في مثل هذا اليوم قبل 18 عامًا، ألقت القوات الأميركية القبض على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين دون مقاومة، بعد أشهر من اجتياح العراق في 20 مارس/ آذار 2003، بذريعة محاربة الإرهاب، وتدمير الأسلحة النووية التي كان يملكها النظام العراقي.
وشارك في عملية "الفجر الأحمر" فريق يتكوّن من 600 عسكري أميركي، ومروحيات "أباتشي". ونشرت وكالات الاستخبارات الأميركية صورًا وفيديوهات للحظة اعتقال "رجل الحديد والنار" وإخراجه من مخبئه تحت الأرض عند مشارف تكريت من دون طلقة واحدة.
يومها، أطلّ رجل بلحية كثيفة وثياب رثّة ومتّسخة، قائلًا: "أنا صدام حسين، رئيس العراق".
شكوك قطعها نيكسون
اعتُقل صدام حسين بين الثامنة والتاسعة من مساء 13 ديسمبر 2003. خلال هذه الفترة عملت الاستخبارات الأميركية على جمع آلاف الوثائق والأوراق التي كانت موجودة في مخبئه، ثمّ اقتاده الفريق إلى بغداد التي وصل إليها عند الساعة الحادية عشر ليلًا.
وكانت الشكوك تراود الاستخبارات الأميركية حول أن يكون الشخص المعتقل هو صدام حسين نفسه، مع انتشار الأخبار عن وجود عشرات الأشخاص الذين يشبهونه في البلاد، والذين يستخدمهم بدلاء عنه.
ولذلك استدعى الجيش الأميركي جون نيكسون، العميل والمحقّق السابق في "سي آي إي"، ليكون أول الأشخاص الذين يتعرّفون على صدام، كونه الشخص الذي يمتلك أكبر قدر من الأسرار عن الرئيس العراقي السابق.
وقال نيكسون، في حديث إلى "العربي": إن محمد إبراهيم عمر المسلط، الحارس الشخصي الذي كان إلى جانب صدام في آخر ظهور له في بغداد، هو من دلّ العناصر المشاركة في عملية "الفجر الأحمر" على مكان اختباء صدام حسين.
وشرح نيكسون أن المسلط أخذ مصباحًا من أعضاء الفرقة، ووجّهه نحو الأرض، وضرب برجله ثلاث مرات على باب المخبأ تحت الأرض. وقال نيكسون: "كان صدام هناك".
وأوضح نيسكون أنه لدى وصوله إلى غرفة التحقيق، ومن النظرة الأولى، "لم يكن لدي أدنى شكّ في أنه صدام. لقد عملت لسنوات على دراسة آلاف الصور والفيديوهات له".
وأضاف: "عرفته من وشوم على يده، وجرح قديم في رجله".
والتقطت السي آي إيه صورًا ومقاطع فيديو لصدام حسين في غرفة الاستجواب، في خطوة وصفها نيسكون بأنها "رسالة للعالم بأن الحرب قد انتهت".
"لم أجد إجابة لهذا التناقض"
وقبيل مباشرته التحقيق معه، استوقف صدام حسين نيكسون سائلًا: "انظر إلي. أنا أعاني من الجروح في يدي ورأسي، وقد تعرّضت للضرب والاعتداء الجسدي، فهل تعتقد أنه لو انقلبت الأدوار، وكان رئيس الولايات المتحدة مكاني، ورهن الاعتقال بيد القوات العراقية، هل كان العراقيون سيُعاملونه بالطريقة نفسها وفي بلده؟".
وكان نيكسون أول من حقّق مع حسين، وكشف لـ"العربي" أسرار تعقّب الاستخبارات الأميركية لصدام، ومحاولات الإطاحة به، واللحظات الأولى للاعتقال، واعترافاته بشأن حياته الشخصية والعاطفية، وهي أسرار تُكشف للمرة الأولى.