شهدت عدة مدن إيرانية مظاهرات حاشدة، اليوم السبت، احتجاجًا على ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وقالت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية إن قوات الأمن فرقت أكثر من 300 شخص في إقليم خوزستان (جنوب غرب) واعتقلت العشرات.
في حين قال نائب إيراني لوسائل إعلام محلية، إن شخصًا قتل في مظاهرة جنوب غربي البلاد، بينما انتشرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر خروج المظاهرات بعدة مدن احتجاجًا على فقدان مواد أساسية مثل الخبز والحليب.
كما عمد المحتجون إلى إضرام النيران في محال تجارية، وكانت مدينة رشت الشمالية وبلدة فارسان بوسط البلاد ومدينة نيسابور الشمالية الشرقية من بين المناطق التي شهدت الاحتجاجات.
واندلعت الاحتجاجات بسبب خفض الدعم الحكومي للقمح المستورد، مما تسبب في ارتفاع أسعار مجموعة من السلع الغذائية القائمة على الطحين بنسبة تصل إلى 300%، كما رفعت حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي أسعار سلع أساسية مثل زيت الطهي ومنتجات الألبان.
المواقف الرسمية من الاحتجاجات
في هذا السياق، قال أمين المجلس القومي الإيراني علي شمخاني إنّ المظاهرات الأخيرة في بعض مدن إيران بسبب ارتفاع الأسعار، "لا علاقة لها بموجة الإعلام المعادي وأتباعها الداخليين".
وأضاف شمخاني عبر تويتر أن "الحكومة ستتغلب على جميع العقبات من خلال الإصلاحات وتحسين الموارد ودعم الشعب رغم الحرب التي يشنها العدو بفرض العقوبات التي استمرت ثماني سنوات".
من جهته، صرّح وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي أن أعداء إيران يسعون بأي طريقة لدفع الناس للنزول إلى الشوارع، مردفًا في مقابلة تلفزيونية أن "محاولاتهم تقتصر على تركيب مقاطع فيديو لمظاهرات تعود إلى فترات زمنية مختلفة".
"جراحة يحتاجها الجسد الاقتصادي"
ومن طهران يتحدث مراسل "العربي" حازم كلاس عن أن سبب فقدان بعض المواد الأساسية الذي أشعل فتيل الاحتجاجات هو أنه قبل بضعة أيام بدأت حكومة رئيسي بتنفيذ خطة معدة مسبقًا في إطار ما تسميه "الإصلاح الاقتصادي" وما يصفها الرئيس الإيراني بأنها "جراحة يحتاجها الجسد الاقتصادي لإيران".
وضمن هذه الخطة أعادت السلطات ترتيب منظومة الدعم الحكومي للمواد الأساسية، عبر رفع سعر الطحين إلى جانب مواد أخرى.
فبعد أن كانت الحكومة تقدم دعمًا مباشرًا للمعامل والأفران، تبدل الوضع حاليًا ليصبح الدعم على شكل مساعدات مالية تودع في حساب الفئات محدودة الدخل من الشعب، على أن يتحول بدوره بعد شهرين إلى قصائص مساعدات، بحسب كلاس.
كذلك، يشير مراسل "العربي" إلى أن الحكومة الإيرانية تهدف من خلال هذه الآلية الجديدة، إلى الحد من تهريب المواد الأساسية والسلع إلى خارج إيران، نظرًا لتفاوت أسعارها بين السوق الداخلية ودول الجوار، مثل البنزين والمواد الغذائية، كما تسعى طهران إلى تحسين الظروف المعيشية.
إلا أن هذه الخطة واجهتها انتقادات بسبب طريقة تنفيذها، إذ وفق كلاس فإن البرلمان الإيراني والنظام برمته يدعم الحكومة في خطتها لكن آلية تطبيق السياسات الأساسية أدت إلى فقدان بعض السلع الأساسية وارتفاع أسعار أخرى.
وترجع الحكومة سبب ذلك إلى احتكار بعض التجار لهذه المواد، إذ تم الكشف عن بعض المستودعات التي تخبئ فيها السلع.