تتفاقم قضية عمالة الأطفال في العالم، ولا سيما في الدول العربية، إذ إنّها تبقى واقعًا لـ160 مليون طفل، بحسب ما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال.
ويعادل الرقم الذي ذكره غوتيريش عشر عدد أطفال العالم، أي 10% منهم، في حين تقول الأمم المتحدة إنّ نحو 79 مليون طفل يعملون في ظروف استغلالية، أي على سبيل المثال في المزارع أو في المناجم أو في الصناعة وحتى بيوت الدعارة.
ووفقًا لهذه الأرقام، تواصل النسبة ارتفاعها المسجّل في السنوات الأخيرة نتيجة لأسباب عدّة منها التغيّرات المناخية، وتبعات جائحة كورونا، إلى جانب الصراعات المسلحة وانعدام الأمن الغذائي والمجاعات.
وتحتلّ إفريقيا المرتبة الأولى في ما يتّصل بعدد الأطفال الملتحقين بأعمال حيث يصل عددهم إلى نحو 72 مليون طفل، ثمّ منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنحو 62 مليون طفل.
ماذا عن الدول العربية؟
عربيًا، يشير تقرير صدر عن جامعة الدول العربية إلى أنّ الأطفال في الدول العربية التي تشهد أعلى معدلات فقر يعملون لساعات طويلة، في حين تنخفض النسبة في الدول العربية ذات الاقتصادات الجيدة.
ويرجّح معدّو التقرير أنّ الحروب والنزاعات ساهمت في انتشار ظاهرة التسرب المدرسي للانخراط في سوق العمل.
ووفق تقرير الجامعة العربية، يرتكز عمل الأطفال في المنطقة العربية في القطاع الزراعي ويليه قطاع الخدمات والصناعة، إذ يعمل في القطاع الزراعي أكثر من 70% من اليد العاملة ضمن الفئة العمرية من 5 أعوام إلى 17 عامًا، وتصل نسبتهم في قطاع الصناعة إلى 12% تقريبًا، وفي قطاع الخدمات بنحو 17%.
السودان واليمن والعراق ومصر والمغرب
ويتفاوت معدل انخراط الأطفال في العمل إلى حد كبير بين دولة وأخرى وبين فئة عمرية وأخرى، ففي السودان تصل النسبة ضمن الفئة العمرية من 4 أعوام إلى 15 عامًا، إلى 12.6%، وترتفع إلى 19.2% ضمن الفئة من 15 إلى 17 عامًا.
ولا يختلف الوضع في اليمن حيث ساهمت الحرب في تردّي الأوضاع الاقتصادية ورفع نسبة عمالة الأطفال التي تصل إلى 13.6% للفئة العمرية من 4 أعوام إلى 15 عامًا، وإلى 34.8% للفئة الأكبر.
وينطبق ذلك على مصر والعراق أيضًا، ففي مصر يعمل نحو 1.2% ضمن الفئة العمرية من 4 إلى 15 عامًا، وترتفع النسبة إلى 13.5% ضمن فئة الأعمار من 15 إلى 17%. أما في العراق، فتصل النسبة إلى 4.9% في الفئات العمرية الصغيرة.
وفي المغرب، ناهز عدد الأطفال الذين يعملون 148 ألفًا عام 2021، متراجعًا بنسبة 26% مقارنة بعام 2019. ويمثّل عدد الأطفال العمال نسبة 2% من أصل سبعة ملايين طفل مغربي تتراوح أعمارهم ما بين 7 سنوات وأقلّ من 17 سنة بحسب أرقام رسمية.
أطفال يتعرّضون لأسوأ أنواع الاستغلال
ويعرب الأستاذ في علم الاجتماع حسين الخزاعي عن "أسفه وحسرته" تجاه هذه القضية، مشيرًا إلى أنّ الأمور تتفاقم والأعداد تتزايد في كل دول العالم، ولا سيما في البلدان العربية.
ويلفت في حديث إلى "العربي"، من عمّان، إلى أنّ "هؤلاء الأطفال في عمر الورد ولكنهم ليسوا كالورد، فهم يضطرون لترك مدارسهم وأسَرهم لأسباب قاهرة"، على حدّ وصفه.
ويقول إنّ هؤلاء الأطفال "يتعرضون لأسوأ أنواع الاستغلال"، عازيًا سبب الظاهرة إلى عدم وجود مشاريع تنموية أو حماية اجتماعية، ولغياب أيّ فرص حقيقية تقدَّم لهم أو لأهاليهم.
ويشدّد الخزاعي على أنّه "لا يمكن أن تحلّ عمالة الأطفال في أي دولة في العالم وخصوصًا في المنطقة العربية ما لم تحل الأزمات الاقتصادية الموجودة".
ويشير في هذا السياق إلى الفقر والبطالة وإنفاق الأموال في الدول على السلاح أو على قضايا بعيدة عن التعليم والحماية الاجتماعية والاهتمام بالأطفال.
ويلفت إلى أنّ معدلات الطلاق في العالم العربي خطيرة جدًا وهي تتجاوز 40% في بعض الدول وكذلك معدلات الفقر والبطالة، وفق تعبيره.