تستضيف القاهرة جولة جديدة من المباحثات بين مصر وإسرائيل بمشاركة الولايات المتحدة حول معبر رفح ومحور صلاح الدين.
ويقول موقع "والا" العبري نقلًا عن مسؤول إسرائيلي، إنَّ تل أبيب سلمت القاهرة خرائط انتشار الجيش الإسرائيلي في غزة، مؤكدًا تقليص الفجوات بين مصر وإسرائيل بشأن نشر الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا.
مفاوضات منفصلة عن محادثات وقف إطلاق النار في غزة
ويؤكد الإسرائيليون أن هذه المفاوضات منعزلة عن تلك المتعلقة بإطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار. كما أكّدت مصادر إسرائيلية أخرى أنّ مصر ستسلم حركة حماس الملاحق المرتبطة بمحور صلاح الدين ومعبر رفح غدًا.
وتأتي هذه التصريحات بعد ساعات من حديث هيئة البث الإسرائيلية بأنَّ اجتماعات الوفدين المصري والإسرائيلي بالقاهرة لم تحرز تقدمًا بشأن إبرام صفقة تبادل.
كما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنَّ الولايات المتحدة تعمل على اقتراح يقوم على نشر مراقبين دوليين ليس فقط في محور صلاح الدين ومعبر رفح وإنما في ممر نتساريم أيضًا في المرحلة اللاحقة لانسحاب الجيش الإسرائيلي.
وبشأن المفاوضات التي تجري بحضور مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض: "إنَّ المعطيات الأولية تشير إلى أنَّها كانت بناءة دون إعطاء مزيد من التفاصيل حول فحواها التفصيلي داعيًا الأطراف إلى البدء بالتنفيذ".
وقال موقع "أكسيوس" إن الرئيس الأميركي طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سحب القوات الإسرائيلية من جزء في الحدود بين مصر وغزة، وأفاد الموقع بأن نتنياهو وافق جزئيًا على ذلك.
موقف نتنياهو "تكتيك تفاوضي"
وفي هذا الإطار، يشير الباحث في مركز مدى الكرمل الدكتور مهند مصطفى إلى أن نتنياهو طرح فكرة السيطرة الإسرائيلية على محور فيلادلفيا في أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وفي حديث إلى "التلفزيون العربي" من أم الفحم، يرى مصطفى أن نتنياهو يعتبر أن ما يطرحه هو جزء من "تكتيك تفاوضي" تستعمله إسرائيل في مباحثات وقف إطلاق النار من أجل أن تحصّل مصالح أخرى فيما يتعلق بهذا المقترح، فهي ترفع سقف المطالب في الوقت التي تحاول أن تحصّل مطالب أخرى "أقل أهمية".
كما يلفت إلى أن السقف الأعلى في الشروط الإسرائيلية في ما يتعلق بالمقترح هو البقاء في محوري فيلادلفيا ونتساريم.
ويرجح مصطفى أن تكون مطالب نتنياهو ذات طابع استراتيجي أيديولوجي أي أنه قرّر العودة إلى محور فيلادلفيا كما كان الوضع قبل عام 2005 انسجامًا مع استراتيجيته العامة في التعامل مع قطاع غزة فيما يتعلق باليوم التالي للحرب وعلاقة إسرائيل مع القطاع.
ويشرح مصطفى أن نتنياهو يسعى إلى قطع شمال غزة عن جنوبه، بحيث يكون الشمال تحت "السيطرة الإسرائيلية"، فيما يكون الجنوب تحت سيطرة مدنية فلسطينية أو حكم فلسطيني يتم التوافق عليه لكن "بحراسة إسرائيلية كما هو الوضع في الضفة الغربية".
عزل قطاع غزة عن مصر
من جهته، يعتبر مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة سابقًا السفير معتز أحمدين أن هدف إسرائيل هو بالفعل عزل غزة عن مصر "لشكها في مسألة تهريب السلاح" إلى المقاومة الفلسطينية، معتبرًا أن هذه المسألة منتهية منذ تولي الحكومة الحالية المسؤولية.
وفي حديث إلى "التلفزيون العربي" من القاهرة، يرى أحمدين أن مسألة التهريب "غير منطقية وغير قابلة للتصديق". لكنه يعتبر أن إسرائيل لا تريد أن تخاطر بما قد يحدث في المستقبل.
كما يشير أحمدين إلى أن أولوية مصر هي ضرورة انسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا ومعبر رفح، لافتًا إلى أن الحديث عن "مرونة" أبدتها مصر خلال التفاوض خرج عن تسريبات أمنية صدرت من الجانبين الأميركي أو الإسرائيلي.
ويلفت السفير إلى أن المفاوضين ذوي الخلفية العسكرية يعتبرون أنه "لا يوجد تهديد عسكري على مصر من التواجد الإسرائيلي"، لكنه يشير إلى أن المستوى السياسي "يدرك أن التواجد الإسرائيلي يلغي دور مصر السياسي والاقتصادي والإستراتيجي في التواصل الطبيعي مع غزة" لكن مصر قبلت بحث الأمر حتى لا تُعتبر عائقًا أمام مفاوضات التهدئة في غزة، مرجحًا أن القاهرة "تعتمد على أن حماس سوف ترفض مسألة الخرائط الإسرائيلية".
"لن يتم قبول سيناريو الضفة في غزة"
من جانبه، يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية د. رائد نعيرات إلى أن طرح الجانب الأميركي لمصطلح "تقليص الفجوات" في جولة التفاوض القائمة يعني أن "الأميركيين يريدون أن يبتعدوا عن جوهر القضية الرئيسية".
ويعتبر أن القضية أبعد من تفاصيل تقنية حيث إن هناك اتفاقا وضع نتنياهو شروطًا عليه، لافتًا إلى أن ما يجري الآن هو مفاوضات بشأن هذه الشروط التي رفضتها المقاومة الفلسطينية.
وفي حديث إلى "التلفزيون العربي" من نابلس، يلحظ نعيرات أنه عندما رفض المفاوضون، ولا سيما مصر، نقل شروط نتنياهو إلى المقاومة، "سجلوا موقفًا داعمًا للصفقة من جهة وللفلسطينيين من جهة أخرى.
كما يلفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن فصائل المقاومة الفلسطينية والسلطة الفلسطينية لن تقبلا إعادة سيناريو الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أصدر مرسومًا بخصوص زيارته إلى قطاع غزة محددًا أربعة أهداف، ومنوهًا بأن الزيارة قد لا تحظى بموافقة إسرائيل.