تستمرّ سلسلة مبادرات إنهاء الصراع في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث أعلن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار مبادرة تبدأ بوقف فوري للقتال، وتدشين حوار شامل يؤسس لمرحلة انتقالية تُشرف السلطة التنفيذية على تنفيذ خارطة طريق لإنهاء الأزمة وإجراء انتخابات ديمقراطية كخطوة لاحقة.
وتعليقًا على مبادرة عقار، وصفت قوى "الحرية والتغيير" المبادرة بـ"الإيجابية"، رغم صدورها عن أحد طرفي النزاع، مقلّلة من فرص نجاحها.
ويأتي موقف القوى المدنية بعد أن أعلنت من أديس أبابا طرحًا سياسيًا جديدًا يدعو إلى التوافق على إنهاء الحرب عبر حل سياسي سلمي، ويؤدي إلى اتفاق وطني على مشروع سوداني نهضوي جديد.
وأشار البيان الختامي لاجتماع القوى المدنية في العاصمة الإثيوبية، إلى ضرورة بناء جيش واحد يخضع للسلطة المدنية.
في المقابل، لم تُصدر قوات الدعم السريع موقفًا رسميًا، إلا أنّ مقربين منها رفضوا مبدأ التعاطي مع المبادرة من أساسها، مشكّكة من الأساس بشرعية عقار الذي يتولّى منصبًا كان يشغله محمد حمدان دقلو حميدتي قبل تفجّر النزاع، متمسكين بمنبر جدة للمفاوضات برعاية سعودية وأميركية.
"الدعم السريع يرفض عقار من الأساس"
في هذا السياق، أوضح حامد ضيف الله، الباحث السياسي، أنّ عقار لا يُمكن أن يأتي بحلّ دون رأي الآخرين، وتسلّق الحرب ليصل إلى منصبه.
وقال ضيف الله، في حديث إلى "العربي" من ليستر، إنّ قوى الدعم السريع ترحّب بكل المبادرات للوصول إلى حل للأزمة، لكنّها تنظر إلى منبر جدة للمفاوضات على أنّه توافقي بين كل الأطراف الداخلية والخارجية.
وأضاف أنّ عقار يقدّم حلًا سياسيًا دون هدنة أو اتفاق سلام يُوقف الحرب.
حل الأزمة يكون على طاولة المفاوضات
بدوره، أشار ماهر أبو جوخ، القيادي في قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي"، إلى أنّ قوى المدنية لا تزال متمسّكة باستمرار منبر جدة للمفاوضات، باعتباره قد قطع شوطًا كبيرًا.
وقال أبو جوخ، في حديث إلى "العربي" من القاهرة: إنّ مبادرة عقار تأسست على ما تريده الأطراف السودانية كلها، خاصة أنّه لا يُمكن حل الأزمة بالطرق العسكرية، بل على طاولة المفاوضات.
وأوضح أن عقار لا يسعى لتأسيس وضع شمولي إنقلابي كما خطّط له دعاة الحرب، كما أنّه أول مسؤول في حكومة الأمر الواقع، يوجّه هجومًا مباشرًا وعنيفًا لنظام عمر البشير.
منظمات أممية تناشد المجتمع الدولي التعجيل بمساعدة المدنيين ضحايا الاشتباكات في #السودان تقرير: كامل لطفي pic.twitter.com/cVt6xTdTgR
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 15, 2023
ورأى أنّ هذه المؤشرات هي "إيجابية"، لكنّ هناك تقاطعات وتحفّظات على منهجية وترتيب مبادرة عقار، إذ نرى أن المسارات في المبادرة هي غير متتابعة بل متلازمة.
كما أكد أنه يجب إيلاء مسألة تعويض المتضرّرين الناتجة عن الحرب أهمية كبرى.
مبادرة عقار تحظى بموافقة القوات المسلّحة
من جهته، أكد حمزة بلول، وزير الإعلام السوداني السابق، أنّه لا يُمكن لعقار إطلاق مثل هذه المبادرة دون التوافق مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ولهذا يُمكن اعتبار هذه المبادرة موقفًا من القوات المسلّحة.
وقال بلول، في حديث إلى "العربي" من الدوحة: إنّ عقار يرفض الحرب منذ البداية، واستطاع أن يضغط باتجاه موقفه الرافض للحرب.
وأضاف أنّ كل السودانيين ينظرون بايجابية لأي مبادرة لإنهاء الحرب، نظرًا لأوضاعهم الإنسانية الصعبة.