الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

احتياط أميركا وخفض أسعار المحروقات.. هل تتجاوز أوروبا عقدة غاز روسيا؟

احتياط أميركا وخفض أسعار المحروقات.. هل تتجاوز أوروبا عقدة غاز روسيا؟

شارك القصة

فيديو من "أنا العربي" يستعرض حرب الطاقة بين روسيا والغرب (الصورة: غيتي)
تدور النقاشات حول ما إذا كان من الممكن لروسيا قطع الغاز الطبيعي عن أوروبا، وتحدثت ألمانيا عن خيارات التقنين بينما فتحت أميركا الاحتياطات النفطية الإستراتيجية.

مع استمرار الهجوم الروسي على أوكرانيا، تسود حالة من عدم اليقين عن مصير قطاع النفط والغاز حول العالم، خاصة بعد اتخاذ الولايات المتحدة قرارًا بوقف استيراد النفط الروسي، والتخبط الأوروبي مع التهديد الروسي بقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن القارة العجوز.

وبينما تدور النقاشات في القارة الأوروبية حول ما إذا كان من الممكن لروسيا قطع الغاز الطبيعي عنها، والتسبّب في ضربة كبيرة لاقتصاداتها، تحدثت ألمانيا عن خيارات التقنين في حال انقطاعه.

أما الولايات المتحدة، فسمحت بسحب مليون برميل نفط يوميًا من احتياطياتها النفطية الإستراتيجية لمدة 6 أشهر، في خطوة تهدف لكبح أسعار الطاقة التي ارتفعت بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.

وطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالدفع بالروبل مقابل صادرات بلاده من الغاز.

ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن محللين قولهم إن "تغيير العملة يكون متبوعًا بمفاوضات مطوّلة، حيث يطالب المشترون بضمانات تتعلّق بتقلبات أسعار العملة، خاصة في حالة الدفع بالروبل وما يشهده من حالة عدم استقرار".

وفيما يمكن اعتباره ثغرة في العقود، أكد الكرملين أنه سيتعيّن على المستوردين ببساطة إنشاء حساب بالدولار أو اليورو في بنك معين، ثمّ حساب آخر بالروبل، على أن يدفع المستوردون فاتورة مقابل عقود الغاز باليورو أو الدولار، ويتم استبدال هذه الأموال بالروبل.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الجمعة، إن التغيير "لن يحدث بشكل آني، فالمدفوعات على الشحنات الجارية الآن يجب ألا تتم الآن، ولكن في وقت ما أواخر أبريل أو مطلع مايو".

ورفض قادة الدول الأوروبية الاقتراح الروسي، ووصفوه بأنه "ابتزاز"، مؤكدين أن المدفوعات ستستمر بالدولار واليورو.

ما الذي يسعى إليه بوتين؟

يقول الكرملين إن التغيير في هذه الإجراءات ضروري، لأن العقوبات الغربية جمّدت احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية.

لكن بما أن الإجراء يستهدف المستوردين في "البلدان غير الصديقة"، فقد اعتبرت وكالة أسوشييتد برس أنه يُعتبر "انتقامًا" للعقوبات التي منعت العديد من البنوك الروسية من المعاملات المالية الدولية، ودفعت بعض الشركات الغربية إلى التخلي عن أعمالها في روسيا.

وشرحت أن المزايا الاقتصادية التي قد تجنيها روسيا من الناحية النظرية قد تعني زيادة الطلب على الروبل، وهو ما قد يعني دعم سعر الصرف، خاصة بعد الانخفاضات التي طالته بعد الأيام الأولى من الحرب على أوكرانيا، وهو ما قد يتطلّب من "غازبروم" المصدر للغاز أن تبيع 80% من مبيعاتها بالروبل، من أجل تعزيز العملة الروسية.

وأشار الكرملين إلى أنه يريد أيضًا توسيع إجراءات مدفوعات الروبل لسلع أخرى، مثل المعادن.

وفي هذا الإطار، قال ستيفان مايستر، من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية: "إن الدوافع قد تكون سياسية.. روسيا ليست مهتمة بوقف الغاز، لكنها تريد نوعًا من النصر السياسي، تريد أن تظهر بوتين بأنه يحدد الشروط التي بموجبها يتم تصدير الغاز".

ورأى أن هذه الإجراءات تستهدف جزئيًا كسب شعبية في الداخل، حيث يمكن لبوتين القول لشعبه "انظروا هذه دولة معادية، وعليهم الآن الدفع بموجب مخططات مختلفة".

وقال مايستر إن الدافع الآخر قد يكون حماية "غازبروم بنك" من التعرّض للعقوبات لأنه سيكون قناة للمدفوعات التي تحافظ على تدفّق الغاز.

وتوفّر روسيا نحو 40% من احتياجات أوروبا من الغاز ونحو 25% من احتياجاتها من النفط، ولهذا نسّقت الدول الأوروبية والولايات المتحدة من أجل إعفاء منسق لمدفوعات النفط والغاز من العقوبات.

وأفادت مواقع رصد مشغّلي خطوط أنابيب النفط الواصلة لأوروبا؛ بأن الغاز استمرّ بالتدفّق بشكل طبيعي، الجمعة، إلى شبكة الأنابيب الأوروبية.

ولا يشعر الكثيرون بالرضى لأن المرافق الأوروبية لا تزال تشتري الطاقة من روسيا، خاصة وأن 43% من الإيرادات الحكومية الروسية تأتي من مبيعات النفط والغاز، بين عامي 2011 و2020 .

الاقتصادات الأوروبية والغاز الروسي

ورأت الوكالة أن اقتصادات الدول الأوروبية ستُكافح من أجل النجاة من دون الغاز الروسي، وقد يختلف التأثير بناء على مدى اعتماد الدول عليه.

وقالت مونيكا شنيتزر، أستاذة الاقتصاد بجامعة ميونيخ، إن ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، "تعتمد بشكل كبير على إمدادات الطاقة الروسية"، مضيفة أن "تعليق هذه الإمدادات ينطوي على خطر انزلاق الاقتصاد الألماني إلى الركود مع معدلات تضخم أعلى بشكل ملحوظ".

ووصل التضخّم بالفعل إلى مستويات قياسية ما جعل كل شيء أكثر تكلفة، فهو مدفوع بزيادة أسعار الطاقة، في وقت تواجه فيه أوروبا أزمة طاقة حتى قبل اندلاع الحرب.

وتركت الأزمة الحكومات والشركات تتدافع لجمع الإمدادات من مصادر أخرى، لكنها لن تكون كافية لتغطية ما يتمّ استخدامه الآن إذا توقّف الغاز الروسي فجأة.

وقدّر مركز أبحاث "بريوغل" (Bruegel) أن أوروبا ستعاني نقصًا بنسبة تتراوح بين 10% إلى 15% من الغاز لتجاوز موسم الشتاء، مما يعني أنه سيتعين اتخاذ تدابير استثنائية لتقليل استخدام الغاز.

وقال القادة الأوروبيون إنهم لا يستطيعون تحمّل عواقب القطع الفوري لإمدادات الغاز، وإنهم يخطّطون لتقليل استخدام الغاز الروسي في أسرع وقت ممكن، ويطلبون مزيدًا من الغاز الطبيعي المسال الذي يأتي عن طريق السفن، والبحث عن المزيد من الغاز من خطوط الأنابيب من النرويج وأذربيجان، إضافة إلى تسريع نشر طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

ويسعى قادة الاتحاد الأوروبي إلى خفض استخدام الغاز الروسي بمقدار الثلثين بحلول نهاية العام الحالي، وخفض كامل بحلول عام 2027.

والوضع خطير لدرجة أن ألمانيا أعلنت إنذارًا مبكرًا لحالة طوارئ في مجال الطاقة، وهي المرحلة الأولى من ثلاث مراحل.

وفي حالة الطوارئ الكاملة، يجب على المنظّمين الحكوميين تحديد الشركات التي ستُمنع عنها إمدادات الغاز لتجنّب قطعها عن المنازل والمستشفيات.

ومن شأن هذا التقنين أن يضرب الاقتصاد الأوروبي الذي يعاني بالفعل من تداعيات الحرب وارتفاع أسعار الطاقة التي رفعت التضخم إلى مستوى قياسي بلغ 7.5%.

الاحتياطي الأميركي من النفط

من جهتها، أقدمت الإدارة الأميركية على "أكبر عملية سحب" من الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي في تاريخ الولايات المتحدة، إذ سيبلغ إجمالي الكمية حوالي 180 مليون برميل نفط، في خطوة تهدف لكبح أسعار الطاقة التي ارتفعت بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.

وذكر موقع "أكسيوس" الأميركي أن الولايات المتحدة تمتلك احتياطيًا استراتيجيًا من النفط تبلغ كميته حوالي 568 مليون برميل، مخزّنة في خزانات جوفية تحت الأرض على سواحل تكساس ولويزيانا.

وتحتفظ الولايات المتحدة بهذا الاحتياطي لتعويض أي نقص في إمدادات النفط. وقد أنشأته السلطات الأميركية استجابة لأزمة حظر تصدير النفط خلال عامي 1973 و1974.

ووفقًا لوزارة الطاقة الأميركية، يعتبر هذا الاحتياطي أداة هامة للاستجابة لحالات الطوارئ بوجود تهديدات بتعطيل الاقتصاد بسبب الإمدادات.

ويبقى استخدام المخزون الاستراتيجي من النفط أو جزء منه رهن قرار من الرئيس الأميركي. وفي الماضي، قرّر رؤساء أميركيون بيع الاحتياطي النفطي الاستراتيجي ثلاث مرات: الأولى عام 1991 خلال العملية العسكرية التي تلت غزو العراق للكويت، والثانية عام 2005 خلال الإعصار "كاترينا" الذي ضرب الولايات المتحدة، ثم خلال الثورة التي شهدتها ليبيا عام 2011.

وبموجب الأمر الأخير الذي وقّعه بايدن، فإن وزارة الطاقة ستقوم بإجراء عملية بيع عام لمليون برميل يوميًا، من خلال مزاد تنافسي.

ويمكن لوزارة الطاقة الاستفادة من كميات الاحتياطي الاستراتيجي بالسماح لبعض الشركات الخاصة بإجراء اتفاقيات مبادلة، وهو ما حصل في أعقاب إعصار "إيدا" عام 2021.

وتتمّ اتفاقيات التبادل بالسماح لشركات تكرير النفط باستخدام كميات من الاحتياطي الاستراتيجي، مقابل تعويضها في مرحلة لاحقة، ويضاف لها كميات أخرى من النفط.

وذكرت وزارة الطاقة الأميركية أن عملية وصول النفط للأسواق تحتاج إلى حوالي 13 يومًا بعد توقيع القرار الرئاسي.

هل سيؤدي الإعلان الأميركي إلى خفض الأسعار؟

نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن سكوت شيفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة "بايونير ناتشورال ريسورسز"، وهي شركة نفط كبرى في تكساس، قوله "إن ذلك سيخفض سعر النفط قليلًا ويشجع على مزيد من الطلب". لكنّه أكد في الوقت نفسه، أن القرار "لا يزال أشبه بإسعافات أولية لنقص بعض الإمدادات".

من جهتها، اعتبرت مؤسسة "جي بي مورغان" الجمعة، أن عملية السحب من الاحتياطي الاستراتيجي "قد تساعد في استقرار أسعار النفط عام 2022، لكن إمدادات النفط الروسية قد تترك أثرًا عميقًا خلال عام 2023".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close