في خطوة تهدف إلى تضييق الخناق اقتصاديًا على موسكو، دعا البرلمان الأوروبي في قرار تبناه، اليوم الخميس، إلى فرض حظر "شامل وفوري" على واردات "النفط والوقود النووي والفحم والغاز" من روسيا، وذلك في ظل تواصل العملية العسكرية ضد أوكرانيا منذ 43 يومًا، وانسداد في محادثات السلام بين موسكو وكييف.
وصوّت 513 نائبًا أوروبيًا تأييدًا للقرار، فيما صوّت 22 ضدّه وامتنع 19 عن التصويت.
أقوى رسائل الدعم
وعلّقت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا قائلةً: "إنها لحظة مهمة جدًا ومرحلة ذات معنى. إن موقف البرلمان واضح ويُرسل أقوى رسائل الدعم إلى الذين يتواجدون على خطّ المواجهة".
ومنذ 24 فبراير/ شباط الماضي، تواصل روسيا عمليتها العسكرية ضد جارتها أوكرانيا، الأمر الذي كلف موسكو عقوبات ثقيلة من الغرب، في محاولة لدفعها لوقف الحرب، إلا أن ذلك لم يؤثر على سير المفاوضات الجارية بين روسيا وأوكرانيا.
وما تزال موسكو تحمّل كييف أسباب تعثر المفاوضات، وجديد ذلك اتهام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لكييف بعرضها على بلاده مسودة اتفاق سلام تحتوي على عناصر "غير مقبولة".
ورد عليه ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس فولوديمير زيلينسكي والمشارك في الوفد الأوكراني في المفاوضات مع روسيا قائلًا: "إذا أرادت موسكو أن تظهر أنها مستعدة للحوار، فعليها خفض مستوى عدوانيتها".
وسبق أن اقترحت المفوضية الأوروبية، أمس الثلاثاء، على الدول الأعضاء السبع والعشرين وقف مشترياتها من الفحم الروسي التي تشكل 45% من واردات الاتحاد الأوروبي، وإغلاق الموانئ الأوروبية، أمام السفن الروسية، حيث تجري مناقشة إجراءات هذه الحزمة الخامسة من العقوبات حاليًا بين ممثلي الدول الأعضاء.
ويطالب البرلمان بالمضي قدمًا لكن فرض حظر محتمل على النفط الروسي (25% من إجمالي واردات النفط الأوروبية) والغاز الروسي (45% من الإجمالي)، هو موضوع مناقشات مريرة بين الدول الأعضاء، وقد أعربت برلين علنًا عن تردّدها.
ومن المقرر أن يناقش هذا الموضوع، الإثنين القادم، في اجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين.
حلول مطروحة
وضمن بحث أوروبا عن منافذ جديدة لتخفيف الضرر الواقع عليها في حال استبعدات وارادت الطاقة من روسيا، أكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، أمس الثلاثاء، أنّ أوروبا لديها "حلول لتصبح مستقلة عن الغاز الروسي".
ومن الحلول التي عرضها الوزير الفرنسي الذي تعتمد بلاده على 20% من إمداداتها على الغاز الروسي، هو "تسريع تخزين الغاز اعتبارًا من الصيف الحالي لتعبئة وتخزين 90% من الحاجات اللازمة لمواجهة شتاء 2022"، مضيفًا أن "التحدي ليس الآن. التحدي هو شتاء 2022-2023".
لكن بالمقابل فإن موسكو حذرت من أن رفض شراء النفط الروسي؛ سيؤدي إلى عواقب كارثية على السوق العالمية.
والأربعاء، أعلنت الولايات المتحدة حزمة جديدة من العقوبات على بنكين روسيين والنخبة الروسية تشمل منع أي أميركي من الاستثمار في روسيا.
جاء ذلك، بعد أن اتهمت واشنطن وكييف موسكو بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا ولا سيما في مدينة بوتشا الأوكرانية التي ظهرت فيها مجازر وصفها الغرب بـ "إبادة جماعية" على يد القوات الروسية التي اقتحمت المدينة واحتلتها لشهر قبل أن تنسحب منها منذ أسبوع.
كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ابنتي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين البالغتين وزوجة وابنة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وأعضاء مجلس الأمن الروسي.
تكثيف الأسلحة
ومع قرار حظر واردات "النفط والوقود النووي، والفحم والغاز" من روسيا، يطلب النواب الأوروبيون أيضًا بـ"تكثيف إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا"، ما طالب به أيضًا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الخميس خلال زيارة له لمقرّ حلف شمال الأطلسي في بروكسل.
وحتى الآن، اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على حزمة مليار يورو لتزويد كييف بالأسلحة.
وأكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بالقول: "قد يبدو ذلك كثيرًا، لكن مبلغ مليار يورو هو ما ندفعه كلّ يوم لبوتين للطاقة التي يزوّدنا بها".
وتزامن ذلك، مع تأكيد وزير الدفاع الأميركي، أن 30 دولة بالإضافة إلى بلاده تقدم أنظمة ومعدات عسكرية لأوكرانيا حاليًا.
وتشير الوقائع الميدانية إلى أن القوات الروسية انكفأت عن كييف ومناطقها، وركز عملياتها في منطقة الدونباس، ولا سيما في ظل توقع الأمين العام لحلف الناتو، أن الهجوم الروسي عليها قد يستمر.
إلى ذلك، دعا البرلمان الأوروبي أيضًا الاتحاد الأوروبي، إلى استبعاد جميع المصارف الروسية من نظام سويفت للتواصل المصرفي السريع والآمن (بعدما استٌبعدت سبعة مصارف روسية منه)، ومنع النقل البرّي والبحري للبضائع باتجاه روسيا.
وطالب باتخاذ "جميع الإجراءات الضرورية" لكي "تُلاحق أفعال فلاديمير بوتين، والرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو، على أنها جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية".
كما تحدث أعضاء البرلمان الأوروبي عن تأييدهم لإنشاء "صندوق شبيه بخطة مارشال" لإعادة بناء أوكرانيا بعد الحرب.
وخلال شهر ونصف تقريبًا، دمرت القوات الروسية البرية والجوية والبحرية، منشآت حيوية وبنية تحتية، تقول السلطات الأوكرانية إن خسائرها اليومية تبلغ نحو ملياري دولار.
وبحسب المفوضية فإن 4 ملايين و244 ألفًا و595 مدنيًا أوكرانيًا لجأوا إلى دول الجوار، وخاصة بولندا التي استقبلت وحدها مليونين و469 ألفًا و657 لاجئًا أوكرانيًا، إضافة إلى تقطع السبل بنحو 13 مليونًا داخليًا.