لم يكن الثامن عشر من ديسمبر/ كانون الأول 2022 يومًا عاديًا في حياة الأسطورة ليونيل ميسي، وهو اليوم الذي شهد لحظة تاريخية بتتويجه بكأس العالم، في العاصمة القطرية الدوحة، وتحديدًا في ملعب لوسيل.
لكنّ مشوار ميسي للفوز باللقب بدأ قبل هذه اللحظة بكثير، ولو أنّه كان مليئًا بالعثرات والسقطات والإخفاقات، هاجمته معه جماهير منتخب بلاده في أكثر من محطة، وخسر نهائيات عديدة، بالتوازي مع مجدٍ كان يصنعه في برشلونة.
كلّ ذلك اختلف اليوم، حيث يلعب ميسي كوبا أميركا محرّرًا من الضغوط، بعدما فاز بكلّ شيء، وأصبح بمثابة "بطل قومي" في موطنه الأرجنتين. فكيف كانت طريق ميسي نحو اللقب المونديالي؟ وما الذي تغيّر في ميسي ما بعد كأس العالم؟
عن هذه الأسئلة، يجيب اليوتيوبر محمد أبو زيد (الكوير)، بأسلوبه الخاص في حلقة هذا الأسبوع من سلسلة "مع الكويّر"، التي تُعرَض عبر منصّات "العربي" الرقمية، وتحديدًا "العربي تيوب".
بدايات ميسي والمقارنات
قبل الحديث عن ميسي ما بعد كأس العالم، لا بدّ من العودة إلى البدايات، وتحديدًا إلى العام 2005، الذي شهد على فوز النجم الأرجنتيني بلقب كأس العالم للشباب مع الأرجنتين، كما فاز بجائزتي أفضل لاعب وأفضل هدّاف في البطولة.
هذا الأمر الذي تزامن مع بداية ميسي مع برشلونة، جعل الأرجنتينيين يتفاءلون باكرًا بأنّه بات لديهم "مارادونا جديد"، في إشارة إلى تكرار نموذج الأسطورة دييغو أرماندو مارادونا، خصوصًا أنّ الأخير تألق في كأس العالم للشباب عام 1979، قبل أن يحصد لقب كأس العالم للكبار في العام 1986.
هنا، ستبدأ ظاهرة "المقارنات" التي ستلاحق ميسي على امتداد مسيرته، تارة مع رونالدينيو، وتارة أخرى مع رونالدو، ولكن في الغالب الأعمّ مع مارادونا، خصوصًا أنّ الأخير توّج بكأس العالم، خلافًا لميسي (قبل أن ينجح في انتزاعه في العام 2022، بعد انتظار طويل).
وعلى مرّ السنوات، ستشهد مسيرة ميسي الكروي على العديد من الإنجازات، والإخفاقات في المقابل، بدءًا من خسارته لقب كوبا أميركا عام 2007 في النهائي ضد البرازيل، إلى الفوز بذهبية أولمبياد بكين 2008، قبل أن يقود ميسي منتخب الأرجنتين للمرة الأولى في آخر مباريات دور المجموعات في مونديال 2010، علمًا أنّ أداءه في تلك البطولة لم يكن في أفضل حالاته.
بعد ذلك، بدأ ما يمكن وصفه بالكابوس الحقيقي لميسي مع المنتخب الأرجنتيني، خصوصًا بعد الخروج من كوبا أميركا على أرضه في ربع النهائي، في العام 2011، في مرحلة وصفها البعض بمرحلة الانهيار بالنسبة للمنتخب الأرجنتيني، وهو ما عزاه البعض للمجموعة التي كان يشكّلها في ذلك الوقت.
وفي الإخفاقات، يمكن الحديث أيضًا عن حظ ميسي السيئ في اختيارات المدربين الذين تعاقبوا عليه في الأرجنتين، بدليل أن ميسي حصل على جائزة الكرة الذهبية في الأعوام 2009 و2010 و2011 و2012 على التوالي، بسبب أدائه مع برشلونة، وليس مع الأرجنتين بطبيعة الحال.
لكن مع تولي أليخاندرو سابيلا تدريب التانغو في العام 2012، أصبح ميسي قائد المنتخب رسميًا وتحسّنت أرقامه، خصوصًا أنها أفضل سنة تهديفية في مسيرة ميسي التي سجّل فيها 91 هدفًا في كل المباريات، 79 مع برشلونة و12 مع الأرجنتين.
مونديال 2014.. المحاولة الأولى
وفي تصفيات كأس العالم 2014، سجّل ميسي 10 أهداف، ليحتلّ المركز الثاني بترتيب الهدافين بعد لويس سواريز، لتزداد الضغوط على الأسطورة بوصوله إلى مونديال 2014، خلافًا لما كان عليه الوضع عامي 2006 و2010، ولا سيما أنه كان "الكابتن" منذ بداية التصفيات.
ولعلّ أسطع دليل على الضغوط الكبيرة التي واجهها ميسي، تمثّل في أنّها اضطرته إلى التقيؤ خلال مباريات المونديال، ومنها النهائي، على الرغم من أنه قلّل من خطورة الأمر، وقال إنّ هذا الأمر "طبيعي" ويحصل معه "حتى في البيت".
لكن مع الضغوط، كان لميسي لحظات مضيئة في تلك البطولة، كالهدف الذي سجّله ضدّ إيران في آخر دقيقة من المباراة، وكذلك في ربع النهائي ضدّ بلجيكا، قبل أن تخسر الأرجنتين نهائي البطولة بهدف ماريو غوتزة الذي شجّع للمفارقة الأرجنتين في نهائي 2022.
وكان فشل المحاولة الأولى سببًا في "حزن" ميسي الذي وصل به لحدّ القول في تصريح لصحيفة بيلد الألمانية إنه مستعد أنّ يقدّم كل جوائزه مقابل أن يكون "بطل كأس العالم"، علمًا أنّ أكثر ما كان يُغضِبه أنّ العناوين لم تكن "الأرجنتين خسرت كأس العالم"، بل "ميسي خسر كأس العالم".