مع تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بدأت صحف غربية تعترف بإخفاق الاحتلال في تحقيق أهدافه العسكرية التي أعلنها لأنها غير واقعية، مبدية تساؤلات عن كيفية انتهاء هذه الحرب.
فقد سألت صحيفة "التايمز" البريطانية عما إذا كانت إسرائيل تخوض مهمة مستحيلة في غزة؟. ورأت الصحيفة أنه بعد أكثر من شهرين من القتال والقصف، فإنّ الهدف العسكري الإسرائيلي المعلن بالقضاء على حركة "حماس" قد يبدو غير واقعي.
وأضافت أن تاريخ الحروب في العقود الأخيرة أثبت أن الأهداف العسكرية الأوليّة يمكن أن تكون بعيدة المنال، أو مبالغًا فيها وفي بعض الحالات، عرضة للتغيير.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل قصفت بشكل منهجي المباني في غزة، مدعية أنها مراكز عمليات لحماس، ومع ذلك، لا تزال الحركة تعمل كوحدة قتالية.
وفي حين لفتت إلى أن مصير المدنيين الفلسطينيين أصبح الآن في قلب مخاوف واشنطن بشأن الطريقة التي تدير بها إسرائيل الحرب، رأت الصحيفة أن أي نصر تكتيكي - على حد قول الصحيفة - من خلال قتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة يحيى السنوار وقادة آخرين؛ لن تكون له أهمية وستنتشر أيديولوجية حماس لأجيال قادمة.
كيفية انتهاء الحرب على غزة
من جانبها، نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالًا يجمع آراء دبلوماسيين وباحثين حول كيفية انتهاء الحرب على غزة.
ورأى الدبلوماسي الأميركي السابق دانييل كيرتزر أن الحرب الإسرائيلية كان تأثيرها على المدنيين وحشيًا. واعتبر أنه لا بد من وقف إطلاق النار وأن تتوقف إسرائيل عن الوعد بأنها سوف تدمر حماس.
ووصف كيرتزر هدف إسرائيل بتدمير "حماس" بـ"الفارغ"، إذ يضعها في مأزق فهي إما ستبدو ضعيفة في حال تراجعت عنه، وإما يتعين عليها أن تبقى في غزة بحثًا عن آخر مقاتل من حماس وسيكون ذلك بعيد المنال.
وزعم أن إضعاف قدرة حماس على العمل من غزة يشكل هدفًا عسكريًا أكثر واقعية من الإعلان عن نية القضاء على الحركة.
"التعلم من دروس حروب واشنطن"
أما في صحيفة "ذاهيل" الأميركية فرأى يوهانس لينغ أنه يتعين على إسرائيل أن تتعلم دروس حروب أميركا في فيتنام وأفغانستان، وأن مسار التصعيد الذي تتبعه إسرائيل حاليًا سوف تكون له نتائج عكسية كما فعلت حملة القصف الأميركية في فيتنام.
وأوضح لينغ أن كل غارة جوية، وكل سقوط مدني، وكل يوم من الحرب، يضعف إسرائيل على المدى الطويل، مضيفًا أن المنطق الخاطئ المتمثل في القضاء على "حماس" يعمي رؤية نتنياهو، فالدعوة إلى القضاء على حماس هي دعوة مفتوحة لإبادة جماعية، وفق رأيه.
وبحسب الكاتب، فمن أجل التوصل إلى حل دائم، يتعين على السلطة الفلسطينية بعد إعادة تشكيلها التحالف مع الأطراف السياسية المعارضة بما في ذلك حماس، وعلى المدى الطويل البحث في مسألة سلاح الجماعات على طاولة المفاوضات.
"حرب ضد الشعب الفلسطيني"
من جهته، رأى جيريمي سكاهيل في موقع "ذا إنترسبت" الأميركي أن الحرب الدائرة في غزة هي ليست ضد حماس وإنما ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وأن فكرة أن الحرب ستنتهي إذا تمت الإطاحة بحماس أو استسلامها هي فكرة خاطئة.
وقال: "رغم ما شهدناه من دمار وقتل للمدنيين، يواصل جو بايدن وغيره من المسؤولين الأميركيين الدفاع عما يجري من خلال طرح فكرتهم البالية حول حق إسرائيل في الدفاع عن النفس".
وأضاف أنه "على الرغم من كل الوقت الذي استهلكه وزير الخارجية أنتوني بلينكن وغيره من المسؤولين في التظاهر بمسألة حماية المدنيين الفلسطينيين، فإن ما تكشف على الأرض ليس أقل من تجميع سكان غزة وقتلهم".
وبحسب الكاتب سواء بوجود حماس أو بدونها، ستستمر حرب إسرائيل ضد الفلسطينيين بسبب السياسة الخارجية الأميركية.
بدورها، أشارت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية إلى أن ما حصل في 7 أكتوبر دمّر المفهوم الإستراتيجي الذي سمح لإسرائيل وقسم كبير من العالم العربي بتجاهل محنة الفلسطينيين.
وأضافت أنه لم يعد بوسع أحد أن يتظاهر بأن الحوافز المالية والضربات الجوية الإسرائيلية قادرة على السيطرة على حماس، معتبرة أنه أمام قتامة المشهد لم يبق سوى أمل وحيد هو تحقيق السلام.