كشفت وثيقة لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" عن استخدام الجيش الإسرائيلي لأدوات رقمية من ضمنها الذكاء الاصطناعي، تساعد في تحديد أهداف هجماته في قطاع غزة.
لكن ذلك يزيد في المقابل، بحسب التقرير، من خطر إلحاق الضرر على المدنيين لعدم دقتها، وهنا الضرر "أخلاقي وإنساني وقانوني".
يأتي هذا فيما، يتزايد عدد الشهداء من المدنيين بشكل لافت وملحوظ في قطاع غزة، آخرها وليس آخرَها مجزرة المواصي في خانيونس جنوبي القطاع، التي أوقعت شهداء وجرحى، وابتلعت الرمال فيها عائلات كاملة في أكثر من 20 خيمة بفعل استخدام قنابل ثقيلة أحدثت حفرة بعمق 9 أمتار.
ما دور "غوسبل" و"لافندر" في الحرب على غزة؟
وفي هذا الإطار، يوضح باحث في مجال المراقبة في المنظمة أن الجيش الإسرائيلي يستخدم بيانات غير كاملة وحسابات معيبة وغير دقيقة في اتخاذ قرارات مصيرية تنطوي على حياة أو موت الفلسطينيين في غزة. بمعنى أن هذه الأدوات تسهل زيادة عدد القتلى والضرر معًا.
وتنطوي الأدوات التي يستخدمها الجيش في تحديد عملياته على أربع أدوات رئيسية تطبق في غزة، منها أداة تعرف بـ"غوسبل"، وظيفتها إعداد قوائم بالمباني أو الأهداف الهيكلية التي يجب مهاجمتها كالأهداف العسكرية والأنفاق ومنازل عائلات المقاتلين المشتبه بهم.
الأداة الثانية والتي تعرف بـ"لافندر" أو الخزامى، تعمل على وضع تصنيفات للأشخاص في غزة بحسب الاشتباه في انتمائهم إلى الجماعات المسلحة.
وتستخدم الخزامى التعلم الآلي لإعطاء سكان غزة تصنيفا من واحد إلى مائة تتعلق باحتمال انتماء شخص منهم إلى جماعة مسلحة، وفعليًا يصل إلى 37 ألف فلسطيني كمسلحين مشتبه بهم، وفق تقرير المنظمة.
ويذكر أن هذه التقنية استخدمت لأول مرة في غزة عام 2021.
وتعد الهواتف الخلوية أيضًا أحد أبرز أدوات الجيش الإسرائيلي في تحديد عملياته، وتعرف بـ"WHERE IS MY DAD" أو "أين أبي"، وتستخدم خاصية تتبع الهواتف، وهو نظام لمراقبة الفلسطينيين، وتجاوزت وفق المنظمة تتبع مليون هاتف لمواطنين ترصد تحركاتهم، وفق المعلومات الواردة يتم تحديد نوع العملية المقبلة ونوع السلاح أيضًا.
وتمكنت "هيومن رايتس ووتش" من تأكيد استخدام الجيش الإسرائيلي لهذه الأداة بهذه الوظيفة بالتحديد.
ويفضي ملخص هذا الرصد إلى أن الذكاء الاصطناعي سبق وأن استنكر خبراء من الأمم المتحدة استخدامه في عملية الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج الذي يقوم به الاحتلال في غزة.
واليوم، تضيف "هيومن رايتس ووتش" هذا التقرير لتقول إن استخدام إسرائيل لهذه الأدوات الرقمية هو انتهاك لقوانين الحرب، ما قد يرقى إلى جرائم حرب.
"بيانات خاطئة"
وفي هذا الإطار، أوضح مسؤول التواصل في "هيومن رايتس ووتش" أحمد بن شمسي، أن الأدوات الرقمية التي يستخدمها الاحتلال لتنفيذ عملياته في غزة قد تعتمد على بيانات خاطئة.
وفي حديث للتلفزيون العربي من باريس، أشار بن شمسي إلى أن المنظمة وثقت وجود هذه الأدوات التي تعمل على الذكاء الاصطناعي لدى الجيش الإسرائيلي، وكيفية عملها التي تحتوي على عيوب كثيرة جدًا وقد تؤدي إلى قتل الأبرياء.
وأضاف أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" كانت قد سجلت عددًا كبيرًا من جرائم الحرب التي تتمثل في قتل المدنيين منذ بدء الحرب على غزة، موضحًا أن هذه الجرائم تبدو متسقة جدًا مع استخدام الاحتلال مثل تلك الأدوات.
وتابع بن شمسي أن العيوب الأساسية التي وثقتها المنظمة تأتي من الثقة المفرطة التي يضعها الجيش الإسرائيلي في تلك الأدوات.
وقال: "إذا كانت البيانات خاطئة فنتائجها ستكون خاطئة كذلك، وقد يتم استهداف مدنيين أبرياء بسبب هذه البيانات".
وفيما أشار إلى أن الأدوات الرقمية ليست محظورة في حد ذاتها، لفت بن شمسي إلى أن استعمالها قد يؤدي إلى عواقب تنتهك قانون الحرب.