عكف الاحتلال الإسرائيلي على مدار الأشهر الثلاثة الماضية على الترويج لرواية أن المقاومة تستخدم المنشآت الطبية والمستشفيات، كقواعد عسكرية ومقرات أمنية ومخازن أسلحة، لتبرير هجومه على المستشفيات.
ولم ينجح طوال هذه المدة في إثبات أي من ادعاءاته، لكن الواقع أثبتته كاميرات المراقبة في أحد مستشفيات الضفة الغربية.
تفاصيل عملية الاغتيال في جنين
أن تتسلل إلى مستشفى في وضح النهار متنكرًا بزي مدني، وتستخدم بنادق كاتمة للصوت لاغتيال شبان ثلاثة، أحدهم يعاني من شلل نصفي وهم نائمون على أسرة المشفى، فهذه جريمة تفوق القتل مع سبق الإصرار والترصد، أو القتل العمد، هي باختصار اغتيال للإنسانية بعهودها ومواثيقها.
وكانت مشاهد قد وثقتها كاميرا داخلية مثبتة في المستشفى، أظهرت مجموعة من القوات الخاصة في جيش الاحتلال مع عناصر من جهازي الشرطة والشاباك، نفذوا عملية الاغتيال في مستشفى ابن سينا بجنين، وعند انكشاف أمرهم، اشتبكوا مع المقاومين، إلا أنهم تمكنوا من الانسحاب.
رئيس قسم الجراحة في مستشفى ابن سينا أفاد بأن تلك القوات تنكرت بملابس طبية واقتحمت المستشفى، واعتدت على الطواقم الطبية والأمنية، وممرضين خلال عملية اغتيال جريح يتلقى العلاج، ومرافقين له.
بينما وصف مدير الصحة في جنين ما جرى لـ"العربي" قائلًا: إن "تنفيذ قوات الاحتلال عملية اغتيال داخل المستشفى بعد التنكر بزي الطواقم الطبية يمثل اعتداء جديدًا على القطاع الطبي وانتهاكًا لحرمة المستشفى".
من جهتها، تشرح والدة الشهيدين محمد وباسل الغزاوي الوضع الصحي لابنها باسل، الذي كان في مستشفى ابن سينا جراء إصابته بشلل نصفي، متأثرًا بشظايا صاروخ كان قد أطلق عليه منذ ثلاثة أشهر.
وقالت إن ابنها كان قد دخل المستشفى في 25 أكتوبر/ تشرين الأول جراء إصابته بشظايا صاروخ، أسفر عن إصابته بإعاقة في قدميه، كما تم استئصال جزء من رئته.
"جريمة حرب"
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تفاعل غاضب وكبير مع ما جرى داخل المستشفى، وصف المحاضر في القانون الدولي الإنساني لويجي دانييلي Luigi Daniele وهو دكتور بجامعة نوتنغهام ترنت في المملكة المتحدة، عملية الاغتيال التي جرت داخل المستشفى بجريمة الحرب.
كما أجرى مقارنة بين مزاعم جيش الاحتلال بتخبئة المقاومة للأسلحة داخل المشافي في غزة، وخاصة مشفى الشفاء، وعدم عثورها على أي دليل يؤكد مزاعمها وبين ما قام به الاحتلال فعليًا من تخبئة الأسلحة بأسرة الأطفال، وتنفيذ عملية اغتيال بالتنكر بزي أطباء وممرضين قائلا: منذ ثلاثة أشهر ونحن نسمع: "يخبئون الأسلحة في أسرة الأطفال"، وهو يقصد مزاعم الاحتلال عن حماس.
ثم أضاف ترى ممرضة وطبيبًا وشخصًا بكرسي متحرك وواحدًا بعربة أطفال وآخر يسحب شيًئا منها، ينفذون عمليات اغتيال، تشمل الجرحى، في مستشفى في الأراضي المحتلة.
ويكمل دانييل: "في نظام روما الأساسي تعرف جريمة الحرب: بمهاجمة الأشخاص المعترف بأنهم عاجزون عن القتال وقتل الخصم أو إصابته أو أسره باللجوء إلى الغدر"، على حد قوله.
"جريمة إسرائيلية في حق الإنسانية"
من جانبها، كتبت أميرة النحال عن حادثة الاغتيال قائلة: "في سابقة تاريخية خطيرة للغاية، وفي تجاوز لكل الخطوط الحمراء، وضرب عرض الحائط بكل النظام الدولي المتواطئ أصلًا، بملابس الأطباء والنساء والشيوخ، قوة صهيونية خاصة تدخل مستشفى ابن سينا وسط جنين، وتقتل مريضًا واثنين من مرافقيه في جريمة إعدام مروعة"، على حد وصفها.
وعددت الناشطة هنا تفاصيل الجريمة، وكتبت: "عربات رضع وأطفال، وكراسي معاقين، ونساء، كبار سن، وكوادر طبية من أطباء وممرضين، وتسلل فجرًا وقت تغيير المناوبات".
وأضافت: "حوالي عشرة أشخاص، وسطو مسلح على مستشفى، وقتل مريض يرقد لشهور في المستشفى، وهمجية الاحتلال لا حدود لها".
وقالت سميرة بدورها: "الاستعمار، عفوًا الاستدمار الصهيوني العالمي القديم المتجدد، لا يعرف القواعد والقوانين التي أوجعوا رؤوسنا بها، فقط الإقدام والمقاومة الباسلة والنوعية هي من تعيده إلى مكانه المعروف".
من جانبها، أعلنت القوى الوطنية الفلسطينية في جنين الإضراب العام حدادًا على الشبان الثلاثة، بينما طالبت وزارة الصحة الفلسطينية الأمم المتحدة بتوفير الحماية لمراكز العلاج وطواقم الإسعاف في الضفة الغربية وقطاع غزة فورًا.
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية قتل القوات الإسرائيلية ثلاثة فلسطينيين في مستشفى ابن سينا، مؤكدة أنها جريمة في حق الإنسانية.