في القمة العربية الإسلامية غير العادية لمناقشة العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان المنعقدة في الرياض، أكّد القادة والزعماء العرب والمسلمون، أن المجتمع الدولي عاجز عن وقف الحرب على القطاع، منددين بالإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، ومطالبين بكسر الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية.
ورفض المجتمعون المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى فصل غزة عن القدس وطالبوا بوقف الاستيطان وأكدوا على ولاية دولة فلسطين على القطاع.
ومجددًا، أثار الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس في القمة الحديث عن ترتيب إدارة قطاع غزة ومساعي دولة فلسطين وحكومتها في وضع الآليات اللازمة لإدارة القطاع تحت ولاية دولة فلسطين، وتولي مسؤولياته السيادية وإعادة النازحين إلى بيوتهم قبل إعادة الإعمار.
ويأتي ذلك بعد أيام من مخرجات اجتماع القاهرة الأخير بين حركتي حماس وفتح ومناقشة ملفات من بينها فكرة إنشاء هيئة لمتابعة احتياجات القطاع وتم بحث تحديد مهامها وتشكيلها وتفاصيل عملها.
وثيقة بشأن اليوم التالي للحرب على غزة
وبالتوازي مع ذلك، قالت القناة 12 الإسرائيلية إن الولايات المتحدة قدمت وثيقة غير رسمية للرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن اليوم التالي لإدارة قطاع غزة بمشاركة السلطة من دون أن يكون القطاع تحت سيطرتها الكاملة المباشرة.
وتضمنت الوثيقة إنشاء بعثة دولية مؤقتة بدعوة من السلطة لتولي إدارة القطاع مع انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي، علاوة على إنشاء إدارة مدنية بمساعدة السلطة، وتشكيل مجلس تنفيذي يضم ممثلين فلسطينيين، مع تأسيس قوة أمنية جديدة غير مرتبطة بحماس، إضافة إلى توفير دعم مالي من دول عربية، وضمانات دولية لتأمين الحدود وتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية.
"عجز عربي مزمن"
وفي هذا السياق، يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة لوسيل طارق حمود إلى أن الشعب الفلسطيني يعيش حالة إحباط بعد أكثر من عام على العدوان الإسرائيلي، معتبرًا أن الاجتماعات الدولية والعربية والإسلامية "لا يمكن أن ترقى إلى مستوى الطموح الأدنى للشعب الفلسطيني".
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من الدوحة، يعتبر حمود أنه كان يؤمل من القمة التي عُقدت اليوم أكثر مما قدمته لا سيما وأنها الثانية من نوعها حيث لم تُنفذ مخرجات القمة الأولى بسبب التعنت الإسرائيلي.
كما يتحدث حمود عن "عجز عربي مزمن" له ظروفه، حسب تعبيره. ويرى أنه كان من المفترض أن تخاطب هذه القمة حاجات الشعب الفلسطيني وتتناول عاملي وقف الحرب والمساعدات الإنسانية.
وفي الوقت نفسه، يشير حمود إلى أن القمة قاربت القضية على الصعيد السياسي وسجّلت موقفًا عربيًا رافضًا للعدوان الإسرائيلي.
أزمة "سلطوية"
من جانبه، يعتبر رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي أن "موقف الدول العربية العاجز لا يمكن اختصاره بتحليل سياسي بل يؤصل له بأن هذه الأنظمة العربية لا يمكنها أن تتخذ قرارات مستقلة بمعزل عن إرادة القوى الدولية ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية على اعتبار أنها لا تمثل إرادات الشعوب العربية في معظم الأحيان".
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من الخليل، يرى الشوبكي "أن المسألة لا ترتبط بفلسطين أو بلبنان فحسب لأن السلطوية لا يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف للتعبير عن تطلعات الشعوب". ويقول: "الكل مظلوم إن كان تحت السلطوية أو تحت الاستعمار".
وبناء على ذلك، يرى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل أنه بناء على ما سبق لا يتوقع أن يخرج "دور عربي".
الحاجة إلى موقف عربي يحرك المجتمع الدولي
وفي ما يخص دور السلطة الفلسطينية، يعتبر المتحدث باسم حركة فتح عبد الفتاح دولة أنه عندما تكون القضية الفلسطينية عند مفترق طريق مهم يجب أن يقدم الشعب الفلسطيني بكل قواه وعلى رأسه القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير موقفًا وفعلاً فلسطينيًا حقيقيًا يرتقي لحجم هذا التحدي والخطر.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من رام الله، لفت دولة إلى "حالة إجماع" عبرت عنها القمة العربية بأن هناك "عجزًا دوليًا عن وقف هذه المقتلة المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني".
لكنه يعتبر أن هناك حاجة إلى موقف عربي قادر على وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته رغم عجزه. وتساءل ألم توجد هذه المنظومة الدولية من أجل وقف العدوان؟ والحفاظ على حياة وحقوق البشر؟".
وقال: "إن عجزت هذه المؤسسة فيجب أن تحل ذاتها، وعليها تحمل مسؤولياتها طالما لا تزال قائمة". وأضاف: "يجب أن نبحث عن أوراقنا فلسطينيًا وعربيًا من أجل تحريك المجتمع الدولي ووضعه أمام مسؤولياته".