تحول دور الولايات المتحدة باعتبارها "شرطي العالم"، إلى قضية حزبية مثيرة للجدل على نحو متزايد، حيث يتّفق أغلبية من الديمقراطيين والجمهوريين على أنّه لا ينبغي لواشنطن الانخراط بشكل أكبر مما هو عليه الحال الآن في الحرب الروسية على أوكرانيا والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأظهر استطلاع جديد أجرته وكالة أسوشيتد برس ومركز "NORC" لأبحاث الشؤون العامة، أنّ 4 من كل 10 بالغين أميركيين يريدون أن تقوم واشنطن بدور "أقل نشاطًا" في حل الصراعات العالمية. بينما يعتقد حوالي الربع فقط أنّ الولايات المتحدة يجب أن تلعب دورًا أكثر نشاطًا، مقابل حوالي الثلث أكدوا "صوابية" دورها الحالي.
وتسلط النتائج الضوء على الديناميكيات الصعبة التي يُواجهها كل من الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن والمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب، في الفترة التي تسبق الانتخابات الأميركية المقرّرة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وأعربت مجموعات كبيرة من الناخبين عن إحباطها من الصور المؤلمة للأزمة الإنسانية المتنامية في قطاع غزة نتيجة الحرب الإسرائيلية عليها، والتكاليف الباهظة التي تكبدتها الولايات المتحدة في مساعدة أوكرانيا لمواجهة الحرب الروسية.
انقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين حول الحربين
ويختلف الجمهوريون والديمقراطيون حول ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تلعب دورًا أكثر نشاطًا في الحربين على أوكرانيا وقطاع غزة.
وبشكل عام، أبدى البالغون الأميركيون عدم رغبتهم في أن تقوم واشنطن بدور أكثر نشاطًا في أي من الحربين.
وقال حوالي 2 من كل 10 بالغين أميركيين فقط إنّه يجب على الولايات المتحدة أن تلعب دورًا أكثر نشاطًا في كل حرب، بينما اعتبر حوالي 4 من كل 10 أنّ الدور الحالي صائب، مقابل 36% دعموا تخفيض هذا الدور.
الحرب على غزة
على الرغم من أن المساعدات المقدّمة لإسرائيل تحظى عادةً بدعم الحزبين في الكونغرس، وغالبًا ما تكون أولوية بالنسبة للحزب الجمهوري، إلا أنّ حوالي 4 من كل 10 جمهوريين يعتقدون أنّه على الولايات المتحدة أن تلعب دورًا أقل نشاطًا في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقالت دونا كول، ناخبة جمهورية في ولاية ميسوري، لوكالة أسوشييتد برس: "هذه حرب إسرائيل، والدور الوحيد الذي يجب أن تقوم به الولايات المتحدة هو إعادة الرهائن الأميركيين".
يعتقد حوالي نصف الديمقراطيين أن الدور الحالي الذي تلعبه الولايات المتحدة في الحرب الإسرائيلية على غزة صائب، بينما ينقسم الباقون حول ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة أن تلعب دورًا أكثر أو أقل نشاطًا.
ويقول معظم المستقلّون إنّ الولايات المتحدة يجب أن تلعب دورًا أقل نشاطًا، مقابل 11% فقط يرون أنّه على الولايات المتحدة لعب دور أكثر نشاطًا.
انقسام حول المساعدات لإسرائيل
وهناك انقسامات حزبية كبيرة أيضًا بشأن نوعية المساعدات التي يتعّين على الولايات المتحدة تقديمها في الحرب على غزة. ويعتقد حوالي ثلث الجمهوريين أنّه من المهم تقديم المساعدة للجيش الإسرائيلي لمحاربة "حماس"، مقارنة بـ 20% من الديمقراطيين.
ويقول حوالي 6 من كل 10 ديمقراطيين إنّه من المهم أن تساعد الولايات المتحدة في التفاوض على وقف دائم لإطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة.
بينما يولي 34% من الجمهوريين الأولوية للمساعدة الأميركية في وقف إطلاق النار، مقابل 15% من الجمهوريين يعتبرون أنّه من المهم بالنسبة للولايات المتحدة تقديم المساعدات الإنسانية.
وقال تايلور لوكالة اسوشييتيد برس، إنّ الدور النشط الوحيد الذي يجب على الولايات المتحدة القيام به بالنسبة الحرب على غزة، هو التصدّي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والردّ العسكري لحكومته.
وأضاف: "نحن لا نفعل ما يكفي لدفع الإسرائيليين إلى التخفيف من العدوان، لأنني أعتقد أنهم يتجاوزون الحدود".
الحرب على أوكرانيا
منذ بدء الحرب على أوكرانيا قبل أكثر من عامين، أرسلت الولايات المتحدة 111 مليار دولار من الأسلحة والمعدات والمساعدات الإنسانية وغيرها من المساعدات إلى أوكرانيا، بينما تنتظر حزمة مساعدات بقيمة 95 مليار دولار موافقة الكونغرس عليها بسبب معارضة الجمهوريين.
ويُعتبر الجمهوريون والمستقلّون أكثر ميلًا من الديمقراطيين إلى دعوة واشنطن لتخفيف دعمها لأوكرانيا، حيث يريد نحو نصف الجمهوريين والمستقلين أن تلعب الولايات المتحدة دورًا أقلً نشاطًا في الحرب بين أوكرانيا وروسيا، مقارنة بـ18% فقط من الديمقراطيين.
ويقول نصف الديمقراطيين إنّ الدور الحالي الذي تلعبه الولايات المتحدة في الحرب الروسية الأوكرانية صائب، بينما يريد 30% منهم دورًا أكثر نشاطًا.
وبشكل عام، يفضّل الديمقراطيون التدخل الأميركي في أوكرانيا، ما يقرب من 6 من كل 10 يعتقدون أنه من المهم للغاية بالنسبة للولايات المتحدة تقديم المساعدة للجيش الأوكراني لمحاربة روسيا أو التفاوض على وقف دائم لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا.
بينما يولي 24% من الجمهوريين الأولوية لمزيد من المساعدات العسكرية، مقابل 41% يعتبرون أنّه من المهم أن تساعد واشنطن في التوسط لوقف دائم لإطلاق النار.
وقبل عقدين من الزمن، كان قادة الحزب الجمهوري يدعون الأميركيين إلى تبني "الهدف النهائي المتمثل في إنهاء الطغيان في العالم". لكنّ الاستطلاع أظهر أنّ 53% من الناخبين الجمهوريين يعتبرون أنّه يجب أن يكون للولايات المتحدة مشاركة أقل نشاطًا في الخارج، مقابل 25% من الديمقراطيين.
ويقول حوالي نصف الديمقراطيين (52%) إنّ الموقف الحالي للولايات المتحدة "قريب من الصواب".
واستشهد العديد من الجمهوريين بتاريخ أميركا الدموي والعقيم من التدخل في دول مثل فيتنام والعراق وأفغانستان.