أبلغت وزارة الخارجية الإيرانية الأمم المتحدة باحتفاظها بحقّ الرد على "العدوان الإجرامي الإسرائيلي".
وأوضحت الوزارة أنّ وزير الخارجية عباس عراقجي أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بموقف طهران، ودعاه في رسالة إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لإدانة الهجمات الإسرائيلية على إيران.
ومن المقرّر أن يعقد مجلس الأمن اجتماعًا غدًا بشأن طلب إيران إدانة الهجمات الإسرائيلية عليها.
من ناحيتها، تتحسّب تل أبيب لردّ إيراني محتمل على الهجوم الذي شنّته على الجمهورية الإسلامية أمس السبت، حيث أصدر الجيش الإسرائيلي قرارًا بتقليص عدد الجنود في القواعد العسكرية، ومنع التجمّعات الكبيرة للجنود داخلها، بما في ذلك قاعات الطعام.
وبينما أفاد مراسل التلفزيون العربي بارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على إيران إلى خمسة قتلى، أظهرت صور التقطتها الأقمار الاصطناعية بعد الهجوم الإسرائيلي، وحلّلتها وكالة "أسوشييتد برس"، أضرارًا في بعض المباني بقاعدة "بارشين" العسكرية جنوب شرق العاصمة الإيرانية، ومبنيين في قاعدة "خجير" العسكرية، والتي يعتقد المحللون أنّها تُخفي نظام أنفاق تحت الأرض ومواقع ضخمة لإنتاج الصواريخ.
وأكدت طهران عزمها الردّ على الهجوم الإسرائيلي، حيث أشار عراقجي أمس السبت إلى أن عزْمَ بلاده الدفاع عن نفسها "لا حدود له"، بينما قال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف إنّ الردّ على الهجوم الإسرائيلي "سيكون حتميًا".
وتُحدّد الطريقة التي ستختارها طهران للردّ على الهجوم الإسرائيلي العلني غير المعتاد، ما إذا كانت المنطقة ستتّجه نحو حرب شاملة، وفق الوكالة.
ما هي خيارات إيران بشأن الرد؟
اعتبرت وكالة "أسوشييتد برس" أنّه في عالم الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، فإن أي ضربة من النوع الذي وجّهته إسرائيل السبت، عادة ما تُقابل برد قوي، ما سيسمح بإظهار قوة طهران ليس فقط أمام مواطنيها، بل أيضًا أمام "محور المقاومة".
لكنّ الوكالة نقلت عن محلّلين قولهم إنّ طهران قد تختار التراجع عن انتقام قوي مباشر في الوقت الحالي.
وقالت سنام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز تشاتام هاوس البحثي ومقره لندن للوكالة، إنّ طهران "سوف تُقلّل من تأثير الهجوم الإسرائيلي، خاصّة وأنّها محاصرة بالقيود العسكرية والاقتصادية، وعدم اليقين الناجم عن الانتخابات الأميركية وتأثيرها على السياسة الأميركية في المنطقة".
واعتبرت الوكالة أنّ بيان الجيش الإيراني الذي صدر مساء السبت بشأن الهجوم الإسرائيلي، يوفّر مجالًا أمام طهران للمناورة والتراجع عن المزيد من التصعيد.
وأشار البيان إلى أنّ وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان أكثر أهمية من أي رد انتقامي ضد إسرائيل.
ورأت الوكالة أنّ التعليق الأول الذي صدر عن المرشد الأعلى علي خامنئي عن الهجوم الإسرائيلي لم يصل إلى حد الدعوة إلى رد عسكري فوري على تل أبيب.
وقال خامنئي إنّ الهجوم الإسرائيلي على بلاده "لا ينبغي المبالغة فيه أو التقليل من شأنه".
وفي هذا الإطار، توقّع علي فائز مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، أنّ لا تقوم طهران بأي ردّ في الوقت الحالي على الأقل.
وأشار خبراء إقليميون إلى أنّ قائمة الأهداف الإسرائيلية المحدودة نسبيًا، تمّ تنسيقها عمدًا لتسهيل تراجع إيران عن التصعيد.
"منطقة مجهولة"
بدوره، اعتبر توماس جونو الأستاذ في جامعة أوتاوا الذي يركز على إيران والشرق الأوسط الأوسع، أنّ طهران "ترغب في تجنّب المزيد من التصعيد، ولكنّها مع ذلك تُواجه معضلة".
وكتب على منصّة "إكس": "إذا قامت طهران بالانتقام، فإنّها تُخاطر بالتصعيد الذي قد يؤدي إلى المزيد من الخسارة في حال كان ردّها ضعيفًا. أما إذا لم تنتقم، فإنها تُظهر إشارة ضعف".
وأمام هذا الواقع، قالت الوكالة إنّ الشرق الأوسط منطقة مجهولة، وإنّ قواعد اللعب بين إيران وإسرائيل ليست واضحة، وربما لا تزال قيد الكتابة.
وقال فائز: "هناك عدم تطابق كبير فيما يتعلّق بالسيف الذي يستخدمه كل طرف، والدرع الذي يمكنه نشره"، مضيفًا أنّ طهران وتل أبيب باتا الآن "في منطقة جديدة تمامًا، حيث أصبحت الخطوط الحمراء الجديدة غامضة، بينما تحوّلت الخطوط الحمراء القديمة إلى اللون الوردي".
مراسل التلفزيون العربي حاسم كلاس، قال من طهران إن القواسم المشتركة في كل التصريحات التي صدرت في إيران عقب الهجوم الإسرائيلي هو أنها لم تتحدث بانفعالية وعجلة بأن إيران ستقوم بالرد، بل اتخذت من عبارة أن إيران تحتفظ بحق الرد وبأن الهجوم الإسرائيلي انتهاك للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة عنوانًا عريضًا لها.
وأشار إلى أن تلك البيانات تركت المشهد ضبابيًا، عمّا إذا كانت إيران ستقوم بالرد أم لا.
ولفت إلى أن إيران تربط بشكل أو بآخر ولو ضمنيًا بين الهجوم الإسرائيلي عليها والتطورات الإقليمية في غزة ولبنان، وكأنها تقول إن إيقاف العدوان على لبنان وإنهاء الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة سيؤدي إلى حل الأزمة عمومًا في الشرق الأوسط.
وأشار إلى عوامل مؤثرة في اتخاذ طهران قرارها بالرد على إسرائيل منها عدد القتلى وحصيلة التخريب في المباني المستهدفة والمعدات والمخازن، وكذلك مواقف دول المنطقة من الهجوم الإسرائيلي، حيث كانت قد قامت بشكر كل من أدانه.
وتحدث عن قنوات خلفية تجري بين إيران والولايات المتحدة من جهة وإيران والدول الأوروبية من جهة أخرى، لافتًا إلى وجود الكثير من الرسائل والوساطات تجاه طهران.