حذّرت دولة قطر من التداعيات الكارثية المترتبة على وقف عدة دول دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بناء على مزاعم إسرائيلية بمشاركة بعض موظفي الوكالة في عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "القسّام" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وشدّدت وزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية لولوة بنت راشد الخاطر، في اتصال هاتفي مع المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني، على موقف الدوحة الثابت من ضرورة استمرار وتكثيف الجهود الإغاثية إلى قطاع غزة.
من جهته، أكد لازاريني أن "الوكالة اتخذت كافة الإجراءات القانونية للتحقيق بشأن الادعاءات التي طالت مجموعة صغيرة من موظفيها"، مشددًا في هذا الصدد على أنّ الوكالة "ظلت وستبقى متمسكة بقيم الأمم المتحدة، ولا ينبغي اتهامها ومعاقبتها والتغافل عن أدوارها الحيوية الكبيرة".
كما حذّر المفوّض من مغبة الوقف الجماعي لدعم "الأونروا "، مشيرًا إلى أنّ هذا الأمر سيُشكّل تهديدًا وجوديًا للوكالة ويُمكن أن يؤدي إلى إيقاف عملها بالكامل في غضون أسابيع، بحيث تطال التداعيات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا والذين يعتمدون بشكل شبه كلي على عمل "الأونروا" في تلك المناطق.
تصعيد إسرائيلي
وفي تصعيد جديد تجاه الوكالة، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم الإثنين، لازاريني لتقديم استقالته، حيث كتب في منشور عبر منصّة "إكس": "لقد ألغيت للتو اجتماعات المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني مع مسؤولي وزارة الخارجية الإسرائيلية التي كانت مقررة الأربعاء".
وأضاف أنّه يجب على لازاريني "استخلاص النتائج والاستقالة، فمؤيدو الإرهاب غير مرحب بهم هنا".
يأتي ذلك في وقت، حذّر مقرّر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري من أنّ المجاعة أصبحت "أمرًا لا مفر منه" في غزة، بعد أن أوقفت بعض الدول تمويل "الأونروا".
إسبانيا لن تقطع المساعدات
وبينما ارتفع إلى 12 عدد الدول التي علّقت تمويلها للوكالة الأممية "مؤقتًا"، شدّدت إسبانيا على مواصلة دعمها لـ"الأونروا"، لتنضمّ إلى دول أخرى مثل إيرلندا والنرويج التي قالت إنّها "لن تقطع المساعدات"، لكنّها رحبت بإجراء تحقيق بالمزاعم الإسرائيلية.
وخلال اجتماع للجنة البرلمانية، أكد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن الوكالة الأممية "لا غنى عنها"، قائلًا إنّ التمويل يساعد على "تخفيف الوضع الإنساني الرهيب في قطاع غزة".
وأضاف الوزير الإسباني أنّ "بلاده ستتابع التحقيق الداخلي للوكالة عن كثب".
وأكد أنّ "بلاده ضاعفت تمويلها لفلسطين 3 مرات في الأشهر الأخيرة، إلى حوالي 50 مليون يورو (54 مليون دولار)، بما في ذلك تمويل الأونروا".
"قرار سياسي" و"استكمال للإبادة الجماعية"
وعقد ممثلون عن منظمات حقوقية فلسطينية غير حكومية من أبرزها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ومركز الميزان لحقوق الإنسان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، مؤتمرًا صحافيًا في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، للتشديد على أنّ وقف تمويل "الأونروا" استكمال للإبادة الجماعية في قطاع غزة، ويقود أكثر من 2 مليون فلسطيني في القطاع إلى "الموت جوعًا".
وقال جميل سرحان، مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، إنّ "وقف تمويل الأونروا قرار سياسي ولا يعد من القرارات المهنية ويستند إلى معلومات المخابرات الإسرائيلية التي لم يتم التحقق منها ولا يمكن اعتبارها سندا قانونيا حقيقيا".
وسأل سرحان: "كيف يمكن معاقبة الشعب الفلسطيني بمنع المساعدات عنه على خلفية اتهام عدد قليل من الموظفين بهذه القضية؟".
واعتبر أنّ هذه مبررات واهية وغير مقنعة، وتُشكّل عقوبات للشعب الفلسطيني واستكمال للإبادة الجماعية التي تمارسها قوات الاحتلال على غزة، داعيًا الدول التي أوقفت تمويل "الأونروا" إلى "التراجع عن قرارها والابتعاد عن النهج المساند للإبادة الجماعية في غزة".
من جانبه، أكد سمير زقّوت، نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، أنّ "وقف تمويل وكالة الغوث يعني دفع الناس للموت جوعًا في غزة"، معتبرًا القرار استكمالا لجريمة "الإبادة الجماعية".
وقال زقّوت: "نحن ندعو كل دول العالم إلى تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية لوقف الإبادة الجماعية في غزة"، مضيفًا أنّ إسرائيل "تستكمل جريمة الإبادة الجماعية في غزة ولم تتوقّف عن ذلك رغم قرار المحكمة الدولية".
هذه الاتهامات الموجهة للوكالة من قبل إسرائيل "ليست الأولى من نوعها"، فمنذ بداية الحرب على غزة، عمدت إسرائيل إلى اتهام موظفي "الأونروا" بالعمل لصالح حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في ما اعتبره مراقبون "تبريرًا مسبقًا" لضرب مدارس ومرافق المؤسسة في القطاع التي تؤوي عشرات آلاف النازحين معظمهم من الأطفال والنساء.