في هافانا الكوبية، تحوّلت مقبرة كولون بمنحوتاتها وهندستها المعمارية المتقنة، متحفًا مفتوحًا يضم رفات أبطال استقلال وكتابا وموسيقيين ورسامين وأطباء مشهورين.
وإلى جانب رفات مشاهير هافانا، تعدّ المقبرة الشهيرة أيضًا مكانًا تخلّد فيه قصص حب بعضها صادم والبعض الآخر حزين.
فقد قال ماريو دارياس المغني والشاعر الذي ألف العديد من الكتب عن هذه المقبرة التي أنشئت عام 1876 وتمتد على مساحة 50 هكتارًا في قلب المدينة، إنها "مقبرة مليئة بقصص الحب".
قبر لاسا
ومن بين هذه القصص المؤثرة، قصة قبر لاسا وهي إحدى أشهر قصص الحب في كوبا.
فعندما توفيت كاتلينا لاسا، بنى قطب تجارة السكر خوان بيدرو بارو قبرًا رخاميًا ضخمًا لزوجته الراحلة وحبه الحقيقي الوحيد في مقبرة كولون في هافانا.
ووفق وكالة الأنباء الفرنسية، أثارت قصة الحب التي جمعت بارو وواحدة من أجمل نساء كوبا كاتالينا لاسا التي توفيت عام 1930، فضيحة في المجتمع الراقي في البلاد.
فهذه المرأة الجميلة من الطبقة المخملية كانت متزوجة نجل نائب رئيس كوبا عندما التقت بارو وأُغرمت به، واليوم ما زالت هذه القصة حية في اللمسات الفاخرة لضريحها المصمم على طراز آرت ديكو.
وهرب العاشقان إلى باريس حيث عاشا حتى عام 1917، وعندما وافق البابا بنديكتوس 15 على طلبهما بإلغاء زواج لاسا، عادا الزوجان إلى هافانا حيث عاشا حتى توفيت لاسا عن 55 عامًا بعد إصابتها بالمرض.
فشيّد زوجها الضريح المهيب الذي يخضع اليوم لأعمال ترميم، بالرخام الأبيض والغرانيت الأسود ووُضعت أعلاه ورود زجاجية صنعها صانع الزجاج الفرنسي رينيه لاليك الذي توفي عام 1945.
قبر المدرّس والتلميذة
كما تضم المقبرة أيضًا قبر عاشقين أثارا صدمة عندما أغرما ببعضهما، وهما مدرّس وتلميذة بينهما فارق عمر 30 عامًا.
فقد دُفن المدرّس موديستو كانتو (1890-1977) إلى جانب زوجته مارغريتا باتشيكو (1920-1959) في قبر عليه تمثالان نصفيان للزوج وعبارة "متّحدان بالحب الأبدي".
وعن قصة هذا الثنائي يقول دارياس لوكالة الأنباء الفرنسية: "عارض كثر علاقتهما. قال الجميع إنها ستصبح أرملة بسرعة، لكنها ماتت قبله".
مقبرة "لا ميلاغلوسا"
وفي مقبرة كولون أيضًا، يوجد قبر أميليا غويري التي توفيت وهي حامل في شهرها الثامن عن 24 عامًا سنة 1901، ودُفنت وطفلها فوق ساقيها، كما هي العادة في كوبا.
وبعد 13 عامًا أراد زوجها الذي دأب على زيارة القبر ساعات طويلة كل يوم أن يراها للمرة الأخيرة، لكن ما رآه عندما فتح القبر كان صادمًا إذ رأى جثة أميليا سليمة وهي تحمل ابنتها بين ذراعيها.
ومذاك وُلدت أسطورة وأطلق على أميليا "لا ميلاغلوسا" أي المعجزة، وبدأ الكوبيون يتوافدون على قبرها حيث شيد لها تمثال، لترك تقديمات وطلب تمنيات، سواء للحمل، أو حماية طفل أو لصحة جيدة أو حتى لامتحان مدرسي.