أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، أمس الأحد، استقالته من منصبه، مشدّدًا على أنّ الحوار هو السبيل الوحيد لإكمال التحوّل المدني الديمقراطي على أكمل وجه.
وتأتي هذه الخطوة في ظلّ استمرار التظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري والمنادية بحكم مدني في السودان.
وأوضح مراسل "العربي" في الخرطوم، أنّ استقالة حمدوك "وضعت البلاد في منعرج سياسي خطير جدًا".
والأسبوع الماضي، لوّح حمدوك بالاستقالة مرارًا، بينما كان يحاول إيجاد نقطة التقاء للفرقاء السياسيين، لكنّه لم ينجح في ذلك.
واعتبر مراسل "العربي" أنّ السؤال الرئيس الآن يتمحور حول من سيخلف حمدوك وما مصير الاتفاق الذي جمعه بقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وكيف سيتعامل المكوّن العسكري مع الوضع السياسي الجديد؟
"توحيد الصفوف"
وفي هذا الإطار، قال رئيس تحرير صحيفة "السودان" عطّاف محمد: إنّ مطالبة الشارع لحمدوك بالاستقالة أتت بعدما خرج من اعتقاله إثر الانقلاب الذي قام به البرهان.
وأضاف محمد، في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، أن الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك "ذبح الوثيقة الدستورية على معبد الثورة".
واعتبر أن حديث حمدوك عن أي اتفاق سياسي بعد سقوط هذا العدد من الشهداء وتمزيق الوثيقة الدستورية وإقصاء الآخرين "بعيد كل البعد عن الحقيقة".
وأضاف أن حمدوك بتوقيعه اتفاقًا سياسيًا مع البرهان "ابتعد عن الثورة التي دفعت أرواحًا من أجل إخراجه من الاعتقال"، مشيرًا إلى أن اتفاق البرهان وحمدوك "سقط، كما سقطت الوثيقة الدستورية"، ومؤكدًا أن الثورة "مستمرة".
واعتبر محمد أن على الشارع السوداني توحيد الصفوف، والابتعاد عن الخلافات والصراعات السياسية، لمواجهة انقلاب البرهان.
وأشار إلى أن السودانيين لا يريدون "وأد هذه الثورة بسبب الخلاف السياسي"، داعيًا القوى التغييرية في الشارع إلى أن تكون على قدر تضحية الشهداء.
وقال إن استقالة أعضاء من مجلس السيادة السوداني "أمر محوري وضروري لاستمرار الثورة".
ورأى أن السيناريو الذي يحفظ الثورة هو "إعادة الاصطفاف السياسي، وإعادة تشكيل مجلس السيادة، كي تقوم الحكومة المقبلة بإعادة هيكلة المؤسسات، والتحضير لانتخابات نزيهة وحرة".
استقالة "تأخرت كثيرًا"
بدوره، اعتبر عضو "قوى الحرية والتغيير" نور الدين بابكر، أن استقالة حمدوك "تأخرت كثيرًا"، لأن الاتفاق بين البرهان وحمدوك كان "طعنًا للثورة".
واعتبر بابكر، في حديث إلى "العربي"، أن الاتفاق كان يهدف إلى الإيحاء للمجتمع الدولي بوجود حكومة مدنية، بينما كان العسكر يسيطر على كل مفاصل الحياة السياسية.
ورأى أن استقالة حمدوك تبشّر بمواجهة مباشرة مع انقلاب عسكري، ما يوجب على الشارع السوداني توحيد الصفوف والرؤية لمواجهة المرحلة الحالية من الانقلاب، والمرحلة التي تليه.
واعتبر أن الانقلاب "مستمرّ، وكشف وجه الوجه القبيح للبرهان في مواجهة الشارع السوداني المستمرّ في ثورته".
وأكد أن هناك "فرصة كبيرة لاصطفاف مدني-سياسي فعّال لمقاومة الانقلاب".
"سيناريو صعب"
في المقابل، اعتبر شوقي عبد العظيم، الباحث السياسي، أن استقالة حمدوك "تعقّد المشهد السوداني وتؤدي إلى سيناريوهات معقّدة أكثر".
وقال عبد العظيم، في حديث إلى العربي" من الخرطوم": إن الاستقالة أعادت المشهد إلى مرحلة سقوط الرئيس السابق عمر البشير، حيث يستولي قائد الجيش على السلطة بسلطة مطلقة".
وأضاف أنه كان يُمكن "تطوير الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك لدحر الانقلاب".
واعتبر أن المُواجهة الحالية ستكون بين العسكر والشارع بشكل أكثر حدة من السابق، وهذا السيناريو أكثر كلفة.
وقال: إن المجلس العسكري في موقف أضعف، وسيجد نفسه في "مواجهة عنيفة مع الشارع، وسيجد نفسه في تراجع أمام الشارع".