بينما أعلن الجيش الإسرائيلي تكثيف هجماته الجوية، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة اليوم الأحد أن إجمالي ضحايا العدوان منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بلغ 4651 شهيدًا منهم 1873 طفلًا، إضافة إلى إصابة 14245 مواطنًا بجراح مختلفة.
وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة في مؤتمر صحافي: "المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد العائلات بلغت 574 مجزرة راح ضحيتها 3600 شهيدًا وصلوا للمستشفيات ولازال أضعاف ذلك تحت الأنقاض".
وأضاف المتحدث أن "الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 24 مجزرة خلال الـ24 ساعة الماضية راح ضحيتها 266 شهيدًا منهم 117 طفلًا وغالبيتهم من جنوب القطاع".
إسرائيل تكثف الغارات على غزة
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي الأحد، أنه يكثف هجماته الجوية على قطاع غزة بهدف "تقليل التهديدات التي قد تواجه قواتنا، استعدادًا للمرحلة التالية من الحرب"، في إشارة إلى حرب برية.
ومشيرًا إلى استمرار تكثيف الهجمات، قال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري في مؤتمر صحفي: "لا نوقف هجماتنا على غزة".
وأضاف: "نعمل على زيادة الهجمات في غزة لتقليل التهديدات التي قد تواجه قواتنا استعدادًا للمرحلة التالية من الحرب".
وتابع هاغاري: "سنذهب إلى المرحلة التالية في ظل أفضل الظروف للجيش الإسرائيلي ووفقًا لقرار المستوى السياسي".
وتلّوح إسرائيل منذ أيام بالشروع في عملية برية في غزة بعد استدعاء 360 ألفًا من جنود الاحتياط وحشد مئات الدبابات والآليات العسكرية على حدود القطاع.
إسرائيل تأمر سكان غزة بالتحرك جنوبًا
وجدد هاغاري دعوته الفلسطينيين في شمالي غزة للتوجه إلى جنوبي القطاع.
وقال: "في الهجمات خلال ساعات الليل، قتلنا عشرات المسلحين في مدينة غزة وضواحيها، وقد قُتل نائب قائد نظام إطلاق الصواريخ التابع لحماس" دون ذكر اسمه.
ووفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، قتلت إسرائيل أكثر من 50 فلسطينيًا، وأصابت العشرات في غارات على منازل وأبراج سكنية في غزة منذ فجر الأحد.
متى سيبدأ الاجتياح البري؟
وفي هذا الإطار، أفاد مراسل "العربي" من غلاف غزة أحمد دراوشة، أن السؤال الأبرز الذي يطرح في إسرائيل هذه الأيام هو متى سيبدأ الاجتياح البري، مشيرًا إلى أن هناك خلافات بين المستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي.
وأضاف أن صحيفة "هآرتس" العبرية سلطت الضوء اليوم على هذه الخلافات، إذ إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبدو أنه متردد بهذا الخصوص، مشيرًا إلى أن الأشخاص الذين التقوا بنتنياهو أو الصحافيين المقربين منه يتحدثون طوال الوقت في وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه يجب عدم التسرع في الاجتياح البري لقطاع غزة، ويجب إعطاء الفرصة للجيش الإسرائيلي للاستعداد بشكل جيد.
أما على المستوى العسكري، فلفت مراسلنا إلى أن الجيش الإسرائيلي والصحفيين المقربين من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية يسربون يوميًا الأنباء التي تفيد أنهم جاهزون، وأنهم بانتظار أن يحصلوا على الأوامر لبدء الاجتياح البري لقطاع غزة.
عقبات تواجه الاجتياح البري
وفي هذا الصدد، أوضح مراسل "العربي"، أن هناك عقبات عدة تواجه الاجتياح البري الإسرائيلي للقطاع، إذ إن العقبة الأساس والأبرز هي أولًا الأنفاق، مشيرًا إلى أن مصدرًا أمنيًا شرق أوسطي قال لوكالة "رويترز": إن الأنفاق تحت قطاع غزة ضخمة وكبيرة، وربما تكون أضخم من الأنفاق التي كانت موجودة في فيتنام.
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي على ما يبدو لا يملك حتى الآن القنابل التي تمكنه من القضاء على هذه الأنفاق من الجو، لذلك عليه أن يصل إلى فتحات هذه الأنفاق داخل أراضي قطاع غزة، وأن يفجر هذه الأنفاق من الداخل، بحسب ما يقول الصحفيون العسكريون الإسرائيليون.
أما العقبة الثانية التي تواجه الجيش الإسرائيلي في الاجتياح البري، حسب مراسل "العربي"، هي الدمار الذي سببه سلاح الجو الإسرائيلي، موضحًا أنه كلما زاد الدمار في قطاع غزة، كلما ازدادت صعوبة أن يسيطر الجيش الإسرائيلي على المدن بشكل أسرع، لأن هذا الدمار سيتحول إلى ملاذات آمنة للمقاتلين الفلسطينيين الذين يتفوقون على الجيش الإسرائيلي في معرفة هذه الشوارع المكتظة والضيقة في القطاع.
وأردف أن أحد الضباط الإسرائيليين البارزين السابقين في الجيش الإسرائيلي، وهو برتبة لواء، قال: إن مقاتلي حماس لن ينتظروا إسرائيل في الطابق العاشر بالأبراج، إنما في أنفاق تحت الأرض، وإن القصف الذي تقوم به إسرائيل تحديدًا في مدينة غزة، سيعطي ملاذًا لهؤلاء المقاتلين.
وتابع مراسلنا أن العقبة الثالثة التي تواجه الجيش الإسرائيلي هي عدم وضوح الخطط العسكرية حتى الآن، وأن الهدف الذي يتحدث عنه المسؤولون السياسيون مرتفع وهو القضاء على حركة حماس بالكامل، لكن مسؤولين عسكريين بدأوا يشككون في هذا الهدف ويطالبون بأهداف أوضح، كما يطالبون المستوى السياسي بأن تكون خطته العسكرية واضحة بشكل كبير جدًا مثل السيطرة على مدن أو تدمير مدن أو اعتقال أكبر عدد ممكن من مقاتلي حماس، لكنهم لا يريدون الاكتفاء بهذه التصريحات العمومية التي تجعل من التحركات الميدانية غير واضحة.
أما العقبة الرابعة، حسب مراسلنا هي قدرات الجنود القتالية، موضحًا أن الجنود الإسرائيليين لم يخوضوا معارك ميدانية خلال العقود الأخيرة، حيث كانت مهمتهم الأساسية في الضفة الغربية هي مهام شرطية.
ولفت إلى أن إسرائيل يبدو أنها تفضل أن تتريث في هذا الأمر، أن تتأكد أولًا من فوز الخطط العسكرية، وثانيًا من جهود المقاتلين الإسرائيليين لهذه المنطقة، ومن ثم ستنتقل نحو الاجتياح البري في حال صدرت أوامر المستوى السياسي الإسرائيلي.
وخلص إلى أن إسرائيل لا تريد تكرار المشاهد التي انتشرت صباح السبت السابع من أكتوبر لمقاتلين فلسطينيين، وهم يسيطرون على قواعد عسكرية للجيش الإسرائيلي، لذلك يبدو أنها ستتأخر أكثر، خصوصًا وأن الرسائل الواردة من الولايات المتحدة تطالبها أو تضغط عليها حتى الآن بالتفكير أكثر في الاجتياح البري وعواقبه، وليس الدخول أو اقتحام قطاع غزة والتوغل فيه دون خطط عسكرية.