بعد أسوأ كارثة طبيعية على الإطلاق تعصف بليبيا، رأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء أن الفيضانات الكارثية في درنة شرق البلاد تعكس "صورة حزينة" لما يعاني منه العالم، منددًا بـ"تراكم" مشكلات عدة من التغير المناخي إلى النزاع المستمر منذ سنوات في هذا البلد.
ولدى افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة قال غوتيريش: "قبل تسعة أيام فقط، اكتشفنا رؤية من الجحيم، مشهدًا مروعًا، نتيجة تراكم عدد من المشكلات التي يواجهها العالم".
"ضحايا الفوضى المناخية"
وأضاف أمين عام الأمم المتحدة أن القتلى الذين جرفتهم الفيضانات بالآلاف "كانوا ضحايا عدة آفات. ضحايا سنوات من النزاعات. ضحايا الفوضى المناخية. ضحايا الزعماء الذين لم يحسنوا هنا وهناك إيجاد طريق للسلام".
وقال إن القتلى سقطوا "في وسط هذه اللامبالاة. خلال 24 ساعة، سكبت السماء ما يوازي مئة ضعف شهر من المتساقطات، انهار السدان بعد سنوات من الحرب والإهمال، وكل ما كان يحيط بالمواطنين شطب عن الخارطة".
وأضاف: "حتى في الوقت الذي نتحدث فيه، لا يزال البحر المتوسط يلفظ جثثًا على الشاطئ، ذلك البحر ذاته حيث يتشمّس أصحاب المليارات في يخوتهم الفخمة".
وشدّد خلال حديثه على أن "درنة هي صورة حزينة لحال عالمنا، سيل من عدم المساواة والظلم والعجز عن مواجهة التحديات".
وقال عشية تنظيمه قمة حول المناخ: إنّ "التغيرات المناخية ليست مجرد تبدل في الطقس. التغيرات المناخية تقلب ما هي الحياة على كوكبنا نفسه رأسًا على عقب"، معتبرًا على هذا الصعيد أن "التدابير المتخذة ليست على مستوى التحدي إطلاقًا".
وحذر غوتيريش بالقول: "أمام كل هذه الأزمات، بات النظام الإنساني العالمي على شفير الانهيار"، مضيفًا أن "عملياتنا الإنسانية مرغمة على الخضوع لاقتطاعات كبرى. لكن إن لم نؤمن الطعام للأشخاص الجائعين، فإننا عندها نغذي النزاع".
تغير المناخ يضاعف احتمال الأمطار الغزيرة
وتسببت عاصفة عاتية في العاشر من الشهر الجاري في انهيار سدين بمدينة درنة في شرق ليبيا حيث أدى فيضان أحد الأنهار، والذي عادة ما يكون جافًا، إلى تقويض أساسات المباني السكنية المقامة على امتداده فانهارت.
ولم يتم بعد تحديد العدد النهائي للقتلى، إذ لا يزال الآلاف في عداد المفقودين. ويعلن المسؤولون أعدادًا متفاوتة للقتلى بشكل كبير، فيما أكدت منظمة الصحة العالمية وفاة 3922 شخصًا.
وجاء كلام الأمين الأممي بالتزامن مع تأكيد علماء اليوم الثلاثاء، أن تغير المناخ زاد احتمال هطول الأمطار الغزيرة في ليبيا بما يصل إلى 50 مرة.
وكان من أسباب الكارثة بناء المنازل عند مخرات السيول وسوء حالة السدود والصراع المسلح طويل الأمد وغيرها من العوامل المحلية الأخرى.
بالمقابل، تواصل عناصر الإغاثة البحث عن آلاف المفقودين الذين يعتقد أنهم باتوا في عداد الأموات من جراء الفيضانات.
تحقيقات مع بلدية درنة
وحولت تبعات أسوأ كارثة طبيعية تشهدها ليبيا على الإطلاق إلى عاصفة سياسية، اليوم الثلاثاء، بعد أن أضرم متظاهرون غاضبون من فشل السلطات في حماية مدينتهم من السيول النيران في منزل عميد بلدية درنة.
وقالت الإدارة المسؤولة عن شرق ليبيا إنها أوقفت عميد البلدية عن العمل، وأقالت جميع أعضاء المجلس البلدي لدرنة وبدأت التحقيق معهم بعد أن طالب المتظاهرون الغاضبون بمعاقبة المسؤولين الذين تركوا السكان يتعرضون للأذى.
وفي وقت سابق اليوم قال مراسل "العربي" محمد شحادت، إن التحقيقات الرسمية مع المجلس البلدي، ستركز على الإخلال بصيانة السدود رغم صرف ميزانيتها، وبعض قضايا الفساد التي يتهم بها المجلس البلدي في درنة من ناحية توقف مشاريع الإعمار والتنمية فيها.
وكانت الاحتجاجات التي خرجت أمس الإثنين هي أول اضطرابات تشهدها المدينة منذ أن اجتاحتها السيول.