الثلاثاء 5 نوفمبر / November 2024

سنوات من المعاناة.. طرابلس تستعيد بعضًا من بريقها مع عودة الكهرباء

سنوات من المعاناة.. طرابلس تستعيد بعضًا من بريقها مع عودة الكهرباء

شارك القصة

فقرة أرشيفية من "شبابيك" ترصد معاناة الليبيين مع انقطاع الكهرباء (الصورة: مواقع التواصل)
في كل مرة تحدث اشتباكات بين المجموعات المُسلّحة، تتضرّر ممتلكات المواطنين ومحطات الكهرباء وبنيتها التحتية بسبب القصف العشوائي.

للمرة الأولى منذ وقت طويل وعلى عكس السنوات السابقة، يعيش الليبيون موسم صيف من دون انقطاعات مزمنة في التيار الكهربائي، حيث أعادوا اكتشاف عاصمتهم طرابلس وحدائقها العامة المضاءة ليلًا بفضل استقرار الشبكة بعد عقد من الاضطرابات.

وكانت الأزمات المتواصلة للكهرباء مع تضرّر الشبكات نتيجة الاشتباكات بين الفصائل المسلّحة وعمليات النهب، جزءًا لا يتجزأ من يوميات الليبيين منذ سقوط نظام الزعيم السابق معمر القذافي عام 2011.

"تكيف" مع الوضع القائم

وحكم نظام القذافي البلاد لـ 42 عامًا، لكنّه رحل تاركًا وراءه بنى تحتية متقادمة واقتصادًا يعتمد بشكل مفرط على النفط ويدًا عاملة غير مؤهلة.

وفي السنوات العشر الأخيرة لجأت الشركة العامة للكهرباء إلى تقنين التيار لفترات خلال ذروة الاستهلاك صيفًا وشتاء، للمحافظة على الشبكة.

وفي يوليو/ تموز 2022، جرى تعيين إدارة جديدة في الشركة العامة للكهرباء وأُقرّت خطة إعادة هيكلة لها، ترافقت مع هدوء نسبي بعد اشتباكات استمرّت لسنين، وهو ما أدى إلى تحسّن التغذية الكهربائية بشكل واضح.

كما باشرت شركات أجنبية مجددًا مشاريع عُلّقت لسنوات.

وحتى العام الماضي، كان الانقطاع يستمر لعشرين ساعة متواصلة في العاصمة طرابلس. ومع تجاوز حرارة الطقس صيفًا 40 درجة مئوية، كان الوضع لا يحتمل من دون مكيفات هواء.

واضطر السكان إلى التكيف مع ذلك، حيث استثمر كثيرون في بطاريات تُكلّف بضع عشرات من الدولارات، وتسمح بتشغيل جهاز التلفزيون أو مصباح أو مصباحين ووصلة إنترنت بسيطة. بينما اشترى الميسورون مولّدات كهرباء قوية تُسبّب تلوثًا بصريًا وسمعيًا.

كما واجه كثير من الجزّارين ومتاجر الحلويات والمثلجات صعوبة في احترام سلسلة التبريد.

وقال مؤيد الزياني صاحب محل لحوم : "إذا استمر تشغيله أكثر من عشر ساعات، يضعف أداء المولّد الكهربائي والثلاجات وتفسد اللحوم. لكنّ الوضع يتحسّن الآن مع عودة الكهرباء".

بدورها، أكدت حنان الميلادي التي تبيع عبر الإنترنت حلويات لحفلات الزواج والأعياد "هل يُمكن أن تتخيّل ما يحدث عندما تنقطع الكهرباء ولم أنته من طلبيتي بعد. والأصعب أننا لا نعرف متى تنقطع الكهرباء ومتى تعود".

مسؤوليات مشتركة

ويبلغ عدد محطات توليد الكهرباء في البلاد حوالي عشرين محطة، بينما تُعلن الشركة العامة للكهرباء بانتظام عن تجهيزات جديدة. لكنّ هذا الأمر لم يُحل خلال موجة القيظ في يوليو الماضي. وعاد هدير المولدات مجددًا في المدينة، إثر أعطال متفرّقة ومشاكل تتعلّق بالحرارة المرتفعة.

ومنذ وقف إطلاق النار عام 2020 وتشكيل حكومة انتقالية في طرابلس عام 2021، انكبت البلاد البالغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة والغنية بالمحروقات، على ورشة إعادة البناء.

ويُشكّل الاستقرار في الشبكة الكهربائية العنوان الرئيسي في برنامج "عودة الحياة" الذي أقرّته الحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة في غرب ليبيا، ويُساهم في إعادة البريق إلى طرابلس التي يُطلق عليها أبناؤها لقب "عروس البحر الأبيض المتوسط" بسبب واجهتها البحرية التي كانت تُطلى سابقًا بالكلس.

وقال محمد رحومي المُنسّق الإعلامي في مجموعة للحلويات: "من الواضح أن الاستقرار الإداري للشركة (العامة للكهرباء) والاستقرار الأمني أثر على استقرار الشبكة خلال هذه السنة. لكن على المواطن أيضًا تقليل الاستهلاك ودفع الفواتير".

وكلفة الكهرباء في ليبيا هي من الأدنى في المنطقة، وتبلغ 0.050 دينار (أي 0.01 يورو) للكيلوواط/ساعة للأفراد، و0.20 دينار (0.04 يورو) للمحلات.

ونهاية شهر أغسطس/ آب الماضي، ضاق كورنيش طربلس بالسيارات مع زحمة سير عند منتصف الليل تُذكّر بزحمة ساعات الذروة.

وقال النادل عبد المالك فتح الله: "جهود الحكومة الحالية واضحة وملموسة، ولكن بسبب كل ما عشناه في السنوات الماضية لا يزال لدى المواطن مخاوف من أن يحدث شيء في أي وقت، نظرًا لعدم استقرار البلاد من الناحية الأمنية".

وأضاف: "في كل مرة تحدث اشتباكات بين المجموعات المُسلّحة، تتضرّر ممتلكات المواطنين ومحطات الكهرباء وبنيتها التحتية بسبب القصف العشوائي".

وفي منتصف أغسطس الماضي، شهدت طرابلس اشتباكات كانت الأخطر بين المجموعات المسلحة منذ سنة، وأسفرت عن 15 قتيلًا و146 جريحًا.

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب
Close