هزّت قصة استشهاد محمد صلاح بهار ابن حي الشجاعية بقطاع غزة قلوب الملايين، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية. فلم يرحمه جنود الاحتلال رغم إصابته بمتلازمة داون والتَّوحد، ووجَّهوا كلابهم نحوه فمزقت جسده، وتركوه في غرفة ينزف حتى صفي جسده تمامًا.
وأحدث خبر استشهاد الشاب محمد ضجة واسعة وتناقلته مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية والعالمية.
لكن وكما لم تنصف الحياة محمد، لم تنصفه أيضًا بعض عناوين الأخبار التي تناقلت خبر استشهاده. ونشرت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي تقريرًا بعنوان: "الموت وحيدًا لرجل من غزة مصاب بمتلازمة داون".
وتجاهل العنوان بشكل واضح ذكر حقيقة أن الشاب "محمد وعمره 24 عامًا، ترك ليموت بعد أن أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي كلبهم عليه".
انتقادات تطال عنوان تقرير "بي بي سي"
وأشعل التقرير فور نشره بهذا العنوان، موجة استهجان واسعة من قبل نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي الذين انتقدوا تقرير هيئة الإذاعة البريطانية، واتهموها بالتضليل.
فقد انتقد سفير دولة فلسطين لدى المملكة المتحدة، حسام زملط، عنوان الخبر وقال: "لا أعتقد أن هناك ما هو أبشع من جريمة القتل هذه في تاريخ البشرية. وتابع: "مع ذلك فإن قناة بي بي سي عنونت الخبر بـ"مقتل رجل من غزة" لتخلي إسرائيل من المسؤولية" حسب تعبيره.
ويرى الحقوقي مارك كيرستن أن الإنسانية تظهر وتعتمد على كيفية تعامل وردّ الأشخاص على الفظائع التي تُرتكب ضد أضعف البشر.
أما الناشط غارث هيلزبره، فكتب: "كانت جريمة قتل بدم بارد. هذا العنوان غير مسؤول بشكل جنوني ويكشف مرة أخرى مدى تواطؤ هيئة الإذاعة البريطانية في تبييض هذه الإبادة الجماعية".
هيئة الإذاعة البريطانية تغيّر عنوان التقرير
وتحت الضغط وموجة الانتقادات التي تعرضت لها هيئة الإذاعة البريطانية، غيّرت عنوان التقرير، واعتمدت آخر هو" أمٌ فلسطينية تقول إن جنود الجيش الإسرائيلي سمحوا لكلب بوليسي بنهش جسد ابنها المصاب بمتلازمة داون وتمزيقه في غزة".
وكتوضيح لتلك الخطوة قالت المؤسسة البريطانية إن العنوان الأخير يحل محلّ إصدار سابق من أجل تحديث المقال بعنوان يمثله بشكل أكثر دقة".
لكن ذلك لم يوقف سيل الانتقادات الموجهة إلى "بي بي سي" التي تواجه مزاعم بتحيزها ضد ما يتعلق بالمواضيع المُتعلقة بالفلسطينيين، خاصة خلال الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة.
ويرى الصحفي جمال الدجاني أن "بي بي سي" تتحايل لتجنب إضفاء الطابع الإنساني على ضحايا الإبادة الجماعية من الفلسطينيين. ويضيف: "بالنظر إلى العنوان الأصلي الذي تم تغييره إلى عنوان أسوأ، لاحظوا كيف يتجنبون استخدام كلمة "فلسطيني" ويستخدمون كلمة "تقول الأم" للتشكيك في وفاته الوحشية التي تسببت فيها إسرائيل".
أمّا المدون كريم أكبينار، فيقول: "إن الأمر تطلب موجة غضب من ملايين مستخدمي تويتر حتى تغير البي بي سي عنوان مقالها وتتظاهر بأنها ترى الفلسطينيين كَبشر".
ويستخدم الاحتلال الإسرائيلي الكلاب البوليسية بشكل ممنهج وواسع النطاق لمهاجمة المدنيين الفلسطينيين في غزة، إلى جانب استخدامهم في ترويع ونهش واغتصاب الأسرى والمعتقلين في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية، وفقًا لتقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.