حذرت وكالات تابعة للأمم المتحدة اليوم الجمعة من كارثة إنسانية في أفغانستان، بعد نزوح عشرات الألوف من منازلهم، إثر تقدم حركة طالبان مع انتشار الجوع.
وفرض مقاتلو الحركة سيطرتهم على ثاني وثالث أكبر المدن في البلاد، فيما استعدت سفارات غربية لإرسال قوات للمساعدة في إجلاء الموظفين، رغم إعلان الأمم المتحدة بقاء موظفيها البالغ عددهم 320.
وقال تومسون فيري من برنامج الأغذية العالمي في إفادة للأمم المتحدة "ما نخشاه هو أن الأسوأ لم يأت بعد... موجة جوع كبرى تقترب بسرعة... الموقف يحمل كل السمات المميزة لكارثة إنسانية".
وقالت شابيا مانتو من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 250 ألفًا اضطروا للرحيل منذ مايو أيار، 80 بالمائة منهم من النساء والأطفال. وأفاد كثيرون بتعرضهم للابتزاز من الجماعات المسلحة في طرق السفر، مع اضطرارهم إلى المراوغة والالتفاف حول الطرق الرئيسية لتفادي العبوات الناسفة.
وقال مسؤول آخر بالأمم المتحدة إن الآلاف يفرون من المناطق الريفية إلى العاصمة كابول وغيرها من المراكز الحضرية؛ بحثا عن ملاذ آمن.
وقال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "إنهم ينامون في العراء بالمتنزهات والأماكن العامة... الشغل الشاغل لنا الآن بكل بساطة هو العثور على مأوى لهم".
وتحدثت مسؤولة في منظمة الصحة العالمية عن زيادة في حالات الصدمة إلى المثلين؛ في الشهرين أو الأشهر الثلاثة الماضية بالمنشآت الصحية التي ترعاها المنظمة. وأعربت عن مخاوفها من نقص الإمدادات الطبية. وقالت إن المنظمة أصبحت تدرب الأطقم الطبية على إدارة المواقف في حالات الإصابات الجماعية.
بريطانيا: الانسحاب الأميركي من أفغانستان "خطأ"
في غضون ذلك، انتقدت بريطانيا الجمعة انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، محذرة من أن سيطرة حركة طالبان قد تخلق أرضًا خصبة للمتطرفين ما يشكل تهديدًا للعالم.
وأعلن وزير الدفاع بن والاس الخميس أن حوالي 600 جندي سيساعدون في إجلاء الرعايا البريطانيين من أفغانستان، مع سيطرة مسلحي الحركة على مزيد من الأراضي.
لكنه قال إن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها "يترك مشكلة كبيرة جدًا على الأرض"، ما يعطي زخما للمسلحين.
وتوقع أن ذلك سيكون مفيدًا لتنظيم القاعدة الذي منحته طالبان ملاذًا آمنا قبل هجمات 11 أيلول/سبتمبر، التي نتج عنها تورط الغرب لمدة 20 عاما في أفغانستان.
وأضاف "أنا قلق للغاية من أن الدول الفاشلة هي أرض خصبة لهذا النوع من الناس".
وقال "بالطبع ستعود القاعدة على الأرجح"، محذرًا من أن ذلك قد يؤدي إلى "تهديد أمني لنا ولمصالحنا".
وأشار والاس إلى اتفاقية الدوحة الموقعة بين الولايات المتحدة وطالبان بالقول "شعرت أن فعل هذا بتلك الطريقة كان خطأ، وأننا كمجتمع دولي ربما ندفع عواقب ذلك".
وقال إن الاتفاقية، التي تم توقيعها في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب العام الماضي، لم تترك لبريطانيا خيارًا سوى سحب قواتها.
طالبان تواصل التقدم
وسيطر مسلحو الحركة الجمعة على مدينة بولي علم عاصمة ولاية لوغار على بعد 50 كلم من كابول، بعد لشكركاه عاصمة ولاية هلمند في جنوب البلاد، وذلك بعد ساعات قليلة على سقوط قندهار ثاني مدن البلاد على بعد 150 كيلومترًا إلى الشرق منها.
وقال مسؤول محلي لفرانس برس "طالبان تسيطر على كافة المنشآت الحكومية في بولي علم... فرضوا سيطرة تامة والمعارك متوقفة حاليا".
وبالمثل، صرح مسؤول أمني كبير أنه "تم إخلاء لشكركاه. قرروا وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة لإتاحة خروج" عناصر الجيش والمسؤولين الإداريين.
وسيطرت طالبان كذلك من دون أن تواجه مقاومة الجمعة على شغشران عاصمة ولاية غور في الوسط. وبذلك صارت عواصم نصف الولايات تقريبا في قبضتها وقد سقطت كلها خلال ثمانية أيام.
وأصبح الجزء الأكبر من شمال البلاد وغربها وجنوبها تحت سيطرة مقاتلي الحركة. وكابول ومزار شريف كبرى مدن الشمال، وجلال أباد (شرق) هي المدن الكبرى الثلاث الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة.
واستسلم إسماعيل خان أحد أشهر أمراء الحرب في أفغانستان وعمره 75 عامًا لحركة طالبان، بعد سقوط هرات في الغرب الخميس، بعد أن ظل يحكمها بلا منازع على مدى عقود. ووعد المتمردون بضمان سلامته.
وأمس الخميس، حث اجتماع دولي عقد في الدوحة حول عملية السلام في أفغانستان، في بيانه الختامي، الحكومة الأفغانية وحركة طالبان على "وقف العنف والاعتداءات على الفور في عواصم المحافظات والمدن الأخرى".