الجمعة 13 Sep / September 2024

إرجاء اجتماع "إكواس".. هل أصبحت العملية العسكرية في النيجر حتمية؟

إرجاء اجتماع "إكواس".. هل أصبحت العملية العسكرية في النيجر حتمية؟

شارك القصة

فقرة من "صباح جديد" تناقش التدخل العسكري في النيجر (الصورة: وسائل التواصل)
بحسب مصادر إقليمية، تم تأجيل اجتماع "إكواس" الذي كان مقرّرًا السبت لنقاش الوضع في النيجر، "لأسباب فنية" من دون الكشف عن موعد جديد.

أرجأت دول غرب إفريقيا اجتماعًا مهمًا كان مقررًا السبت حول نشر قوة تدخل لإعادة الرئيس محمد بازوم الذي أطاحه انقلاب في النيجر، حيث جمعت تظاهرة مؤيدة للعسكريين الانقلابيين آلافًا من أنصارهم.

وكان من المقرر أن يلتقي قادة أركان جيوش دول الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) في العاصمة الغانية أكرا السبت من أجل تقديم المشورة لقادة المنظمة بشأن "أفضل الخيارات"، في ما يتعلق بقرارهم تفعيل ونشر "قوتها الاحتياطية".

لكن بحسب مصادر عسكرية إقليمية، تم تأجيل الاجتماع "لأسباب فنية" من دون الكشف عن موعد جديد.

وكان آلاف من أنصار الانقلابيين في النيجر تجمعوا الجمعة قرب القاعدة العسكرية الفرنسية في العاصمة نيامي.

وهتف المتظاهرون خلال التجمع "فلتسقط فرنسا، فلتسقط إكواس"، وذلك غداة قمة "إكواس" التي انتهت بالموافقة على تدخّل عسكري محتمل في النيجر.

ورفع المتظاهرون أعلامًا روسية ونيجرية، مؤكدين دعمهم للعسكريين الذي استولوا على السلطة، وخصوصًا قائدهم الجنرال عبد الرحمن تشيباني.

ومنذ الانقلاب، يستهدف العسكريون فرنسا بشكل خاص، متهمين إياها بأنها كانت وراء قرار دول غرب إفريقيا تفعيل "قوة الاحتياط" لديها تمهيدًا لنشرها في النيجر لإعادة النظام الدستوري، من دون الكشف عن جدول زمني محدد للتدخل.

وتنشر فرنسا في النيجر نحو 1500 من جنودها بهدف دعم القوات المسلّحة النيجرية في التصدّي للمجموعات المسلحة.

قلق على بازوم

وبعد أكثر من أسبوعين على الانقلاب الذي أطاح الرئيس محمد بازوم في 26 يوليو/ تموز، تتزايد المخاوف بشأن ظروف اعتقاله.

وشجب الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة "تدهور ظروف اعتقال" بازوم المحتجز مع زوجته وابنه.

وأبدى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "استياءه" من رفض العسكريين الإفراج عن بازوم وعائلته "كبادرة حسن نية".

بدورها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش التي تحدثت مع بازوم إنّ معاملته وعائلته "غير إنسانية وقاسية"، مشيرة إلى أنّه محروم من الكهرباء منذ 2 أغسطس/ آب، وليس هناك أيّ تواصل بشري معه منذ أسبوع.

وفي حال تدخّلت "إكواس" عسكريًا في النيجر، فإن المخاوف على سلامة بازوم ستتزايد، بحسب أحد المقربين منه. وأكد المصدر أن الانقلابيين لوحوا باستهدافه إذا ما حصل التدخّل العسكري.

وأكد أحد مستشاريه الذي تحدث معه مؤخرًا لوكالة فرانس برس أنّ "التدخل سيكون محفوفًا بالمخاطر وهو يدرك ذلك، ويرى أنه يجب العودة إلى النظام الدستوري، معه أو بدونه"، لأن "سيادة القانون أهمّ من شخصه".

زيارة إلى مالي

وفي ختام قمتها في أبوجا الخميس، جددت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا الإعراب عن أملها في التوصل إلى حل عبر القنوات الدبلوماسية، فقد قال رئيس نيجيريا بولا تينوبو الذي يتولى الرئاسة الدورية للمنظمة: إنه يأمل "في التوصل إلى حل سلمي"، وأن اللجوء إلى القوة يبقى "الحل الأخير".

لكن الانقلابيين يظهرون تصلبًا إزاء محاولات "إكواس" التفاوض على حلّ.

والثلاثاء، رفض قادة الانقلاب مسعى لإيفاد فريق يضم ممثلين عن "إكواس" والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي إلى نيامي.

تجمع أنصار الانقلابيين في النيجر تجمعوا الجمعة قرب القاعدة العسكرية الفرنسية في العاصمة نيامي
تجمع أنصار الانقلابيين في النيجر تجمعوا الجمعة قرب القاعدة العسكرية الفرنسية في العاصمة نيامي - غيتي

ويعتبر الانقلابيون أن الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا منظمة "تعمل لحساب" فرنسا، واتهموا باريس الأربعاء بانتهاك المجال الجوي للنيجر المغلق، مؤكدين أن طائرة عسكرية فرنسية أتت من تشاد، وأن الجيش الفرنسي "حرّر إرهابيين"، وهو اتهام نفته فرنسا بشدة.

وشكل الانقلابيون حكومة برئاسة علي الأمين زين، وهو مدني، ويتولى فيها العسكريون المناصب الرئيسية، ولا سيما حقيبتي الدفاع والداخلية، وقد اجتمعت لأول مرة الجمعة.

كما فصل الانقلابيون العديد من رؤساء الشركات والإدارات العامة.

وليست كل دول غرب إفريقيا معارضة للسلطات الجديدة في النيجر، فقد أعلنت كل من مالي وبوركينا فاسو المجاورتين وحيث تتولى السلطة حكومتان عسكريتان استولتا على السلطة عبر انقلابين، أن أي تدخّل عسكري سيمثل "إعلان حرب" عليهما.

وأفاد مستشار في الرئاسة المالية طلب عدم الكشف عن هويته، أن وزير الدفاع النيجري الجديد الجنرال ساليفو مودي قام بزيارة قصيرة إلى مالي الجمعة.

كما أعربت روسيا مجددًا الجمعة عن رفضها أي تدخل عسكري في النيجر "يمكن أن يؤدي إلى مواجهة طويلة الأمد في هذا البلد الإفريقي وإلى زعزعة حادّة للاستقرار في منطقة الصحراء والساحل بأسرها".

ما مضمون اجتماع دول غرب إفريقيا؟

وفي هذا الإطار، أفاد مراسل "العربي" خليل كلاعي من أبوجا، أنه على الأرجح لم يحدد بعد موعد اجتماع دول غرب إفريقيا الذي تم إرجاؤه، مشيرًا إلى أن لهذه الخطوة دلالات خاصة وأن هذا الاجتماع سيتناول التفاصيل التنظيمية والعملياتية لأي تدخل أو عملية عسكرية محتملة تجاه النيجر.

ولفت إلى أن الواضح أن "إكواس" أقرت العمل العسكري، على الأقل على المستوى الرسمي، وسط حديث عن عملية عسكرية وشيكة، مشيرًا إلى أن تدابير العملية العسكرية تأخذ أشكالها الترتيبية والتنظيمية، لكن في الوقت نفسه خاصة على المستوى الرسمي، لا يزال الباب مفتوحًا أمام الخيارات.

وفيما يشير إلى أن العملية العسكرية تتطلب الإعداد والتحضير لفترة زمنية ربما تكون أسابيع أو شهورا، يلفت إلى أن الجميع يتعاملون معها كخيار أخير على المستوى الرسمي.

من جانبه، يشير الخبير العسكري والإستراتيجي محمد عبد الواحد، إلى أن إكواس ومنذ اللحظات الأولى لانقلاب النيجر أخذت موقفًا تصعيديًا يبدو أكثر تشددًا، موضحًا أن هذا التشدد كان نابعًا من حسابات خاطئة للإكواس، التي كانت تعتقد أن انقلاب النيجر هو شبيه بالانقلابات التي حدثت في منطقة غرب إفريقيا من قبل.

وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة المصرية القاهرة، يشير عبد الواحد إلى أن إكواس فوجئت بأمور جديدة، وأن هناك تحديات تحول دون إتمامها عملية عسكرية في النيجر، وإعادة الرئيس بازوم مرة أخرى إلى السلطة وتطبيق الشرعية.

ويتابع أن هذه الأمور أهمها التصعيد المستمر من قبل الانقلابيين، بدءًا من رفضهم التام لعودة الشرعية، وانتهاء بتشكيل حكومة في النيجر ورفضهم أي نوع من الوساطات.

ويردف عبد الواحد، أن إكواس لم تكن متابعة للتغيرات التي طرأت على رأس النظام الدولي والتي أثرت على الإقليم، وسط حالة من الاستقطاب الشديد ما بين استقطاب للغرب واستقطاب للشرق.

ويرى أن إكواس غير مستعدة لنشر أي قوات لدخول أي حرب، في ظل الغموض الذي يلف شكل العملية العسكرية، ما إذا كانت كبيرة ضد الجيش النيجيري أم هي محاصرة النيجر؟ أم هي عملية نوعية تقوم بها قوات النخب أو قوات الكوماندوس للهجوم على مبنى الرئاسة والإطاحة بالانقلابين.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
تغطية خاصة
Close