نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي مقاطع مصوّرة تزعم رصد نفق يؤدي إلى غرفة استخبارية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، تقع تحت المقرّ الرئيسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في قطاع غزة.
وتحقّق "العربي" مما ورد في مقاطع الفيديو، وتوصّل إلى أدلة تفنّد المزاعم الإسرائيلية، وتؤكد أنّ ما نشره الاحتلال يُظهر تجهيزات ومعدات تابعة لمقر الوكالة الأممية، ولا علاقة لها بغرف سرية للمقاومة الفلسطينية.
وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي قد نشر الفيديو والمزاعم بشأنه في العاشر من فبراير/ شباط الحالي.
ودقّقت وحدة التحقّق من خلال المصادر المفتوحة في التلفزيون العربي، في تفاصيل المشاهد، وكشفت دلائل على زيف الرواية.
مبنى تابع لمقرّ رئاسة "الأونروا"
وتحقّق فريق "العربي" من مكان الفيديو، فتبيّن أنّ موقعه يتوافق مع الموقع الرسمي لمقرّ رئاسة "الأونروا" في مدينة غزة، بجانب شارع جمال عبد الناصر.
وبمقارنة المعالم الظاهرة في الفيديو مع الخرائط، تمكّن من تمييز المبنى وتحديد موقعه.
وقد وجد "العربي" أنّ أول علامات ضعف رواية الاحتلال تبرز عند الدقيقة الأولى وأربع ثوان من الفيديو، حيث ينقطع التسجيل عند دخول الجندي نفقًا مزعومًا، وتظهر بعدها الغرفة التي ادعى جيش الاحتلال أنّها مكان سري يقع تحت مقر "الأونروا".
خوادم مرتبطة بمبنى "الأونروا"
وفي الغرفة، وردت عدة أدلة مهمة كذكر أنّ البنى التحتية لغرفة الخوادم مرتبطة بمبنى المقر الرئيسي التابع للأونروا.
وكرّر هذا الكلام الصحافي أرييل كاهانا، الذي يعمل في صحيفة "إسرائيل هيوم" خلال تغطيته للقصة، حيث ذكر أن الكابلات التي تربط غرفة اتصالات "الأونروا" في الطابق الأول من المبنى بغرفة الخوادم المزعومة موجودة تحتها بالضبط. وبالتالي فإن الغرفة مرتبطة مع مبنى "الأونروا" وليست معزولة.
من هنا، انطلق بحث "العربي" الذي رصد عدة مؤشرات تؤكد تبعية الغرفة للمنظمة، وليس لأحد غيرها. ففي المقطع المنتشر، تظهر مجموعة من البطاريات الكبيرة المرتبطة ببعضها وفوقها صندوق أخضر اللون.
وبالبحث عنها، وجد فريق "العربي" أنّها عبارة عن تجهيزات كهربائية تُستخدم لتحويل التيار المستمر الموجّه من البطاريات إلى تيار متناوب، مناسب لعمل غالبية الأجهزة الكهربائية، وهو ما يُعرف بـ"المحوّل" أو الـ"inverter"، الذي يُستخدم في المباني الكبيرة التي تستخدم الطاقة الشمسية.
بالعودة إلى موقع الشركة "Novergy Solar" المُصنّعة لهذه التجهيزات، وجد فريق "العربي" مخططًا تضمن هذا المحوّل، بالإضافة إلى التجهيزات الأخرى في النظام الكهربائي التي تظهر بشكل واضح في المشاهد التي يروّج لها الاحتلال.
ألواح شمسية
وبعد الاطلاع على الخرائط، لاحظ فريق "العربي" ظهور الألواح الشمسية بشكل واضح على كل مباني "الأونروا". وبالتالي، فإن هذه التجهيزات التي سوّق لها الاحتلال على أنّها أدلة هي تجهيزات كهربائية لتغذية مقر "الأونروا" بالطاقة الكهربائية.
وبالبحث في المشاهد اللاحقة، لاحظ فريقنا مجموعة من التجهيزات الإلكترونية، وبجانبها صناديق بيضاء تشبه المكيفات المنزلية.
وبالعودة إلى شهادة صحافي "إسرائيل هيوم"، وجد فريقنا في تصريحاته تأكيدًا على وجود نظام خوادم بواسطة مكيّفات الهواء البيضاء، وأعلاه توجد منشأة طاقة متصلة فوق الأرض، ما يعني أنّ هذه الصناديق البيضاء هي مكيّفات لتبريد الغرفة.
وما يؤكد هذه النتيجة وجود الأنابيب الخارجة من الغرفة نحو الخارج، وهي أنابيب تهوية للمكيفات، ما يعني أنها متصلة مع مضخة خارجية تؤمّن التبديل الهوائي مع المكيّف الداخلي. وقد ظهرت هذه المضخّات أيضًا في مقطع آخر نشره صحافي تابع للقناة الـ13.
بالمحصلة، وبالنظر إلى المعطيات التي رصدها فريق "العربي"، لم يتمكّن جيش الاحتلال من إيجاد دليل واحد يُثبت وجود مقر استخباري لحركة "حماس".
فكل ما رصده هي معالم ظاهرة لغرف ومعدات تابعة للمنظمة الأممية، وجودها مبرر تمامًا، إذ أنّ عدد العاملين في المقر الرئيسي لـ"الأونروا" في غزة يزيد عن عشرة آلاف موظف، وبالتالي هم بحاجة إلى خوادم مخصّصة فقط لإدارة ملفاتهم ومعلوماتهم وأعمالهم.
كما وجد فريق "العربي" إعلانات توظيفية تطلب من خلالها الوكالة موظفين وخبراء لهذه التجهيزات.
من جانبه، أوضح المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني في منشور على حسابه بمنصة "إكس" عدة حقائق حول المقرّ الرئيسي للمنظمة في غزة، داعيًا إلى تحقيق مستقلّ حول المزاعم التي سردها الاحتلال.
وبالتالي، نجد أنّ جيش الاحتلال يخرج برواية جديدة لا دليل عليها، والهدف منها هذه المرة هو "الأونروا".