بعد حوالي 9 سنوات، يُسدَل الستار على تجربة المدرب الألماني يورغن كلوب مع نادي ليفربول، التي نجح خلالها في إعادة الفريق الأحمر إلى كبار أوروبا، وقادهم للفوز بأعرق البطولات بعد غياب طويل عن منصات التتويج الكبرى.
لكنّ قصة يورغن كلوب مع ليفربول تكاد تكون استثنائية، شأنها شأن المشهد الأخير في ملعب الأنفيلد، والذي لا يوصف بكلمات، وهو الذي يختزل العلاقة بين مدرب فعل كل شيء من أجل إسعاد الجمهور الذي وقف بجانبه.
ولأنّ قصّة يورغن كلوب في ملعب الأنفيلد ستسجّل في تاريخ البريميرليغ، بوصفها واحدة من القصص الرومانسية الخالدة في تاريخ الدوري الإنكليزي، يغوص اليوتيوبر محمد أبو زيد، في هذه الحلقة من برنامج "مع الكوير"، في أهمّ محطاتها وعوامل استمرارها.
يورغن كلوب وليفربول.. بداية العلاقة
منذ الفوز في دوري الأبطال عام 2005، بدا نادي ليفربول في تراجع مستمرّ، حيث لم يعد مصنَّفًا باعتباره "الفريق الكبير في البريميرليغ"، بل أصبح فريقًا عاديًا مثله مثل غيره، ويمكن أن يخسر أمام أي فريق وبأيّ نتيجة.
حتى عندما حصل على فرصة الفوز بالدوري في العام 2014 مع المدرب برندان رودجرز، انتهت الأمور بطريقة دراماتيكية مع أسطورة الفريق ستيفن جيرارد، ومشهد التزحلق على العشب لينتهي الحلم آنذاك بأبشع طريقة ممكنة.
حينها، أدركت الإدارة أنّ الوقت قد حان لمنحى مختلف، بقيادة المدرب يورغن كلوب الذي كان مُتاحًا في السوق في ذلك الوقت، وقد دفعه إغراء تدريب ليفربول إلى قطع إجازته، بعد مكالمة هاتفية من الأنفيلد.
ووسط ترقب كبير لدخوله ليفربول، قرّر كلوب أن يمسك العصا من المنتصف في المؤتمر الصحفي الأول، حين وصف نفسه بـ"الرجل العادي جدًا"، بل قابل شعار مورينيو الذي صنّف نفسه "Special One"، بشعار "Normal One".
ومن خلال هذا الشعار، أراد كلوب توجيه أكثر من رسالة، تتقاطع عند الواقعية التي سعى لتكريسها، بجانب الحلم. فهو لم يكن يرغب بوضعه في إطار مقارنات مع من سبقه في عالم التدريب، ولا بنفش ريشه ما يضعه في ضغط أكبر.
من البداية الصعبة إلى الثورة
في مؤتمره الأول، كان كلوب واضحًا بحديثه عن "المنافسة الصعبة"، وهو ما انعكس على بداية العلاقة مع النادي التي كانت صعبة بدورها، وقد تجلى ذلك في المباراة الأولى أمام توتنهام، والتي انتهت بالتعادل السلبي.
وفي أول ثلاث مباريات له مع ليفربول، كان التعادل سيّد الموقف، لكنه فاز في المباراة الرابعة، فيما كانت بعض ملامح طريقته في الإدارة تظهر، مع تطويعه اللعبة الموجودة على قدر ما يستطيع.
ظهر ذلك بوضوح في منافسات يوروبا ليغ، حين استطاع أن يُخرِج مانشستر من البطولة ويصل إلى النهائي بعد ريمونتادا مجنونة أمام دورتموند. لكنّ الخيبة كانت بخسارة النهائية أمام إشبيلية بأخطاء دفاعية "ساذجة"، خصوصًا من ألبيرتو مورينو.
في ذلك الوقت، بدأ كلوب وإدارة ليفربول، وتحديدًا المدير الرياضي مايكل إدواردز، العمل "على الورقة والقلم"، إن جاز التعبير، وهو ما بدأ يظهر في صيف 2015، حين بدأ العمل على تعزيز الفريق واستقطاب بعض الأسماء البارزة.
بهذه الطريقة، تمّ تعزيز مركز الجناح مع ساديو ماني، والوسط مع فينالدوم، والدفاع مع ماتيب وكلافان إضافة إلى الحارس كاريوس من أجل خلق تنافسية مع مينيوليه.
محمد صلاح.. أبرز صفقات حقبة كلوب
عند الحديث عن حقبة يورغن كلوب في ليفربول، لا بدّ أن تستوقف المتابع صفقة محمد صلاح، المصنّفة على أنها أهم صفقة حصلت في تاريخ ليفربول في العقد الأخير.
فحين بدأ الحديث عن الصفقة، كان السؤال المطروح: أين سيلعب صلاح، طالما أنّ ماني في اليمين وكوتينيو حر ويميل للشمال، وفيرمينو مهاجم؟".
لكن في ليفربول، كان كلّ شيء محسوبًا، بدليل أنّ محمد صلاح أصبح سريعًا حديث الساعة بعد أولى مباريات موسم 2017-2018، وبدء مرحلة تحطيم الأرقام القياسية، وحصد الألقاب، ومنها أفضل لاعب في البريميرليغ.
وهكذا، ستمرّ علاقة يورغن كلوب مع ليفربول بالكثير من محطات الصعود والهبوط، وصولاً إلى التراجع في مرحلة ما بعد كورونا وبداية المشاكل، التي ستفضي في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار الرحيل ووداعية الأنفيلد.
يقول البعض إنّ ما ميّز كلوب في مسيرته مع ليفربول كان قلبه وطاقته وعقله، إلا أنه بعد صدمة 2022 المزدوجة خسر جزءًا كبيرًا من هذه الثلاثية. إلا أنّ كل ذلك لا يمنع أنّ الوداع كان أسطوريًا، وأنّ هذه الحكاية الاستثنائية ستحفز في التاريخ.