حثت جنوب إفريقيا اليوم الثلاثاء محكمة العدل الدولية على إصدار رأي استشاري غير ملزم بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني، معتبرة أن القرار سيساعد الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية.
وهذه القضية منفصلة عن قضية رفعتها بريتوريا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية خلال هجومها على غزة.
وافتتح ممثلو جنوب إفريقيا اليوم الثاني من جلسات الاستماع بمحكمة العدل الدولية في لاهاي. وتأتي الجلسة في أعقاب طلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2022 لإصدار رأي استشاري، أي غير ملزم، بشأن الاحتلال الإسرائيلي. وستلقي أكثر من 50 دولة مرافعاتها أمام المحكمة حتى 26 فبراير/ شباط.
"عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي"
وقال سفير جنوب إفريقيا لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا للقضاة: إن "التوصيف القانوني الواضح لطبيعة النظام الإسرائيلي في علاقته بالفلسطينيين لا يمكن إلا أن يساعد في معالجة التأخير المستمر وتحقيق تسوية عادلة".
وهيئة المحكمة التي تضم 15 قاضيًا مطالبة الآن بإجراء مراجعة حول "الاحتلال والاستيطان والضم" الذي تقوم به إسرائيل "بما في ذلك التدابير الهادفة إلى تغيير التركيبة السكانية وطابع ووضع مدينة القدس، واعتمادها للتشريعات والتدابير التمييزية ذات الصلة".
ومن المتوقع أن يستغرق القضاة نحو ستة أشهر للتداول قبل إصدار رأي استشاري استجابة للطلب الذي يسألهم أيضًا النظر في الوضع القانوني للاحتلال وتداعياته.
إلى ذلك، دعا ممثلو الوفود في المحكمة، ومنها الوفد الجزائري، إلى إنهاء إجراءات ضم الأراضي الفلسطينية، والتوقف عن منع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وقال ممثل الجزائر في محكمة العدل الدولية، أحمد لعرابة: إن "إسرائيل تقوم بانتهاك واضح ومستمر لقواعد ومبادئ القانون الدولي".
وأكد ممثل الجزائر في مداخلته خلال الجلسة أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي لها تداعيات قانونية تؤثر على كافة المنظومة الدولية.
كما قال ممثل إنه وفقًا للقانون الدولي لا يحق للاحتلال الإسرائيلي فرض سيادته على الأراضي الفلسطينية.
من جهته شدد ممثل السعودية في محكمة العدل الدولية، زياد العطية على أنّ "إسرائيل ترتكب الإبادةَ الجماعية بحق الفلسطينيين من خلال إجراءاتها غير الإنسانية"، مضيفًا أن الممارسات الإسرائيليةَ باتت تُرتكَب على أعلى المستويات ضد الشعب الفلسطيني.
وأمس الإثنين، طالب ممثلون عن الجانب الفلسطيني قضاة أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة بإعلان عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، قائلين إن الرأي الاستشاري للمحكمة يمكن أن يساهم في دفع حل الدولتين وإحلال سلام دائم.
ولن تحضر إسرائيل جلسات الاستماع لكنها أرسلت بيانًا مكتوبا تقول فيه إن الرأي الاستشاري سيضر محاولات تحقيق تسوية عبر التفاوض مع الفلسطينيين.
موقف إسرائيل أمام محكمة العدل "ضعيف"
وفي هذا الإطار، توضح المحامية والناشطة الحقوقية ديالا شحادة، أن الإجراء الحالي هو من نوع الآراء الاستشارية التي هي بمسماها غير ملزمة، وهي نوع من إجابات تحسم الجواب القانوني لأسئلة يمكن أن تثار حصرًا من منظمة الأمم المتحدة، وهي إحدى الولايتين اللتين تتمتع بهما محكمة العدل الدولية.
وفي حديث إلى "العربي" من استديوهات لوسيل، أضافت شحادة أن أهمية الجمعية العامة للأمم المتحدة، تكمن عبر قرار صدر عن أغلبية الدول خارج إطار مجلس الأمن طلبت فيه من محكمة العدل الدولية الإجابة عن السؤال القانوني، والتحدث وحسم مسألة عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، باعتبار أن هكذا سؤال لم يطرح من قبل على محكمة قضائية، وإنما حُسم بقرارات ذات طبيعة سياسية صدرت على مستوى مجلس الأمن فقط لا غير.
والسؤال الثاني وهو الأهم، حسب شحادة يتمثل في التداعيات القانونية للاحتلال الإسرائيلي واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الفلسطينيين.
وتابعت: "على الرغم من أن هذا الإجراء هو ليس من نوع الدعاوى القضائية التي ترفع من دولة ضد دولة، وبالتالي القرارات الصادرة عنها ليس لها طبيعة الإلزامية باعتبار أنها ليست دعوى قضائية أصلًا ولكن أهميتها أنها تصدر عن أعلى مرجع قضائي دولي يحسم أسئلة قانونية لم يعد ولن يعود بالإمكان الجدل حولها سياسيًا ولا حتى قضائيًا".
وأردفت شحادة أن هذا الإجراء "بقدر ما هو مفرح لأنصار القضية الفلسطينية وأنصار الإنسانية والقانون الدولي والعدالة عمومًا، فهو محرج ومقلق جدًا للاحتلال الإسرائيلي وحلفائه.
وتعرب عن اعتقادها أن موقف الاحتلال ضعيف قانونًا، لأنه لا يمكن لأي دولة أو منظمة من الدول والمنظمات التي سوف تقدم ملاحظاتها أن تقول بأن الاحتلال مشروع أو أن تقول إن التبعات القانونية لجريمة مثل الاحتلال المستمر هي مقبولة وخصوصًا أن هذه التبعات القانونية هي عبارة عن قائمة طويلة من الجرائم التي لا تقل خطورة وجسامة عن الاحتلال، والتي يفلت مرتكبوها من العقاب، بسبب استمرار الاحتلال واستمرار سكوت المجتمع الدولي عنه وعن محاولة ردعه ووقفه والمحاسبة عليه.
واعتبرت أن إسرائيل لا يمكن أن تدافع عن نفسها بأي طريقة مقبولة قانونًا، وبالتالي سوف يكون من المهم الاطلاع على ملاحظاتها الخطية بهذا الشأن، كما أنه من المهم الاطلاع أيضًا أو متابعة مطالعات فيما لو كانت شفهية التي سوف تقدمها الدولة الراعية لإسرائيل، التي هي الولايات المتحدة الأميركية.