للمرة الثالثة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تستهدف تل أبيب الضاحية الجنوبية لبيروت معقل "حزب الله"، وتُعلن اغتيال القيادي البارز إبراهيم عقيل و7 من قيادات "وحدة الرضوان" التابعة للحزب بعد غارة وصفتها إذاعة الجيش الإسرائيلي بـ"الدقيقة".
واستهدفت الغارة اجتماعًا عسكريًا لقيادات "حزب الله"، مخلّفة ضحايا ودمارًا واسعًا، فيما نعى حزب الله رسميًا ليل الجمعة السبت في بيان " القائد الجهادي الكبير" إبراهيم عقيل.
وقالت مصادر رسمية لبنانية إنّ الغارة استهدفت مبنى في منطقة الجاموس بالضاحية، عندما كان عقيل في خضم اجتماع مع قيادات من "وحدة الرضوان".
وبعد الهجمات، جدّد الرئيس الأميركي جو بايدن حرصه على السماح بعودة سكان شمال إسرائيل وجنوب لبنان إلى منازلهم، في وقت نفى البيت الأبيض علمه بما أقدمت عليه تل أبيب، مطالبًا الأميركيين بعدم السفر إلى لبنان، والموجودين فيه بمغادرته.
من جهته، واصل "حزب الله" هجماته الصاروخية مستهدفًا مواقع إسرائيلية في الشمال.
وجاءت الغارة الجديدة بعد ساعات من خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله الذي توعّد فيه بالردّ على هجمات أجهزة الاتصال التي هزّت لبنان، وأسفرت عن عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
وشدّد نصرالله في خطابه على أنّ الاحتلال تجاوز كل الخطوط الحمراء والاعتبارات والمبادئ.
من جهته، نقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله: "إنّ إسرائيل توصّلت إلى نتيجة أن لا تسوية على الحدود الشمالية من دون تصعيد"، في تصريح يتماشى مع التحركات العسكرية التي يُجريها الاحتلال في الشمال، وما رافقها من إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأجيل موعد مغادرته للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
تفوّق استخباراتي تقني إسرائيلي
وفي هذا الإطار، رأى مسؤول القسم السياسي في جريدة "المدن" منير الربيع أنّ بيروت تعيش حالة من الذهول في ظل عمليات أمنية طالت الجسم المجتمعي على مدى الأيام الأخيرة، سواء المجتمع اللبناني أو البيئة الحاضنة لـ"حزب الله".
واعتبر الربيع في حديث إلى "التلفزيون العربي" من بيروت، أنّ هناك تفوقًا استخباراتيًا وتقنيًا وتكنولوجيًا إسرائيليًا ما يُتيح للإسرائيليين الوصول إلى أجهزة "حزب الله" وتفخيخها قبل وصولها إلى بيروت، ومعرفة مواقيت الاجتماعات التي يعقدها مسؤولون في الحزب وتنفيذ عمليات اغتيال على أثرها.
وأشار إلى أنّ "حزب الله" يُجري منذ أيام سلسلة تحقيقات في صفوفه، بما يتعلّق بكيفية استقدام شحنات الأجهزة اللاسلكية التي انفجرت، وتشمل الجانب الأمني وتُركّز على كيفية تمرير هذه الأجهزة، إضافة إلى محاولة معرفة إمكان وجود اختراقات متّصلة ترتبط بمعرفة مواعيد الاجتماعات وكيفية ومكان حصولها.
مرحلة جديدة من الحرب في الشمال
من جهته، أوضح رامي منصور رئيس تحرير موقع "عرب 48"، أنّ الضربات في لبنان تأتي في إطار ما أطلق عليه وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت بـ"المرحلة الجديدة" من الحرب وفيها تنتقل إسرائيل إلى مرحلة الهجوم وتنفيذ العمليات النوعية ضدّ قيادات "حزب الله" وإمكانياته العسكرية.
وقال منصور في حديث إلى "التلفزيون العربي" من حيفا، إنّ إسرائيل تجاوزت قواعد الاشتباك التي كانت قائمة حتى الآن، في محاولة لدفع "حزب الله" للتوصل إلى تسوية تُعيد سكان المستوطنات الشمالية إلى منازلهم.
وأضاف أنّ ما حصل في لبنان يتعدّى الحرب أو المواجهة العسكرية ليصل إلى جرائم حرب واضحة، من دون وجود أي جهة تكبح تل أبيب.
"ما يحصل لا يصبّ في مصلحة إسرائيل على المدى البعيد"
بدورها، اعتبرت سيسيل شي الدبلوماسية الأميركية السابقة، أنّ البيت الأبيض أبدى قلقه من الضربات الإسرائيلية على لبنان، خاصة في ظل العلاقة الأكثر ضعفًا بين الولايات المتحدة وإسرائيل في تاريخ البلدين.
وأكدت شي في حديث إلى "التلفزيون العربي" من شيكاغو، الحاجة العاجلة للتوصّل إلى وقف إطلاق نار واسع النطاق في الشرق الأوسط، والعمل على حل بعيد الأمد لحرب الاستنزاف على الجبهة الشمالية لأن ما يحصل لا يصبّ في مصلحة إسرائيل على المدى البعيد.
ورغم ذلك، أعربت عن تشاؤمها حيال إمكانية التوصّل إلى وقف لإطلاق النار على المدى القريب.
