بحث اجتماع رباعي في روما ضم رئيس الموساد الإسرائيلي ورئيس الاستخبارات المركزية الأميركية إلى جانب مسؤولين قطريين ومصريين، المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة، وذلك بعد جولات تفاوضية لم تسفر عن بلورة صفقة حتى الآن في ظل تعنت إسرائيل، وخلافاتها الداخلية.
فالعين متجهة نحو مباحثات روما، خاصة أنها تأتي بعد تقديم أحدث مقترح إسرائيلي للوسطاء، تضمن نقاطًا أضافها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، قد تتسبب في إحباط جهود الوسطاء، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
مكتب نتنياهو بدوره، قال: إن "اجتماع روما تطرق إلى ما سماه "وثيقة التوضيحات" التي أعدتها إسرائيل، وسلمتها إلى الوسطاء ضمن مفاوضات التبادل.
وأشار المكتب أيضًا إلى أن المفاوضات بشأن القضايا المركزية المتعلقة بصفقة التبادل ستستمر خلال الأيام المقبلة.
وكان نتنياهو استبق لقاء روما بتأكيده في خطابه بالكونغرس الأميركي على "النصر المطلق"، وهو ما يعني أن أي صفقة لن توقف الحرب، وفق مفهومه.
تحذيرات من فشل المفاوضات
من جهته، نقل موقع "واللا" العبري عن مسؤول قوله: إن "المقترح الإسرائيلي الجديد تضمن نقاطًا أضافها نتنياهو، في حين حذر مسؤول آخر في حديث لصحيفة "هآرتس"، من أن تلك النقاط قد تفشل المفاوضات.
وبحسب "هآرتس"، فإن النقطة التي يصر عليها نتنياهو، هي إيجاد منظومة لتفتيش العائدين إلى شمالي قطاع غزة من محور نتساريم، بحجة منع عودة المسلحين.
بينما يتهم نتنياهو داخليًا بأنه يعرقل التوصل إلى الصفقة المنشودة، وأن ما يفعله مجرد مناورة منه لشراء مزيد من الوقت، بحسب منتقديه في إسرائيل.
في المقابل، قالت حماس إنها تترقب أحدث مقترح إسرائيلي بحذر شديد، إلى جانب تأكيدها على مرونة ما قدمته في ردها السابق لإنجاح مفاوضات التبادل، وأن الكرة في الملعب الإسرائيلي.
كما شددت الحركة على لسان القيادي أسامة حمدان، على أنها لن تقدم أي تنازلات بشأن مطلبها بوقف الحرب نهائيًا، وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، بما يشمل محوري نتساريم وفيلادلفيا، إضافة إلى فك الحصار.
ما جديد مفاوضات روما بشأن غزة؟
وفي هذا الإطار، أوضح الباحث في مركز "مدى الكرمل" إمطانس شحادة، أن نتنياهو لم يغير موقفه حيال مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، خاصة زيارته إلى واشنطن، مشيرًا إلى أن نتائج هذه الزيارة جاءت على العكس من المتوقع.
وأضاف في حديث للتلفزيون العربي من حيفا، أن نتنياهو نجح إلى حد ما بالاستمرار بالتمسك بموقفه الهادف إلى عرقلة المفاوضات، وعرقلة التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى، فيما لم تنجح الإدارة الأميركية في الضغط عليه.
وفيما أشار إلى أنه لا يوجد أي تحول جدي في مسار المفاوضات، لفت شحادة إلى أن التغير الذي طرأ هو أن نتنياهو أدخل فقط تعديلات على المقترح الذي قدمه قبل أشهر، وتبناه الرئيس الأميركي جو بايدن.
وأوضح شحادة أن نتنياهو يعرف أن حماس لن تقبل بهذه التعديلات، مشيرًا إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث عن محاولة لخفض التوقعات وعدم المبالغة، بل إلغاء أي تفاؤل من هذه المفاوضات، كما أن التعديلات التي طلب نتنياهو إدخالها، ستؤدي إلى فشل هذه المفاوضات بين إسرائيل وحماس.
وأردف أن نتنياهو يريد مرة أخرى إلقاء اللوم على حماس، والاستمرار في حرب الإبادة على غزة، كما أنه يريد الاستمرار في خلق واقع غير قابل للحياة في القطاع، والانتقام من الشعب الفلسطيني ويريد أيضًا استسلام حماس.
وقال شحادة: إن "نتنياهو يشعر بالراحة وعدم الضغط لا من الإدارة الأميركية، ولا من الرئيس بايدن بالرغم من كل الانتقادات التي وجهها خلال 9 أشهر من الحرب"، مشيرًا إلى أن هذه الانتقادات لم تؤد إلى تغيير سياسات وتصرفات إسرائيل بشكل جدي.
وفيما لفت إلى أن نتنياهو يعتقد أن إطالة أمد الحرب هي لصالحه، رأى شحادة أن المؤسسة العسكرية تقول إن تل أبيب في ورطة إستراتيجية، وكلما طال أمد الحرب في غزة تزداد هذه الورطة، خاصة مع ما يحدث الآن على الجبهة الشمالية.
من يعطل مفاوضات تبادل الأسرى؟
من جهته، تحدث الباحث السياسي أحمد الحيلة، عن الورقة التي قدمها نتنياهو، وعدل عليها بـ4 شروط وذهب بها هو ورئيس الموساد إلى الدوحة، ثم عاد وذهب إلى الكونغرس الأميركي، وقال أريد من حركة حماس أن تستسلم بشكل واضح.
وفي حديث للتلفزيون العربي من اسطنبول، رأى الحيلة أن حديث الإدارة الأميركية عن تنازلات من طرف حماس هو تساوق غير مفهوم وتساوق مع الموقف الإسرائيلي، معربًا عن اعتقاده أن هذا الأمر سيرتد سلبًا على الإدارة الأميركية، وعلى الرئيس بايدن.
وأضاف الحيلة أن نتنياهو لم يرسل رئيس الموساد إلى روما سوى لساعات، وذهب بشروطه التي استجدت، وهي تقريبًا كلها ذات طابع سلبي، مشيرًا في الوقت نفسه إلى رفض رئيس الشاباك ومسؤول ملف الأسرى داخل جيش الاحتلال الذهاب إلى روما لأنهم يرون بأن شروط نتنياهو لا يمكن أن تكون مقبولة لدى الوسطاء، ولدى حماس، بمعنى أنهم يحملون نتنياهو مسؤولية تعطيل المفاوضات.
وأوضح أن الذي يجري الآن من تصعيد مع حزب الله، لا شك أنه سيخلق بيئة سلبية لدى الوسطاء وفي المنطقة، لأن هذا التصعيد سيعطي فرصة لليمين المتطرف، وسيرفع صوت التصعيد، وسيكون مسعر حرب بدلًا من الذهاب للبحث عن فرصة لوقف إطلاق النار، وهذا ما يريده نتنياهو أي استمرار المعارك في المنطقة إلى أن تأتي إدارة أميركية جديدة برئاسة دونالد ترمب.
وتابع الحيلة أن أكثر طرف واضح في هذه المفاوضات هو حركة حماس، مشيرًا إلى أن الحد الأدنى من هذه المفاوضات هو انسحاب كامل لجيش الاحتلال، ووقف إطلاق نار دائم وعودة النازحين بحرية تامة وإدخال المساعدات والإعمار.
وأشار إلى أن الإشكال الحقيقي الآن هو إشكال إسرائيلي، مضيفًا أن الإدارة الأميركية والوسيطين المصري والقطري كلهم أثنوا على التعامل الإيجابي مع حركة حماس.
واعتبر الحيلة أن مطالب نتنياهو بفرز المسلحين هو عبارة عن ذريعة لمنع الفلسطينيين من العودة إلى شمال قطاع غزة، وتعطيل إتمام صفقة التبادل أو وقف إطلاق النار.
هل حان الوقت لاستبدال نتنياهو؟
من ناحيته، قال الباحث في مركز التقدم الأميركي لورنس كورب: إن نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة المحتملة للحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسي كامالا هاريس أوضحت بأنها تريد نهاية لهذه الحرب، وتريد وقفًا لإطلاق النار وتبادلا للأسرى وإقامة سلطة فلسطينية.
وفي حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، أضاف كورب أن واشنطن تدعم إسرائيل، ولكنها لا تدعم سياسة حكومة نتنياهو.
وأردف أن الولايات المتحدة أوضحت للإسرائيليين أنه يتعين عليهم الابتعاد عن سياسة نتنياهو، وإلا فإن الأمور سوف تتدهور.
وأعرب كورب عن اعتقاده بأن الوقت قد حان لتقوم واشنطن باستبدال نتنياهو، وقال: إذا "ما استطاع نتنياهو أن يستمر في حكمه، فهذا لن يصب في مصلحة حماس ولن يصب في مصلحة إسرائيل".
وشدد على وجوب أن تقر إسرائيل بأنه يتعين الوصول إلى هدنة لتبادل الأسرى ومفاوضات لجهة ما سيحصل بعد أن تضع الحرب أوزارها.