على مدار سبعة أشهر متتالية، خرج عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع في أكثر التظاهرات التي شهدتها البلاد استدامة وحدّة.
وحركة الاحتجاج هي جزء من حركة شعبية انبثقت عن معارضة قانون التعديل القضائي المُثير للجدل، الذي تسعى حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إقراره.
يدعو قانون التعديل القضائي إلى تغييرات شاملة تهدف إلى الحدّ من سلطات القضاء، وقدرة المحكمة العليا على الطعن في القرارات البرلمانية، إلى تغيير طريقة اختيار القضاة.
وبينما تقول الحكومة: إنّ التعديل ضروري للحدّ من سلطات القضاة غير المنتخبين، يقول المتظاهرون، الذين يُشكّلون شريحة واسعة من المجتمع الإسرائيلي، إنّه سيدفع إسرائيل نحو الاستبداد.
ومع اقتراب جزء رئيسي من التعديل الشامل من التصويت النهائي في أوائل الأسبوع المقبل، تعهّد المتظاهرون بمزيد من أيام الاحتجاج، ودعوا إلى إضرابات واضطرابات عامة.
لماذا تستمرّ الاحتجاجات؟
ويقول حلفاء نتنياهو القوميون المتطرّفون والمتديّنون المتشددون: إنّ حزمة التعديلات تهدف إلى إعادة السلطة إلى المسؤولين المنتخبين.
ويقول النقّاد إنّه انتزاع للسلطة تُغذيه مظالم شخصية وسياسية مختلفة من قبل نتنياهو الذي يُحاكم بتهم فساد، وشركائه الذين يُريدون تعميق سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية المحتلة، واستمرار الاستثناءات المثيرة للجدل للرجال الأرثوذكس المتطرفين.
وتشمل المقترحات مشروع قانون من شأنه أن يسمح بأغلبية بسيطة في البرلمان، لإلغاء قرارات المحكمة العليا. وآخر يعطي البرلمان الكلمة الأخيرة في اختيار القضاة.
ومن المتوقّع أن يُصوّت الكنيست الاثنين المقبل، على مشروع قانون رئيسي يمنع المحكمة العليا من إلغاء قرارات الحكومة على أساس أنها "غير معقولة".
ويقول المؤيدون: إنّ معيار "المعقولية" الحالي، يمنح القضاة سلطات مفرطة في اتخاذ القرار من قبل المسؤولين المُنتخبين. لكن المنتقدين يقولون إن إزالة هذا المعيار، الذي يتمّ التذرّع به في حالات نادرة فقط، سيسمح للحكومة بإصدار قرارات تعسّفية، وإجراء تعيينات أو فصل غير لائق ، وفتح الباب أمام الفساد.
وقال أمير فيوكس، الباحث البارز في معهد "إسرائيل للديمقراطية"، وهو مركز أبحاث في القدس، لوكالة أسوشييتد برس: إنّ المتظاهرين يقولون إنّ نتنياهو وحلفاءه يريدون تغيير القانون، حتى يتمكّنوا من تعيين أصدقاء مُقرّبين في مناصب حكومية.
بدوره، قال يوهانان بليسنر، رئيس المعهد: إنّ الإجراءات القضائية "تجعل من الصعب إجراء الرقابة" على القرارات التعسّفية للمسؤولين المنتخبين، مضيفًا أنّ هذا "فصل واحد من خطة أوسع، وبرنامج للحكومة لإضعاف الضوابط والتوازنات".
مئات من جنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي يهددون برفض الخدمة العسكرية في حال أقرت حكومة نتنياهو التعديلات القضائية pic.twitter.com/8i6zoSlAaP
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 20, 2023
وفي خطاب ألقاه الخميس الماضي، رفض نتنياهو الاتهامات بأن الخطة ستدمّر "الأسس الديمقراطية لإسرائيل" ووصفها بأنها سخيفة. وقال: "هذه محاولة للتضليل بشأن شيء لا أساس له في الواقع".
وتولّت حكومة نتنياهو السلطة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وكشفت على الفور عن خططها لإضعاف المحكمة العليا الإسرائيلية.
فاندلعت الاحتجاجات في المدن الكبرى، ورفض رجال الأعمال الخطة، وربما الأهم من ذلك، هدّد جنود الاحتياط في القوات الجوية الإسرائيلية والوحدات الرئيسية الأخرى بالتوقّف عن العمل في حال إقرارها.
ودفعت الاحتجاجات نتنياهو إلى تعليق الخطة في مارس/ آذار الماضي، والدخول في محادثات مع نواب المعارضة. وبعد انهيار المحادثات الشهر الماضي، أعلن نتنياهو أنّ الإصلاح سيمضي قدمًا.
ويتّهم المتظاهرون نتنياهو بتغيير تكتيكاته، ولكن ليس أهدافه الأوسع، من خلال المضي قدمًا بطريقة أبطأ وأكثر دقة، في محاولة لتهدئة المحتجين ومعارضتهم.
وقال جوش دريل المتحدث باسم الحركة الاحتجاجية لوكالة اسوشييتد برس: "أصبحت الحكومة أكثر ذكاء. لقد رأوا تداعيات محاولة إجراء الإصلاح الشامل، وقرّروا بدلًا من ذلك القيام بذلك بطريقة تدريجية".
وتكثّفت الاحتجاجات مع تقدّم جهود التحالف لتحويل الإصلاح إلى قانون. ويوم الثلاثاء، عطّل المتظاهرون الطريق السريع الرئيسي في تل أبيب، وأغلقوا محطات القطارات، وسار الآلاف من الناس حوالي 80 كيلومترًا من تل أبيب إلى القدس خلال عطلة نهاية الأسبوع قبل تصويت يوم الاثنين.