نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر اليوم الثلاثاء، أن الولايات المتحدة نصحت إسرائيل بالامتناع عن أي هجوم بري على قطاع غزة، بينما تسعى واشنطن إلى إطلاق سراح المزيد من المحتجزين لدى "حماس"، وتتأهب لاحتمال اتساع دائرة النزاع في الشرق الأوسط.
ورغم أن الولايات المتحدة أكدت علنًا أن إسرائيل هي من ستحدد جدولًا زمنيًا للرد على عملية "طوفان الأقصى"، لكن مصدرين مطلعين للوكالة نفسها، قالا إن البيت الأبيض ووزارتي الدفاع (البنتاغون) والخارجية يكثفون حاليًا مناشداتهم للإسرائيليين بتوخي الحذر.
وبعد إطلاق كتائب القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية، العملية التي استهدفت مستوطنات ومنشآت إسرائيلية عسكرية في غلاف غزة، يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، قام الاحتلال بتضييق الحصار على القطاع، وشن عدوان دمر خلاله أحياء وأبنية سكنية على رؤوس المدنيين، حيث بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين حتى الآن ما يزيد عن 5000 شهيد.
"أولوية" ملف الأسرى
وقالت المصادر لوكالة "رويترز": إن إحدى الأولويات الأميركية تتمثل في إتاحة مزيد من الوقت للمفاوضات بشأن إطلاق سراح المحتجزين الذين أسرتهم حماس خلال هجومها، وخصوصًا بعد الإفراج غير المتوقع عن أسيرتين أميركيتين يوم الجمعة، بالإضافة إلى أسيرتين إسرائيليتين يوم أمس، حيث يُعتقد أن المقاومة تتحفظ على أكثر من 200 أسير وأسيرة.
وقال مصدر مطلع على المفاوضات لوكالة "رويترز" بشأن أسرى حماس: "في الوقت الحالي، لا توجد خريطة طريق واضحة أو تسلسل للخطوات نحو التهدئة الكاملة. الأولوية هي العمل على إخراج الرهائن خطوة بخطوة".
وقال مسؤول أميركي آخر للوكالة نفسها: إن الحكومات الأوروبية، تقترح أيضًا على إسرائيل الامتناع عن الهجوم، لإفساح المجال أمام المفاوضات بشأن إطلاق سراح أسرى غربيون.
نصائح أميركية
من جهته، أكد البيت الأبيض أنّ الرئيس الأميركي، جو بايدن، ناقش أزمة "الرهائن والأزمات الإنسانية" في غزة مع قادة كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا يوم الأحد.
وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض: إن واشنطن تتحدث مع إسرائيل منذ بداية الصراع "للتأكد من نواياها وإستراتيجيتها وأهدافها لمعرفة إجاباتها على أسئلة من نوع الأسئلة الصعبة التي يمكن يطرحها أي جيش".
وقال مسؤول دفاعي أميركي، إن وزير الدفاع لويد أوستن شدد خلال العديد من المكالمات الهاتفية مع نظيره الإسرائيلي على ضرورة الاستعداد للتأثيرات غير المباشرة للهجوم البري، والتي تتضمن مخاطر اتساع نطاق الصراع في المنطقة ومصير المحتجزين والأزمة الإنسانية.
معنويات جنود الاحتلال
ويشير مسؤولون إسرائيليون علانية على نحو متزايد إلى أن اجتياح غزة ربما يكون وشيكًا، غير أن أيًا منهم لم يحدد موعده أو ما إذا كان قد تأجل. واستدعت إسرائيل 300 ألف جندي احتياط، وهو رقم قياسي.
وقال نائب السفير الإسرائيلي لدى واشنطن إلياف بنيامين لراديو الجيش الإسرائيلي: "سنفعل ما يتعين علينا القيام به عندما يتعين علينا فعله"، مهونًا من تأثير الولايات المتحدة على التخطيط لشن هجوم.
من جهته، قال اللواء واصف عريقات، الخبير بالشأن الأمني والإستراتيجي من رام الله، في حديث إلى "العربي"، إن الهدف من القصف الكبير الذي يعتمده الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة هو تدمير البنية التحتية وتنفيذ مجازر بالقطاع دون مانع أو رادع.
وأضاف عريقات بأنه بعد ثاني أيام العدوان يردد نتنياهو وساسة إسرائيل أن العملية البرية ستنفذ سريعًا لنصل 18 يومًا شهدت مجازر وعملًا بسياسة الأرض المحروقة، وتابع بأن هذا التأجيل سببه الرئيس الهبوط الكبير في معنويات ونفسية جنود الجيش الإسرائيلي.
ومع أكثر من إعلان عن اقتراب الاجتياح البري، يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه لليوم الثامن عشر على التوالي على قطاع غزة وسط تصاعد في عمليات القصف التي خلفت المئات من الشهداء والجرحى في ظل تنديد بالجرائم والمجازر والتدمير الواسع لأحياء سكنية.
وبلغ إجمالي ضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر الجاري 5078 شهيدًا بينهم 2055 طفلًا و1119 امرأة، فيما وصل عدد الجرحى إلى 15273 مصابًا بجروح مختلفة.
العين على حزب الله
وتشير إسرائيل منذ الأحد إلى تحول في الأساليب بإرسال قوات مشاة مدعومة بالدبابات للتوغل في غزة لجمع معلومات، وهو ما أطلق شرارة اشتباكات مع المقاومين الفلسطينيين.
كما تقول إسرائيل إنها تركز ضرباتها الجوية على ما وصفتها بالمناطق التي تجمع فيها المقاومة مقاتليها لنصب كمين لأي اجتياح، لكن استهداف المشافي والمخابز والتجمعات السكنية ينقض تلك الرواية.
كذلك، قد تسمح النصيحة الأميركية لإسرائيل بوقف الهجوم البري أيضًا، لواشنطن بالاستعداد لأي هجمات محتملة على مصالحها في المنطقة مع تزايد المخاوف من اتساع نطاق الصراع، وخصوصًا بين إسرائيل و حزب الله في لبنان.
كما تزايد قلق واشنطن إزاء رغبة بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين، ومنهم وزير الأمن يوآف غالانت، في الدعوة إلى توجيه ضربة استباقية إلى حزب الله.
ويقول مسؤولون أميركيون إن إسرائيل ستواجه صعوبة في خوض حرب على جبهتين في وقت واحد، إذا شن حزب الله معركة واسعة النطاق في الشمال.