أعلنت شركة "ميتا" المالكة لتطبيقات فيسبوك وإنستغرام عن إجراءات وقائية وقيود جديدة، لضبط المحتوى المقدّم لفئة المراهقين والأطفال.
ووفق الشركة الأميركية، تتضمن الإجراءات ضوابط على تطبيق ماسنجر، تتيح للوالدين الإشراف لأول مرة على تطبيق المراسلة الفورية.
كما تمكن الوالدين والأوصياء من معرفة مقدار الوقت الذي يقضيه أبناؤهم المراهقون على التطبيق، والاطلاع على قائمة جهات الاتصال الخاصة بهم، وإشعارهم إذا أبلغ ابنهم المراهق عن شخص ما.
وهناك ميزة جديدة أيضًا، وهي قدرة المراهقين وآبائهم على إجراء مناقشات مباشرة من خلال الإشعارات إذا تمت مزامنة حساباتهم.
ضوابط على إنستغرام
وبالنسبة لإنستغرام، تضيف "ميتا" اقتراحًا بأن يغلق المراهقون التطبيق إذا كانوا يتصفحون مقاطع فيديو "ريلز" لفترة طويلة جدًا خلال الليل.
وبغرض تقليل المحتوى غير المرغوب فيه من الغرباء، خاصةً بالنسبة للفتيات، سيختبر إنستغرام ميزة تقلل من كيفية تفاعل الأشخاص مع غير المتابعين لهم، بحيث لا يمكن للمستخدمين إرسال دعوة للتواصل مع شخص ما لم يكن متابعًا لها.
كما لا يمكنهم إرسال الصور، أو مقاطع الفيديو، أو الرسائل الصوتية، أو إجراء مكالمات، حتى يقبل المستخدم طلبه.
"فشل" حماية خصوصية الأطفال
هذه الإجراءات، تعدّ الأحدث في سلسلة أدوات جديدة وإرشادات لتوفير الحماية للمراهقين من جانب شركة "ميتا"، وجاءت بعد أن وجدت وثائق مسربة أن إنستغرام يؤثر أو يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة العقلية للمستخدمين الشباب.
كما جاء الإعلان بعد اقتراح لجنة التجارة الاتحادية الأميركية إجراءات ضدّ ما وصفته "فشل ميتا" في حماية خصوصية الأطفال، فاقترحت اللجنة إلزام الشركة بالحصول على الضوء الأخضر من قبل مشرف حماية البيانات قبل أن تتمكن من إصدار أي منتجات أو خدمات جديدة.
كذلك، اقترحت لجنة التجارة الاتحادية الأميركية منع الشركة المالكة لأشهر تطبيقات التواصل الاجتماعي في العالم من الاستفادة من البيانات التي تجمعها من المستخدمين، ممن تقلّ أعمارهم عن الـ18 عامًا.
"سيطرة بسيطة على مشكلة كبيرة"
وتقول "ميتا" إنها صممت هذه التحديثات الجديدة لمساعدة المراهقين على الشعور بأنهم قادرون على التحكم في تجربتهم عندما يستخدم هذه المواقع، وكذلك مساعده الآباء على الشعور بأنهم مزودون بما يلزم لحمايه أبنائهم المراهقين.
في هذا الصدد، تقول كافيا بيرلمان المستشارة السابقة في موقع "فيسبوك" إنه يجب تقبل هذه الإجراءات رغم أنها "مؤقتة"، إذ إن المشكلة الأساسية هي إجراء الاختبارات على حياة الأطفال.
فهذه الإجراءات الجديدة، "تعطي سيطرة بسيطة في ظل مشاكل تواجه المراهقين على مواقع التواصل الاجتماعي أعمق بكثير" وفق بيرلمان، التي تتساءل: "لماذا صممت الخوارزميات في الأساس لخلق هذا التواصل والغضب المتزايد والشعور السلبي".
وتردف المستشارة السابقة في موقع "فيسبوك" في حديث مع "العربي" من كاليفورنيا: "لماذا لا يمكن استبدال كل هذا بمنصة معنية بالإنسان ومخصصة لجعل الأطفال يشعرون أفضل بشأن أنفسهم، بدلًا من تطبيق إجراءات بعد الحصول على تأثيرات سلبية".
وعليه، تعتقد بيرلمان أن إجراءات "ميتا" الجديدة هي فقط لإيهام الجنة التجارية الاتحادية أنها تتخذ خطوات لحماية الصحة العقلية لدى الأطفال، وهي مشكلة تعاني منها التطبيقات منذ سنوات.
أهداف "ميتا" الحقيقية
ومن باريس، يشرح الصحافي المتخصص في التكنولوجيا محمد علي السويسي أنه من الناحية التقنية ستكون لهذه الميزات الجديدة العديد من الإيجابيات، والنتائج المحمودة في المستقبل.
إلاّ أنه يحذّر في المقابل، من أن التجارب السابقة تشير إلى عكس ذلك، فشركة "ميتا" قامت عام 2017 بإطلاق تطبيق "ماسنجر كيدز" وهو النسخة الموجّهة للأطفال من تطبيق "ماسنجر" وكان يعتمد على العديد من الخاصيات.
فقد كانت هناك خاصيات مشابهة مثل مراقبة أولياء الأمور لنشطات الأطفال، ولكن بحسب السويسي "بعد انتشار استعمال هذا التطبيق تبين أن ميتا عانت من خروقات أمنية عديدة، مثل جمع الصور والمعطيات الخاصة بالمراهقين".
كما تحدّث الصحافي المتخصص في التكنولوجيا عن الوثائق المسربة التي كشفت عن أن "ميتا" تقاعست في بناء تطبيق مشابه في إنستغرام.
تداعيات نفسية مقلقة
في السياق ذاته، تؤكد دراسات ومن بينها أبحاث أجرتها "ميتا" أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يؤثّر على الصحة العقلية للأطفال.
أما فيما يتعلق بالجزء النفسي لهذا الملف، فيوضح أستاذ علم الاجتماع بالجامعة اللبنانية طلال عتريسي لـ"العربي" أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يؤثّر سلبًا على الصحة العقلية والبدنية معًا.
ويقول عتريسي من بيروت: "لأول مرة في تاريخ البشرية نكون أمام اختراع تستخدمه كل الأعمار والفئات الاجتماعية، والمناطق الجغرافية على مدار الـ 24 ساعة. ولكن فيما يتعلق بالأطفال لدينا مشكلة كبيرة ليس من ناحية المحتوى وحسب بل أيضًا من حيث الوقت الذي يمضونه على هذه الوسائل".
فالمشكلة هي أن الاستخدام المفرط من قبل الأطفال، يقلل من حركتهم الجسدية ونشاطهم الذهني ومراقبة ما يجري حولهم في المجتمع وفي العلاقات مع الأفراد، وفق عتريسي.