودي فهو نهج ذو شقين: إجهاض هجوم الصداع بالعلاج بالأكسجين، أو استخدام رذاذ الأنف ومنع الهجمات المستقبلية بالأدوية.
الصداع الارتدادي (صداع فرط الأدوية)
الصداع الارتدادي ينتج عن الإفراط في استخدام مسكنات الألم للصداع، مثل الأسبرين أو الأسيتامينوفين (تايلينول)، أو الإيبوبروفين (موترين، أدفيل) أو الأدوية الموصوفة.
غالبًا ما يبدأ الصداع الارتدادي في الصباح الباكر، مع تغيّر الموقع والشدة من يوم لآخر. قد يعاني الأشخاص الذين يعانون من صداع الارتداد أيضًا من الغثيان، أو القلق، أو التهيّج، أو الاكتئاب، أو مشاكل في النوم.
ولذلك، يوصي الأطباء بعدم تناول الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية أو التي يصفها الطبيب، أكثر من يومين في الأسبوع.
صداع الجيوب الأنفية
يُسبّب صداع الجيوب الأنفية ألمًا في منطقة الأنف، وغالبًا ما تزداد شدته على مدار اليوم.
وتؤدي العدوى، التي تترافق مع الحمى أحيانًا، إلى انسداد قنوات الجيوب الأنفية ومنع التصريف الطبيعي.
ويترافق صداع الجيوب الأنفية مع إفرازات أنفية خضراء أو مشوبة باللون الأحمر. غالبًا ما يتم علاج التهابات الجيوب الأنفية مع الوقت أو من خلال المضادات الحيوية، إذا لزم الأمر.
كما يمكن علاج الصداع الناتج عن التهابات الجيوب الأنفية بمضادات الهيستامين أو مزيلات الاحتقان.
الصداع النصفي (المايغرين)
وفقًا لجمعية الصداع الأميركية، يتم تعريف الصداع النصفي من خلال معايير محددة:
- المعاناة من خمس نوبات سابقة على الأقل من نفس النوع من الصداع؛
- استمرار الصداع بين أربع و72 ساعة؛
- المعاناة من 2 على الأقلّ من أصل العوارض الـ4 الآتية: ألم من جانب واحد، وألم نابض، وألم متوسط إلى شديد، وألم يتداخل مع النشاط الروتيني أو يزداد سوءًا؛
- المعاناة من عرض واحد على الأقل من هذه العوارض: الغثيان و/أو القيء، أو الحساسية للضوء والصوت.
بالنسبة للبعض، قد تُنبئ نوبة الصداع النصفي القادمة بهالة، والتي يمكن أن تشمل تشوهات بصرية (مثل الخطوط المتموجة أو البقع العمياء) أو تنميل اليد.
وتؤدي التغيّرات في جسمك، بما في ذلك الهرمونات، والإجهاد، وأنماط النوم، أو الأكل، إلى الإصابة بالصداع النصفي.
وبينما لا يوجد علاج للصداع النصفي، يمكن تخفيف الأعراض ومنع حدوث هجمات إضافية من خلال تناول أدوية التريبتان (مثل Imitrex أو Zomig)، أو أدوية الإرغوتامين ومسكنات الألم.
كما يمكن الاستلقاء مع إغلاق العينين في غرفة هادئة ومظلمة، وشرب السوائل، ووضع قطعة قماش باردة أو كيس ثلج على جبهتك لتخفيف الأعراض.
صداع الأسنان
ينتج صداع الأسنان عن صريف الأسنان أو اضطراب المفصل الصدغي الفكي (TMJ).
و"صريف الأسنان"، هو حالة يقوم فيها المرء بطحن الأسنان أو شدّها أو صريرها، إما ليلًا أو نهارًا، من دون دراية، وهو ما يُسبّب بفرط النشاط العضلي ويمكن أن يؤدي إلى تشنجات العضلات والصداع.
كما أنّ اضطراب المفصل الصدغي الفكي الذي يؤثر على المفاصل في وجهك، ويقع أمام أذنك مباشرة ويربط الفك بالجمجمة، ينشر الألم إلى الجزء الخلفي أو الجانبي من الرأس أو إلى أسفل الرقبة. ويمكن أن يكون الضغط حول الرأس ناتجًا عن التوتر أو يشبه الصداع النصفي.
يتطلّب تشخيص المفصل الفكي الصدغي وجود أعراض مثل النقر، أو الفرقعة المؤلمة للمفصل، وحركة المفصل غير الطبيعية، واضطرابات المضغ.
يمكن أن يساعد طبيب أسنانك في تشخيص هذه الأنواع من الصداع. قد يشمل العلاج: الراحة، أو العلاج الطبيعي، أو الحد من التوتر، أو واقيات العضّ، أو الجراحة في بعض الحالات.
صداع انسحاب الكافيين
صداع انسحاب الكافيين ينتج عن تغير في معدل استهلاكك اليومي من الكافيين.
يتميز صداع انسحاب الكافيين بصداع نابض، بسبب تمدد الأوعية الدموية، الذي يحدث بعد عدة أيام من شرب كميات كبيرة من الكافيين.
صداع النشوة الجنسية
الصداع الناجم عن النشوة الجنسية نادر نسبيًا وأكثر شيوعًا لدى الشباب ولا سيما الرجال.
وعادة ما يبدأ بعد وقت قصير من بدء الجماع، وينتهي بصداع شديد في أقلّ من دقيقة، ويستمر لمدة خمس دقائق على الأقل، وغالبًا ما يظهر من دون أي محفّز.
غالبًا ما يستمرّ الصداع الخفيف لساعات أو يوم، ولذلك ينصح الأطباء بأخذ جرعة من مسكّن الألم قبل ممارسة الجنس للمساعدة في تخفيف الألم.
الصداع في الصباح الباكر
من المرجح أن يحدث الصداع النصفي في الصباح، أو عند انسحاب الدواء في جسمك أثناء النوم.
وقد يكون الأشخاص المصابون بتوقّف التنفّس أثناء النوم أكثر عرضة للصداع في وقت مبكر من اليوم. كما ينطبق ذلك على الأشخاص الذين يعانون من صداع الأسنان.
في أسوأ السيناريوهات، يمكن أن يكون الصداع المتكرّر في الصباح الباكر مع الصداع أحد أعراض ورم في المخ.
صداع البوظة
يُعرف هذا الصداع عادة باسم "تجميد الدماغ"، وهو ألم في الرأس يمكن أن يحدث أثناء الاستمتاع بمشروب بارد مثلّج أو البوظة في يوم حار.
ويُعتبر الأشخاص المُصابون بالصداع النصفي الأكثر عرضة للإصابة بـ"تجميد الدماغ".
ويحدث "تجميد الدماغ" نتيجة انخفاض درجة حرارة الحنك بشكل كبير، عند أكل أو شرب كمية كبيرة من الطعام أو السائل شديد البرودة، ما يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية كرد فعل للحفاظ على درجة حرارة الجسم الأساسية، يليه انفتاح الأوعية الدموية بسرعة، ما يرسل إشارة ألم إلى الدماغ من خلال عصب يسمّى العصب الثلاثي التوائم (trigeminal nerve).
ولذلك ينصح الأطباء بالتوقّف عن تناول الطعام أو الشراب البارد حتى يهدأ الألم، أو ارتشاف الماء الدافئ للمساعدة في تهدئة البرد وتضييق شريان الدماغ.
الصداع اليومي المزمن
إذا كنت تعاني من صداع لمدة 15 يومًا على الأقل شهريًا لأكثر من ثلاثة أشهر، فأنت تعتبر مصابًا بصداع يومي مزمن.
يمكن أن يكون سبب ذلك الإفراط في استخدام مسكنات الألم (أي الصداع الارتدادي)، أو إصابة في الرأس، أو في حالات نادرة التهاب السحايا أو الأورام.
صداع الدورة الشهرية
الانخفاض المفاجئ في هرمون الاستروجين قبل الدورة الشهرية مباشرة، يمكن أن يؤدي في بعض الأحيان إلى الصداع النصفي، والذي يحدث عادة بين ثلاثة أيام قبل ويومين بعد بدء الدورة الشهرية.
ويؤثر صداع الدورة الشهرية على 60% من النساء اللواتي يعانين من نوبات الصداع النصفي.
يمكن علاج الصداع النصفي الحيضي بالعقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات (NSAIDs)، وثنائي هيدروإرغوتامين (DHE)، والتريبتان، ومزيج من الأسبرين والأسيتامينوفين والكافيين (AAC).
كما يمكن استخدام مكمّلات المغنيسيوم في تخفيف آلام الرأس المرتبطة بالدورة الشهرية.
صداع عطلة نهاية الأسبوع
قد يعاني بعض الأشخاص من الصداع الذي يظهر بشكل أساسي في عطلة نهاية الأسبوع. ويعتقد أنه ناجم عن الإفراط في النوم في صباح عطلة نهاية الأسبوع، أو النوم في وقت متأخر من الليل. كما قد يؤدي الإجهاد خلال الأسبوع أيضًا إلى صداع عطلة نهاية الأسبوع.
وقد يكون أحد العوامل التي تُساهم في صداع "عطلة نهاية الأسبوع" هو انسحاب الكافيين. يمكن أن يحدث صداع الانسحاب أو الارتداد هذا في عطلات نهاية الأسبوع أو العطلات إذا لم يتم استهلاك كميات مماثلة من الكافيين كما يتم استهلاكها خلال الأسبوع.
الصداع الطارئ
معظم حالات الصداع ليست حالة طارئة، ولكن هناك بعض الأعراض التي تتطلب اهتمامًا فوريًا.
الأول هو صداع مفاجئ سريع، ما قد يشير إلى تمدد الأوعية الدموية في الدماغ. والثاني هو عندما يترافق الصداع مع حمى أو ارتفاع شديد في ضغط الدم، أو إذا حدث بعد ضربة في الرأس أو مجهود.
تشمل الأعراض الإشكالية الأخرى تغيّرًا في الرؤية أو الكلام، أو آلام الرقبة، أو الدوخة، أو فقدان الإحساس، أو ضعف العضلات في جانب واحد من الجسم.