انضمت فرنسا وألمانيا، اليوم الجمعة، إلى الأصوات المطالبة بإجراء تحقيق مستقل في استشهاد أكثر من مئة فلسطيني كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات في غزة، وهي مجزرة قالت وسائل إعلام إسرائيلية إنها قد تضعف موقف إسرائيل على الصعيد الدولي.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "هناك سخط شديد إزاء الصور القادمة من غزة، حيث استهدف الجنود الإسرائيليون المدنيين. أعبر عن إدانتي الشديدة لعمليات إطلاق النار هذه وأدعو إلى الحقيقة والعدالة واحترام القانون الدولي".
"باريس ستدعم إجراء تحقيق مستقل"
وذكر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه أن باريس ستدعم إجراء تحقيق مستقل يسعى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إجرائه.
من جهته، أرجأ مجلس الأمن الدولي إصدار بيان بشأن "مجزرة الطحين"، حيث قال دبلوماسيون إنّ الولايات المتحدة كانت الدولة الوحيدة التي اعترضت على مشروع البيان الذي اقترحته الجزائر، والذي حمّل قوات الاحتلال مسؤولية استشهاد المدنيين في مدينة غزة.
من جانبها، صرحت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بأنه "يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يقدم شرحًا وافيًا لما حدث من ذعر وإطلاق نار بشكل جماعي".
ودعت الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل، إلى إجراء تحقيق شامل، وقالت إن الحادث يظهر الحاجة إلى "توصيل مساعدات إنسانية أكبر إلى غزة".
"هآرتس" تدعو إلى التحقيق في المجزرة
وفي ما يخص مواقف وسائل الإعلام العبرية، فقد دعت صحيفة "هآرتس" العبرية إلى فتح تحقيق شامل في "مجزرة الطحين" التي ارتكبها الاحتلال في شارع الرشيد، وإلى وقف العدوان على قطاع غزة.
وقتل جيش الاحتلال الإسرائيلي 112 فلسطينيًا وجرح 760 آخرين، خلال توزيع مساعدات في مدينة غزة فجر أمس الخميس، وهي جريمة ندّد بها زعماء دول ومنظمات الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية.
وفي هذا الإطار، أوضح مراسل "العربي" في القدس أحمد دراوشة أنّ أهمية ما نشرته الصحيفة العبرية يتمثّل في كونه يصدر عن مصدر إسرائيلي، إضافة إلى أنّ نسختها الإنكليزية توزّع يوميًا على السفارات بالأراضي المحتلة، وهو ما سيؤدي إلى تصاعد الضغوط الدولية على الاحتلال وبخاصة من الجانب الأميركي، ما يوحي ببداية انقلاب في الموقف ومواجهة بين الرئيس الأميركي جو بايدن وحكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو.
وأشار مراسلنا إلى أنّ إسرائيل تتوقّع المزيد من الضغوط الأميركية عليها للوصول إلى اتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق نار في القطاع. حيث نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن على حكومة الاحتلال فعل كل ما يجب للتوصّل إلى صفقة لتبادل الأسرى واتفاق وقف إطلاق النار، مضيفين أنّهم إنّ لم يتصرف نتنياهو بحكمة فلا مفر من الصدام مع الإدارة الأميركية.
وأكدوا أنّ عرقلة نتنياهو لصفقة التبادل لأسباب سياسية داخلية ستؤدي إلى صدام مع البيت الأبيض.
كما رأت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى أن المجزرة تضعف موقف إسرائيل على الصعيد الدولي، وسيضعها في موقف صعب من حيث الشرعية لمواصلة القتال، مضيفة أنّ مجزرة الطحين "نقطة تحول في الحرب ستُثير ضغوطًا دولية حتى من البيت الأبيض، ولن تتمكن إسرائيل من الصمود أمامها".
حماس تتهم إسرائيل بالمماطلة
من جهته، أكد طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أنّ الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يماطل ولا يبدي أي جدية لوقف الحرب لأسباب سياسية داخلية.
وقال النونو في حديث إلى "العربي"، إنّ الاحتلال غير جدي في الوصول إلى اتفاق قبل شهر رمضان، ناهيك عن عدم وجود أي ضغوط أميركية حقيقية في هذا الإطار، مشيرًا إلى أنّ مرحلة ما بعد الحرب يناقشها الفلسطينيون بأنفسهم وداخل البيت الفلسطيني ووفق الرؤية الفلسطينية، وليس باتفاق مع الاحتلال.
وعن "مجزرة الطحين"، أوضح النونو أنّ الاحتلال يتعمّد ارتكاب المجازر بحقّ الشعب الفلسطيني، ويتقصّد قتلهم وتجويعهم، بهدف الابتزاز والضغط خلال المفاوضات.
وشدّد على أنّ الشعب الفلسطيني لن يقبل بأقلّ من حقوقه كاملة، وبوقف كامل لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وعدم بقاء أي جندي إسرائيلي في أي منطقة من مناطق قطاع غزة، إضافة إلى إعادة الإعمار وإنهاء الحصار بشكل كامل.