وسط جرائم إسرائيل.. ما هي قوانين الحرب التي تنطبق على غزة؟
لم تمتثل إسرائيل على مدار حروبها في فلسطين للمواثيق الدولية التي تحكم الصراعات والنزاعات المسلّحة والتي نصّ عليها القانون الإنساني الدولي أو ما يُعرف باتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية المبرمة عام 1977، وقوانين النزاعات المسلّحة.
وخلال عدوانها الحالي على غزة المستمرّ منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تعرّضت إسرائيل لانتقادات شديدة باستهدافها المدنيين والمنشآت الطبية المحمية بموجب القوانين الدولية، وآخرها اقتحام مجمع الشفاء الطبي فجر أمس الأربعاء.
وشنّت إسرائيل خلال عدوانها الحالي 152 هجومًا على البنية التحتية الصحية في قطاع غزة. ولتبرير هجومها على المنشآت الطبية، تتّهم إسرائيل المقاومة الفلسطينية باتخاذ المستشفيات مقرات عسكرية لها، لكنّها لم تقدّم أي دلائل على ذلك وسط نفي المقاومة لهذه الاتهامات.
وقالت المحامية الكندية كارولين إدغيرتون، إنّ الفقه القانوني أكد على ضرورة الموازنة بين مبادئ الضرورة العسكرية والإنسانية، مضيفة أنّ "مهاجمة المستشفيات والوحدات الطبية الأخرى محظور بموجب اتفاقية جنيف الأولى، وتمتد تلك الحماية لتشمل الجرحى والمرضى والعاملين في تلك المؤسسات وسيارات الإسعاف".
ورغم أنّها أوضحت أنّ الحماية "تنته إذا تمّ استخدام تلك المنشآت من قبل أحد أطراف الصراع في ارتكاب عمل يُضرّ بالعدو"، شدّدت على أنّه "حتى لو تم تحديد أن المؤسسة الطبية أصبحت هدفًا عسكريًا، يجب على إسرائيل أن تسأل نفسها ما إذا كانت الأضرار الجانبية المتوقعة ستكون مفرطة مقارنة بالمكسب العسكري".
وتعريف ما هو "ضار للعدو" في حد ذاته محور معركة قانونية مستمرة، ولذلك أوضحت إدغيرتون أنّ تحديد ما إذا كانت حماية المستشفى معرضة للخطر هو ممارسة قائمة على أدلة.
ما هي الأفعال التي قد تنتهك قانون جرائم الحرب؟
تحظر اتفاقيات جنيف استهداف المدنيين أو الأهداف المدنية بشكل مباشر. كما أنّ الهجوم المتعمد على الأفراد والمساعدات الإنسانية يعد جريمة حرب منفصلة إذا كان من يقدمونها من المدنيين.
ويمكن اعتبار الحصار جريمة حرب إذا استهدف مدنيين، وليس وسيلة مشروعة لتقويض القدرات العسكرية لقوة ما على غرار "حماس"، أو إذا اتضح عدم تناسبه.
وحتى إذا هاجم مقاتل أهدافًا عسكرية مشروعة، يتعيّن أن يكون الهجوم متناسبًا، أي ألا يؤدي إلى خسائر فادحة في أرواح المدنيين أو إلحاق أضرار بالممتلكات المدنية.
وأجمعت منظمات حقوقية دولية على أنّ إسرائيل ارتكبت انتهاكات ترقى إلى "جرائم حرب" في عدوانها على غزة.
والثلاثاء الماضي، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى التحقيق في الجرائم الإسرائيلية على القطاع الصحي في قطاع غزة واستهداف المدنيين في لبنان باعتبارها جرائم حرب.
كما أكدت منظمة العفو الدولية وجود أدلة دامغة على جرائم حرب ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، حيث تقضي هجماتها على عائلات بأكملها.
بدورها، اعتبرت المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنّ استهداف الاحتلال مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة "قد يرقى إلى جرائم حرب".
ويندرج في إطار جرائم الحرب المحتملة التي تتحدّث عنها "هيومن رايتش ووتش"، الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة التي أودت بحياة 11660 مدنيًا فلسطينيًا.
وتحظر اتفاقيات جنيف احتجاز الرهائن والقتل والتعذيب، بينما قد يكون الردّ الإسرائيلي على أسر حماس عدد من الإسرائيليين خلال عملية "طوفان الأقصى"، موضع تحقيق في ارتكاب جرائم الحرب.
من هي الجهات التي يُمكنها النظر بجرائم حرب مزعومة؟
تُعتبر الولايات القضائية المحلية في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل الجهة الأولى التي يُمكن أن تُحاكم جرائم الحرب.
أما المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي فهي الهيئة القانونية الدولية الوحيدة القادرة على توجيه الاتهامات، حيث يمنح نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية سلطة قانونية للتحقيق في الجرائم المزعوم ارتكابها على أراضي الدول الأعضاء أو التي يرتكبها مواطنو هذه الدول، في حال "عدم رغبة أو عدم قدرة" السلطات المحلية على الاضطلاع بذلك.
وبالفعل، توجّهت منظمات فلسطينية برسالة إلى الجنائية الدولية للتنديد "بجرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
كما أعلن المحامي الفرنسي المخضرم جيل ديفرز أنّه نجح في جمع 300 محامي من مختلف الجنسيات والأديان للدفاع عن الفلسطينيين، مضيفًا أنّه سيتقدّم إلى المحكمة الجنائية الدولية بدعوى للتحقيق في جرائم الاحتلال منذ 7 أكتوبر، وسيقدم أدلة ووثائق تشير إلى ارتكاب الاحتلال جرائم "الإبادة الجماعية" بحق الفلسطينيين.
بدورها قدّمت جنوب إفريقيا شكوى للمحكمة الجنائية الدولية من أجل التحقيق في جرائم حرب ارتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة.
وفي 5 فبراير/ شباط 2021، قررت الدائرة الدائرة الأولى في المحكمة الجنائية الدولية أنّه يجوز للمحكمة ممارسة اختصاصها الجنائي في فلسطين، وأنّ النطاق الإقليمي لذلك الاختصاص يمتد ليشمل غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.