يحتلّ الأردن المركز الأول عربيًا والسادس عالميًا بنسبة المدخّنين، كما يُعَدّ أحد أكثر دول العالم إنفاقًا على شراء السجائر مقارنة بعدد السكان، فحجم الإنفاق عليها يتجاوز المليار دولار وفق أرقام دائرة الإحصاءات العامة في الأردن.
أكثر من ذلك، فإنّ تكلفة علاج أمراض التدخين في الأردن تبلغ حوالي ملياري دولار سنويًا، وفقًا للأرقام الرسمية، في ظلّ أزمة يفاقمها غياب القوانين الناظمة، أو عدم تفعيلها، في حال وجودها.
في مقابل كلّ ذلك، ثمّة "مبادرات" في الأردن لمكافحة التدخين، حيث تقدّم وزارة الصحة على سبيل المثال، خدمات مجانية من خلال عيادات مختصة لتقديم استشارات وبدائل للإقلاع عن التدخين.
محاولات "غير مكتملة" لمكافحة التدخين
لكن هذه العيادات لا يبدو، حتى الآن على الأقلّ، أنّها تؤمّن الحلّ المنشود، حيث لا يرتادها إلا قلّة من الراغبين في الإقلاع عن التدخين، إذ تصل نسبة المراجعين فيها إلى 13% بحسب آخر أرقام وزارة الصحة.
وإذا كانت هذه النسبة خجولة في بلد مصنَّف في المرتبة الأولى عربيًا بعدد المدخنين، فإنّها لا تخفّف من "العزم" على مكافحة الآفة، بحسب الطبيبة نافرا سهاونة، التي تقول لـ"العربي": "صحيح أنّ أعداد المدخنين أكثر بكثير من المقلعين عن التدخين، ولكن هذا لا يجعلنا نتراجع، إذ إنّ مقلعًا واحدًا عن التدخين يعطينا العزم لنستقطب أعدادًا أكبر".
ويرى خبراء أنّ هذه المحاولة لمكافحة التدخين لا تكتمل إلا بوجود قوانين ناظمة وفق ما يؤكد لـ"العربي" رزق ياغي، وهو رئيس أحد المراكز الصحية، متحدّثًا عن "مجموعة لا بأس بها من القوانين الناظمة لمكافحة التدخين لكنها غير مفعّلة". ويضيف: "هذه العيادات يفترض أن تكون على مدار الأسبوع، وليس من الضروري أن يكون الموجودون فيها أطباء".
ما الخطوات المطلوبة لمكافحة التدخين؟
وبحسب مراسلة "العربي"، فإنّ تقديم الخدمات المجانية في عيادات الإقلاع عن التدخين أمر لا يكفي في بلد يحتل المرتبة السادسة عالميًا في نسبة التدخين، حيث تنقل عن متخصّصين أنّه يحتاج إلى تفعيل قوانين مكافحة هذه الآفة كمنع التدخين في الأماكن العامة.
من جهتها، تدعو العضو المؤسس في جمعية لا للتدخين لاريسا الور إلى مقاربة الموضوع بشمولية أكبر من مجرد الإقلاع عن التدخين، متحدثة عن تدخين قسري في الأماكن العامة.
وتشدّد في حديث إلى "العربي"، من عمّان، على أنّ أيّ انخفاض في نسبة التدخين لا يمكن أن يحصل إلا عند تفعيل قوانين مكافحة هذه الآفة.
ومن بين الخطوات الواجب العمل عليها في هذا السياق، بحسب الور، زيادة الوعي وزيادة الضرائب على التبغ ورفع الأسعار ومنع التدخين في الأماكن العامة ومنع الدعاية والإعلان وعدم البيع للقاصرين.