كشفت مصادر في الرئاسة اللبنانية لـ"العربي" أن رئيس الجمهورية ميشال عون اجتمع بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم اليوم، إنما لم يحسم هذا اللقاء ملف تشكيل الحكومة المرتقبة، على عكس ما كان يراهن بعضهم.
ومن بيروت شرح مراسل "العربي" علي رباح كيف دخل اللواء عباس إبراهيم على خطّ أزمة تشكيل الحكومة قبل حوالي الأسبوع، في محاولة منه لتذليل العقبات والتوسط بين الرئيسين عون ونجيب ميقاتي المكلف تشكيل الحكومة.
وزار إبراهيم القصر الجمهوري اليوم الخميس للمرة الثالثة خلال 48 ساعة، إنما "لم يحمل حتى اللحظة أي جديد للرئيس المكلّف".
وبحسب المشهد السياسي يصطدم ملف تشكيل الحكومة اللبنانية في كل مرة بخلافات حول توزيع الحقائب الوزارية، ما يزيد من تأخر تأليفها على الرغم من مرور عام على حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب.
وتواصل "العربي" مع مقربين من ميقاتي الذين أكّدوا بدورهم أن "الأجواء الإيجابية التي يشيعها القصر الجمهوري ليست دقيقة وتحديدًا في ما يتعلق بالثلث المعطّل".
عقبة الثلث المعطّل
و"الثلث الضامن" أو "المعطل" يعني حصول فصيل سياسي على ثلث عدد الحقائب الوزارية في الحكومة، ما يسمح له بالتحكم في قرارتها وتعطيل انعقاد اجتماعاتها.
ويلفت مراسل "العربي" إلى أن عقبة الثلث المعطل التي تعيق حتى الساعة ولادة حكومة جديدة في لبنان، ترتبط أهميتها بالحكومة ككل، إذ ترى أوساط سياسية أن الحكومة العتيدة لن تكون حكومة انتخابات وحسب بل قد تكون حكومة إدارة الفراغ الرئاسي.
وينقل أجواء عن إصرار رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية ميشال عون على حصول رئيس الجمهورية على الثلث المعطّل، بحسب المصادر المقربة من ميقاتي.
في المقابل يرفض ميقاتي التنازل عن الثلث المعطل بخاصة أنه يحظى بدعم كبير من رؤساء الحكومات السابقين.
عون ينفي تمسّكه بالثلث المعطِّل
من جهتها أكدت الرئاسة اللبنانية اليوم الخميس أن الرئيس ميشال عون "يتمسك أكثر من غيره باحترام الأصول الدستورية" لتشكيل الحكومات في البلاد، وقالت إنه لا يريد "الثلث المعطّل" في الحكومة المقبلة.
وقال مكتب الإعلام بالرئاسة في بيان إن "الرئيس عون المتمسك أكثر من غيره باحترام الأصول الدستورية لتشكيل الحكومات في لبنان وحتى الأعراف التي نشأت إلى جانبها أعلن أكثر من مرة أنه لا يريد لا بصورة مباشرة ولا بصورة غير مباشرة الثلث الضامن".
مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية: الرئيس عون المتمسك باحترام الأصول في تشكيل الحكومات، أعلن اكثر من مرة بأنّه لا يريد لا بصورة مباشرة ولا بصورة غير مباشرة الثلث الضامن
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) September 2, 2021
وأوضح البيان أن "ذلك يأتي إيمانًا منه بأن الظروف الصعبة التي يجتازها لبنان والشعب اللبناني تحتم على الجميع الارتقاء إلى أقصى درجات المسؤولية من أجل المبادرة والإسراع في إنقاذ الوطن والشعب".
وكرر عون دعوته إلى الجميع وفق البيان، "لعدم إلصاق تهمة التعطيل تشكيل الحكومة بالرئاسة ولا بشخص الرئيس للتعمية التغطية والإخفاء على أهداف خاصّة مضلِّلة ما عادت تنطلي على الشعب".
مكتب الإعلام: رئيس الجمهورية يكرّر دعوته الجميع لعدم إلصاق تهمة التعطيل بالرئاسة ولا بشخص الرئيس للتعمية على أهداف خاصّة مضلِّلة ما عادت تنطلي على الشعب
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) September 2, 2021
ميقاتي لم يلتزم بأي أمر نهائي
أما الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي فأبدى في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي، حرصه الشديد على "مقاربة عملية تشكيل الحكومة، وفق القاعدة الدستورية المعروفة وبما يتوافق مع مقتضيات المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان".
وقال ميقاتي: "يبدو أن بعضهم (لم يحددهم) مصرّ على تحويل عملية تشكيل الحكومة إلى بازار سياسي وإعلامي مفتوح على شتى التسريبات والأقاويل والأكاذيب، في محاولة واضحة لإبعاد تهمة التعطيل عنه والصاقها بالآخرين".
وأوضح البيان أن "ميقاتي يجري لقاءات مختلفة لتشكيل الحكومة، ولم يلتزم بأي أمر نهائي مع أحد إلى حين إخراج الصيغة النهائية للحكومة"، مؤكدًا أن "كل ما يقال عكس ذلك كلام عار من الصحة جملة وتفصيلًا".
ويوم 26 يوليو/ تموز الماضي كلّف عون ميقاتي بتشكيل حكومة، خلفًا لحكومة تصريف الأعمال التي استقالت بعد 6 أيام من انفجار مرفأ بيروت يوم 4 أغسطس 2020.
ويزيد تأخر تشكيل الحكومة الوضع سوءًا في بلد يعاني منذ أواخر 2019 أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، ما أدى إلى انهيار مالي ومعيشي وارتفاع معدلات الفقر وشح الوقود والأدوية وسلع أساسية.