أعلن حزب الله اللبناني مساء الأحد، أنه هاجم بطائرات مسيّرة معسكرًا للجيش الإسرائيلي في منطقة حيفا (شمال)، فيما أكدت تل أبيب مقتل 4 جنود وإصابة آخرين بينهم 7 بحال حرجة.
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى نجاح حزب الله في شن هجوم مزدوج بالمسيرات والصواريخ في الوقت ذاته، بينما فشلت المضادات الجوية في إسقاط إحدى المسيرات رغم ملاحقتها في مناسبات عدة.
وقال حزب الله في بيان: إن مقاتليه نفذوا "عملية إطلاق سرب من المسيّرات الانقضاضية على معسكر تدريب للواء غولاني في بنيامينا جنوب حيفا".
وأضاف أن ذلك جاء "ردًا على الاعتداءات الصهيونية وخصوصًا على أحياء النويري والبسطة" في بيروت و"باقي المناطق اللبنانية".
وفي وقت سابق، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن عدد الجرحى إثر انفجار طائرة بدون طيار في حيفا ارتفع إلى 67، بينهم 4 في حالة قاتلة (حرجة جدًا).
وأضافت أن الجيش فتح تحقيقًا بشأن عدم تفعيل صفارات الإنذار حين اقتحمت المسيّرة منطقة شمالي إسرائيل.
وبحسب موقع "واللا" الإخباري العبري فإن التحقيق يهدف إلى معرفة ما إذا كان سلاح الجو فشل في تحديد ورصد المسيّرة.
من جهتها، ذكرت صحيفة "إسرائيل هيوم"، أن سكان مدينة حيفا ومحيطها من مستوطنات "كريات" سمعوا أصوات انفجارات دون تفعيل صفارات الإنذار.
ولاحقًا، قال الجيش الإسرائيلي، في بيان ثان، إنه تم اعتراض طائرة مسيرة في المنطقة البحرية الشمالية أُطلقت من لبنان، دون تفاصيل.
وأضاف أن مقاتلاته الحربية أغارت، الأحد، على "70 هدفًا لحزب الله، بينها مبان عسكرية ومنصات إطلاق صواريخ".
ما دلالات توقيت هجوم حزب الله؟
وفي هذا الإطار، أعرب الخبير في الشأن الإسرائيلي جاكي خوري عن اعتقاده بأن وصف الهجوم على حيفا بالحدث الأمني والعسكري الأصعب على إسرائيل منذ بدء المواجهة مع حزب الله، يرتبط بعدة عوامل، منها عدد وحجم الإصابات التي سقطت.
أما العامل الثاني، حسب خوري، فهو موقع الهجوم، الذي حدث في العمق الإسرائيلي، حيث استهدف قاعدة تبعد عدة كيلومترات عن حيفا جنوبًا، وهي منطقة كانت تعرف بأنها خضراء نسبيًا، أي أنها لا تندرج في نطاق المناطق الحساسة التي يمكن أن تتعرض للهجوم.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من الناصرة، أضاف أن العامل الثالث يتمثل في أن طائرة مسيرة نجحت في اختراق كل الدفاعات الجوية والوصول إلى الموقع، معربًا عن اعتقاده بأن جزءًا من المعلومات لم يتم الكشف عنه حتى الآن، وأن هناك تفاصيل قد تكون أكثر خطورة وحساسية إزاء منظومة تفعيل الطائرات المسيرة.
وتابع خوري أن هذه العملية بتوقيتها تشير إلى أمرين أساسيين، الأول أن هذه القدرة ما زالت موجودة عند حزب الله؛ رغم كل ما تلقاه من ضربات على مستوى القيادة السياسية والعسكرية.
أما الأمر الثاني، حسب خوري، فيرتبط بسلاح نوعي جديد استخدمه حزب الله، وكيف اُستخدمت هذه المسيرة، وما هو الصاروخ الذي استخدم في هذه العملية.
وفيما أردف أن هذا يلزم المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية باتخاذ تدابير عند قواعد بعيدة جدًا عن الحدود، أعرب خوري عن اعتقاده أن هذا الأمر، لن يؤدي إلى تغير جذري في كل ما يتعلق بالعملية العسكرية الإسرائيلية.
ما هي رسائل حزب الله من عملية حيفا؟
من جهته، أشار مسؤول القسم السياسي في جريدة "المدن" منير ربيع إلى أن حزب الله عمل في الأيام الماضية على تفعيل نوعية عملياته العسكرية وتعميق مناطق الاستهداف وصولًا إلى تل أبيب.
وفي حديث للتلفزيون العربي من بيروت، اعتبر ربيع أن عملية حزب الله اليوم نوعية، مشيرًا إلى أن الحزب يعتمد آلية التصعيد المتدرج لعملياته.
وأضاف أن حزب الله بهذه العمليات يريد أن يقول إنه لا يزال يتمتع بالقوة العسكرية الكاملة والقادرة على الوصول إلى عمق إسرائيل وتحقيق إصابات مباشرة، وأنه قادر أيضًا على المناورة العسكرية لخداع المنظومة الدفاعية الجوية الإسرائيلية.
وفيما أردف منير ربيع أن حزب الله يريد أيضًا أن يقول إنه قادر على التصدي للإسرائيليين بريًا، أوضح أن الحزب عندما يلجأ إلى هذا التصعيد، فإنه يريد أن يؤكد أنه قادر على إلحاق خسائر كبيرة بالإسرائيليين، لعله بذلك يدفعهم إلى التراجع عن استمرار عمليتهم العسكرية والبرية، والذهاب نحو تجديد المفاوضات.
وتابع أنه في حال أصر الإسرائيليون على العملية، فإن حزب الله سيلجأ إلى توسيع عملياته من لبنان، وقد تكون هناك جبهات أخرى، بالإضافة إلى تكثيف العمليات بالداخل الفلسطيني، ما يفتح على إسرائيل جبهات متعددة تجعلها تفكر بشكل جدي في تغيير حساباتها وعملياتها العسكرية وإعادتها إلى المفاوضات.
وفيما أشار إلى أن إسرائيل عملت على كسر كل القواعد، لفت الربيع إلى أن حزب الله لم يعد ملزمًا بأي قاعدة، إذ أصبح في موقع رد الفعل بعد اغتيال قياداته.