عدوى تتفشّى في إفريقيا.. من المستفيد من انقلاب الغابون؟
بعد 35 يومًا فقط من انقلاب النيجر، انتقلت العدوى إلى الغابون. فقد أعلن عسكريون في مقطع فيديو مقتضب استيلاءهم على السلطة، ووضع الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية، وذلك عقب ساعات قليلة من إعلان لجنة الانتخابات فوزه بولاية رئاسية ثالثة.
وعلّل الانقلابيون في الغابون خطوتهم بأنّ الانتخابات العامة الأخيرة فاقدة للميثاقية، وأن نتائجها باطلة. ولاحقًا، أعلنوا إغلاق حدود البلاد حتى إشعار آخر، وحلّ مؤسسات الدولة، واختيار الجنرال بريس أوليجي نجيما قائدًا للمرحلة الانتقالية.
من جانبه، ناشد الرئيس المُحتجز علي بونغو في مقطع فيديو، العالم والأصدقاء للتحرّك ضد مُعتقِليه.
تصاريح دولية متضاربة
وخلّف انقلاب الغابون ردود فعل إقليمية ودولية مُتسارعة، حيث أدانت فرنسا صاحبة النفوذ التاريخي في الغابون الانقلاب، داعية إلى احترام نتائج الانتخابات.
أما الاتحاد الإفريقي فدعا إلى التمسّك بالمسار السياسي السلمي والعودة إلى النظام الدستوري.
بدوره، قال منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنّ انقلاب الغابون يُفاقم عدم الاستقرار في غرب إفريقيا ويُشكّل مشكلة كبيرة لأوروبا.
وأكد البيت الأبيض أنّه يُتابع الوضع في الغابون من كثب، ويدعم حقّ شعب البلد. بينما دعت الخارجية الصينية الأطراف المعنية في الغابون إلى العودة للنظام الطبيعي. كما أعربت موسكو عن قلقها العميق بسبب الأحداث في الغابون، آملة أن يستقرّ الوضع هناك.
وأصبحت سلسلة الانقلابات في دول إفريقية خاضعة للنفوذ الفرنسي والإطاحة بحكّام مقرّبين من باريس، محل تساؤلات بشأن من يُحرّك خيوط الأوضاع في المنطقة، خاصة أنّ كل هذه الانقلابات صاحبها رفض شعبي لاستمرار النفوذ الفرنسي مقابل زيادة التعاون مع روسيا والصين.
على الرغم من أنّ روسيا لم تُظهر دعمًا علنيًا للانقلابات الأخيرة في إفريقيا، ودعت إلى حلّ الأزمة بالحوار، فانّها دائمًا ما كانت محل اتهامات صريحة أو ضمنية.
وكان آخر هذه الاتهامات، تصريح بوريل عقب انقلاب الغابون بأنّ مجموعة "فاغنر" ما تزال نشطة في إفريقيا وتعمل لحساب الرئيس الروسي فلاديمر بوتين.
"انقلاب الغابون هو نتيجة عدوى الانقلابات"
في هذا السياق، شرحت الدكتورة عائشة البصري، الباحثة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أنّ ما يحدث في الغابون هو "عدوى انقلابات" في إفريقيا بالدرجة الأولى، نظرًا لوجود مناخ عامّ يُشجّع على الانقلابات.
وأشارت البصري في حديث إلى "العربي" من الدوحة، إلى وجود حالة من الاحتقان الشعبي في الغابون منذ عام 1993، حيث كانت كل الانتخابات التي شهدتها البلاد محل جدل كبير، مضيفة أنّ السلطة العسكرية استغلّت هذا الاحتقان الشعبي.
وأوضحت أنّ الاحتقان الشعبي في الغابون ناتج عن سوء الحكم، والفساد، واستئثار عائلة واحدة على الحكم، والأهم استفحال الفقر في المجتمع، بالرغم من أن الغايون بلد غني بالثروات الطبيعية.
"انقلاب الغابون فاجأ الجميع"
من جهته، أكد أبو بكر محمد أبو بكر الصحافي والباحث في شؤون دول وسط إفريقيا أنّ انقلاب الغابون فاجأ الجميع، حيث انتهز الجيش الغضب الشعبي من نتائج الانتخابات ووقوف دول غربية وراء علي بونغو، للانقلاب من أجل إرضاء المجتمع.
وقال أبو بكر في حديث إلى "العربي" من إنجمينا: إنّ المشكلة ليست في الشخصية التي ستقود الفترة الانتقالية، إذ إنّ الشعب الغابوني أصبح لديه طموحات أكبر لكن الدول الغربية هي التي كانت تُساعد علي بونغو على البقاء في السلطة رغم المعارضة الشعبية.
وأضاف أن الجيش سبق عاصفة ما بعد الانتخابات لتهدئة الأمور وإيجاد مخرج للبلد الذي يعيش تحت رحمة فرنسا رغم ثرواته.
"اتهام فرنسا بانقلابات إفريقيا تبسيط للأمور"
بدوره، أشار الدكتور جان بيار ميليلي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس الدولية، إلى حالة من الغضب الكبير تجاه فرنسا على ما يحدث في إفريقيا الوسطى.
وقال ميليلي في حديث إلى "العربي" من باريس: إنّ كل حالة انقلاب في إفريقيا تتميّز بخصائص مختلفة، مضيفًا أن الغابون لا تُعاني من الإرهاب على غرار النيجر.
ورأى أنّ اتهام فرنسا بكل ما يجري في إفريقيا هو حالة من تبسيط الأمور، وأن هناك من يُطبّق على هذه الأحداث تفسيرات القرن الماضي أي مرحلة الاستعمار الفرنسي.